15 مايو 2024
العراق والرهان الأميركي على العبادي
التقى رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في واشنطن، الرئيس الأميركي باراك أوباما، بناء على دعوة الأخير له، بسبب تسارع التطورات الميدانية على الأرض في العراق، في أثناء "عملية تكريت" وبعدها، وهي العملية التي كانت دلالاتها الرئيسة، الإعلان الرسمي من بغداد وطهران عن دخول قوات إيرانية بصنوف مقاتلة ومساندة في هذه العملية، ما أثار ردود أفعال كبيرة جدا لدى العراقيين، أولاً، ثم لدى المحيط العربي والإقليمي والدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة التي ترتبط والعراق باتفاقية الإطار الاستراتيجية، والتي أبدت واشنطن، بموجبها، استعدادها لدعم الحكومة العراقية (الحليفة)، ومساندتها في تعزيز قدراتها العسكرية، لتحقيق (النصر) على الإرهاب، واسترجاع أراضيه ومدنه من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
قال الناطق الرسمي لرئيس الوزراء العراقي، سعد الحديثي، قبل لقاء أوباما والعبادي، إنهما سيبحثان "تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للعراق، في المجال العسكري واللوجستي والتدريب وتجهيز القوات الأمنية بالأسلحة"، ولعل هذا هو الإطار البروتوكولي للزيارة والمسموح للعراق الحديث به لوسائل الإعلام، بل حتى لفرقاء العملية السياسية في المنطقة الخضراء في بغداد؛ إذ كان لتوقيت توجيه الدعوة (منتصف مارس/آذار الماضي) دلالاته العميقة في المشهد العراقي الذي بدا فيه للولايات المتحدة أن حكومة العبادي، وبتنسيق، ثم، بشراكة كاملة مع الحكومة الإيرانية، يسعيان، من خلال عملية تكريت، إلى إرباك الاستراتيجية الأميركية في العراق، ليست المتعلقة بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية وحسب، بل بالحسبة النهائية للواقع الجيوسياسي لهذا البلد، وللمنطقة عموماً. وبدا لواشنطن، بوضوح، أن هناك قوى عراقية عديدة، مؤثرة، وحاضرة في المشهد الرسمي والعقائدي العراقي، تعمل بإمرة، أو لصالح مشروع إيراني منافس ومؤثر على أرض العراق، ما استوجب تحركا أميركيا جلياً، بدأ بتصريحاتٍ، ثم زيارات لوزراء وقادة عسكريين أميركيين لبغداد، مع تركيز إعلامي أميركي حول الوجود العسكري الإيراني العلني في القيادة والقطعات المقاتلة على أرض محافظة صلاح الدين، وما يمكن أن يخلفه من تداعيات في الشأن العراقي الداخلي.
بلغت الخشية الأميركية من تنامي الدور العسكري الإيراني في العراق مبلغها، في عملية تكريت، حتى أبلغ السفير الأميركي في بغداد العبادي قلق إدارته، وعدم رضاها عن سماح حكومته للإيرانيين بالوجود العسكري العلني والكثيف والقيادي لهذه العملية، وأمام الأسطوانة التي عمدت كل الجهات (العراقية) المتواطئة مع المشروع الإيراني حول "حاجة العراق لحليف يقف معه، لإنقاذه من خطر تنظيم الدولة الإسلامية "، كان العرض الأميركي جاهزاً مع رسالة أوباما، وهي دعم أميركي استثنائي لحسم معركة تكريت، شريطة أن تنسحب من هناك القوات الإيرانية، وقوات الحشد الشعبي، لعلم واشنطن أنها قوات إيرانية المضمون عراقية الانتساب، وبسبب قوة الرسالة الأميركية، ولأن الموقف على الأرض لم يكن لصالح القوات العراقية والإيرانية والحشد الشعبي، وافق العبادي على الطلب الأميركي، فتفهمت طهران موقفه، وغضب قادة الحشد الشعبي، كون المعركة (المعارك) التي يخوضونها ليست ذات صبغة عملياتية عسكرية فقط، بل هي عمليات انتقام وتصفية حسابات عقدية تاريخية، ترتبط بالإساءة لمعتنقي المذهب الآخر في العراق.
رافق العرض الأميركي للعبادي بإنجاز الحسم في معركة تكريت على الطريقة الأميركية المطلقة، دعوة لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد عقد الثلاثاء، الرابع عشر من إبريل/نيسان الجاري، وقد أربكت الدعوة، في واقع الأمر، طهران التي كانت قد تسرّعت، فيما يبدو، بإطلاق تصريحات لقادة ومسؤولين قالوا فيها إن "إمبراطورية الفرس تعود من جديد، وعاصمتها بغداد"، كما أساؤوا بتصريحاتهم كثيراً للعرب، أمة ودولاً، ما أثار ردود أفعال عربية ودولية كثيرة. ومع التحرك الأميركي، أحست طهران أن واشنطن شعرت، هذه المرة، فعلاً، بتجاوز قادة إيران الخطوط الحمراء، المسموح بها في التعامل مع المصالح الأميركية. لذلك، عمدت، بشكل واضح، إلى إخماد نيران الماكنة الإعلامية في إيران وفي العراق، على حد سواء، ثم عادت، فقللت من شأن التصريحات والمتحدثين بها، وقالت إنهم لا يمثلون الموقف الرسمي الإيراني.
دعوة باراك أوباما العبادي ذات وجهين. الأول، هو، وكما ذكر المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، يتعلق بـ "تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للعراق في المجالين، العسكري واللوجستي، والتدريب وتجهيز القوات الأمنية بالأسلحة"، وكأن واشنطن لا تستطيع تأكيد هذه الأمر (الموجود فعلاً) إلا بدعوة الرئيس الأميركي رئيس الوزراء العراقي! وأن وزير الدفاع الأميركي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية وكل المسؤولين الأميركيين غير قادرين على إبلاغ هذا التعهد، وتطمين بغداد من خلال تأكيد الضمانات التي تمليها اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" بين البلدين! أما الوجه الثاني، فهو ترغيبي، يرتبط بسيناريو أميركي، لاستمالة العبادي الذي يشعر بالوهن، جراء تدخل أطراف عديدة في إدارة ملفات بلاده، بما جعل من هيبته، رئيساً لوزراء العراق، في مهب الريح، استمالته، ليكون مع تغييرات في المشهد العراقي السياسي، تكون فيه واشنطن صاحبة القوة والقدرة معا على حسم الصراعات في العراق، حتى مع وجود إيران، خصوصاً وأن نموذج تكريت أظهر الفارق في قدرة واشنطن وطهران على حسم المعارك، استنادا إلى القوة المجردة.
قال الناطق الرسمي لرئيس الوزراء العراقي، سعد الحديثي، قبل لقاء أوباما والعبادي، إنهما سيبحثان "تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للعراق، في المجال العسكري واللوجستي والتدريب وتجهيز القوات الأمنية بالأسلحة"، ولعل هذا هو الإطار البروتوكولي للزيارة والمسموح للعراق الحديث به لوسائل الإعلام، بل حتى لفرقاء العملية السياسية في المنطقة الخضراء في بغداد؛ إذ كان لتوقيت توجيه الدعوة (منتصف مارس/آذار الماضي) دلالاته العميقة في المشهد العراقي الذي بدا فيه للولايات المتحدة أن حكومة العبادي، وبتنسيق، ثم، بشراكة كاملة مع الحكومة الإيرانية، يسعيان، من خلال عملية تكريت، إلى إرباك الاستراتيجية الأميركية في العراق، ليست المتعلقة بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية وحسب، بل بالحسبة النهائية للواقع الجيوسياسي لهذا البلد، وللمنطقة عموماً. وبدا لواشنطن، بوضوح، أن هناك قوى عراقية عديدة، مؤثرة، وحاضرة في المشهد الرسمي والعقائدي العراقي، تعمل بإمرة، أو لصالح مشروع إيراني منافس ومؤثر على أرض العراق، ما استوجب تحركا أميركيا جلياً، بدأ بتصريحاتٍ، ثم زيارات لوزراء وقادة عسكريين أميركيين لبغداد، مع تركيز إعلامي أميركي حول الوجود العسكري الإيراني العلني في القيادة والقطعات المقاتلة على أرض محافظة صلاح الدين، وما يمكن أن يخلفه من تداعيات في الشأن العراقي الداخلي.
بلغت الخشية الأميركية من تنامي الدور العسكري الإيراني في العراق مبلغها، في عملية تكريت، حتى أبلغ السفير الأميركي في بغداد العبادي قلق إدارته، وعدم رضاها عن سماح حكومته للإيرانيين بالوجود العسكري العلني والكثيف والقيادي لهذه العملية، وأمام الأسطوانة التي عمدت كل الجهات (العراقية) المتواطئة مع المشروع الإيراني حول "حاجة العراق لحليف يقف معه، لإنقاذه من خطر تنظيم الدولة الإسلامية "، كان العرض الأميركي جاهزاً مع رسالة أوباما، وهي دعم أميركي استثنائي لحسم معركة تكريت، شريطة أن تنسحب من هناك القوات الإيرانية، وقوات الحشد الشعبي، لعلم واشنطن أنها قوات إيرانية المضمون عراقية الانتساب، وبسبب قوة الرسالة الأميركية، ولأن الموقف على الأرض لم يكن لصالح القوات العراقية والإيرانية والحشد الشعبي، وافق العبادي على الطلب الأميركي، فتفهمت طهران موقفه، وغضب قادة الحشد الشعبي، كون المعركة (المعارك) التي يخوضونها ليست ذات صبغة عملياتية عسكرية فقط، بل هي عمليات انتقام وتصفية حسابات عقدية تاريخية، ترتبط بالإساءة لمعتنقي المذهب الآخر في العراق.
رافق العرض الأميركي للعبادي بإنجاز الحسم في معركة تكريت على الطريقة الأميركية المطلقة، دعوة لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد عقد الثلاثاء، الرابع عشر من إبريل/نيسان الجاري، وقد أربكت الدعوة، في واقع الأمر، طهران التي كانت قد تسرّعت، فيما يبدو، بإطلاق تصريحات لقادة ومسؤولين قالوا فيها إن "إمبراطورية الفرس تعود من جديد، وعاصمتها بغداد"، كما أساؤوا بتصريحاتهم كثيراً للعرب، أمة ودولاً، ما أثار ردود أفعال عربية ودولية كثيرة. ومع التحرك الأميركي، أحست طهران أن واشنطن شعرت، هذه المرة، فعلاً، بتجاوز قادة إيران الخطوط الحمراء، المسموح بها في التعامل مع المصالح الأميركية. لذلك، عمدت، بشكل واضح، إلى إخماد نيران الماكنة الإعلامية في إيران وفي العراق، على حد سواء، ثم عادت، فقللت من شأن التصريحات والمتحدثين بها، وقالت إنهم لا يمثلون الموقف الرسمي الإيراني.
دعوة باراك أوباما العبادي ذات وجهين. الأول، هو، وكما ذكر المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، يتعلق بـ "تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للعراق في المجالين، العسكري واللوجستي، والتدريب وتجهيز القوات الأمنية بالأسلحة"، وكأن واشنطن لا تستطيع تأكيد هذه الأمر (الموجود فعلاً) إلا بدعوة الرئيس الأميركي رئيس الوزراء العراقي! وأن وزير الدفاع الأميركي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية وكل المسؤولين الأميركيين غير قادرين على إبلاغ هذا التعهد، وتطمين بغداد من خلال تأكيد الضمانات التي تمليها اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" بين البلدين! أما الوجه الثاني، فهو ترغيبي، يرتبط بسيناريو أميركي، لاستمالة العبادي الذي يشعر بالوهن، جراء تدخل أطراف عديدة في إدارة ملفات بلاده، بما جعل من هيبته، رئيساً لوزراء العراق، في مهب الريح، استمالته، ليكون مع تغييرات في المشهد العراقي السياسي، تكون فيه واشنطن صاحبة القوة والقدرة معا على حسم الصراعات في العراق، حتى مع وجود إيران، خصوصاً وأن نموذج تكريت أظهر الفارق في قدرة واشنطن وطهران على حسم المعارك، استنادا إلى القوة المجردة.