العراق: موسم تصفيات زعماء مليشيات الطرفين

01 يناير 2015
سينسحب الأميركيون بحالة الحرب الطائفية (علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
لا شيء يبشّر بإمكانية انخفاض وتيرة العنف في العراق في العام الجديد، خصوصاً بعد تحوّل المعارك الجارية في مناطق البلاد من طابعها الشمولي الذي حافظت عليه على مدى العام الماضي، إلى الطابع الشخصي أو الخاص، الذي يركّز على استهداف القيادات البارزة، ورؤوس الخلايا المسلّحة، لدى طرفي الصراع في البلاد.

وشهد شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي مصرع 14 قيادياً بارزاً في مليشيا "الحشد الشعبي"، من بينهم زعيم "كتائب حزب الله" فرع العراق، واثق البطاط، ومعاون قائد مليشيا "بدر" عباس أبو حمزة. كما قُتل أيضاً اثنان من قادة الحرس الثوري الإيراني، أبرزهما حميد تقوي، الذراع اليمنى لقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، وقُتل أيضاً 29 ضابطاً رفيعاً بالجيش العراقي.

في المقابل، تشير تقارير عراقية وأميركية إلى مقتل 6 قيادات بارزة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال الشهر الحالي أيضاً، من بينهم معاون زعيم التنظيم، فاضل الحيالي، المُلقّب بـ"أبو مسلم الخراساني"، و"والي الأنبار" مهند السويداوي، والقائد العسكري للتنظيم رضوان حمدون، بضربات جوية شنّتها طائرات التحالف على مواقع شمال وغرب العراق.

ويقول الخبير بشؤون الجماعات المسلحة في العراق، رضا أحمد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "تركيز أطراف الصراع في العراق على استهداف الرموز أو القادة، يُفسّر حرص جميع الأطراف على كسب الحرب بأقصر الطرق، وتحقيق نصر إعلامي، فضلاً عن أن كل ذلك مرتبط بهيكلية تلك الجماعات".

ويضيف أن "المليشيات المسلّحة وداعش يقومان أساساً على الشخصيات القيادية، وبمقتلها يحقّق الخصم نصراً كبيراً، يتمكّن من خلاله من إضعاف الروح المعنوية لمقاتلي الطرف الآخر، وزعزعة الثقة، وبث الخوف في نفوس أنصاره".

وكشف أن "الولايات المتحدة انتهجت الخيار نفسه بالتركيز على قيادات داعش، وفق دراسات بحثية، أكّدت إمكانية إلحاق هزيمة سريعة بالتنظيم، في حال تصفية رموزه، وترك المقاتلين على الأرض بلا قيادة موحّدة".
وذكر تقرير عراقي، صادر عن ديوان استخبارات وزارة الدفاع في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن "القضاء على الجيل الأول أو الصف القيادي في تنظيم الدولة، المؤلّف من 26 عضواً، غالبيتهم من جنسيات عراقية وسعودية وسورية، كفيلٌ بإضعاف التنظيم، وتحويله إلى خلايا مبعثرة، من دون قيادة، الأمر الذي سيؤدي إلى تفكّك التنظيم أو حدوث انشقاقات داخله".

وركّز بيان التنظيم على ما وصفه بـ"قطع رؤوس الكفّار بالمليشيات والقيادات العسكرية للجيش العراقي". وهو ما بدا واضحاً في عملياتها الأخيرة، التي أشارت إلى مقتل 29 ضابطاً بالجيش العراقي، من بينهم ستة ضباط برتبة عميد ركن، وثمانية برتبة عقيد وعقيد ركن، واثنين من أمراء الألوية بالجيش.

ويُحذّر مصدر أمني عراقي في وزارة الداخلية من خطورة التطوّرات الحالية في حرب العراق. ويشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "غالبية زعماء المليشيات هي من رجال الدين، المرتبطين بالمراجع الدينية في النجف وكربلاء. ويُخشى أن تؤدّي تلك التصفيات إلى تغيير نطاق الحرب، من مواجهة بين داعش والمليشيات والقوات الأمنية، إلى حرب طائفية بين مكوّنات الشارع العراقي. وهو ما تخشاه الولايات المتحدة، وتسعى إلى تحويل المليشيات إلى قوات لحماية مراقد شيعية مقدّسة حصراً، بعيداً عن ساحات المواجهة بين الجيش والشرطة من جهة وداعش من جهة أخرى".

وأضاف أن "أي انتقال في الحرب إلى الشارع بمعناه الصريح، أي إلى حرب طائفية، سيعني انسحاب الولايات المتحدة من العراق، ومن الملف الأمني كاملاً. وهو ما تسعى إليه إيران بطبيعة الحال. وبالتالي فإن مستقبلاً مجهولاً سيكون بانتظار البلاد خلال العام 2015".

المساهمون