العراق: مشروع التسوية يواجه رافضاً خارجياً وموافقة داخلية "مبدئياً"

15 ديسمبر 2016
فشل الحكيم بإقناع الأردن التوسط مع المعارضة (الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد وأربيل عن رفض غالبية قوى المعارضة السياسية لمشروع "التسوية التاريخية"، الذي طرحه رئيس التحالف الوطني العراقي الحاكم، عمار الحكيم، الشهر الماضي، بسبب عدم وجود ضمانات حقيقية لتنفيذ أي اتفاق. كما يرفض التحالف الحديث عن ملفات مهمة وحساسة، أبرزها حل المليشيات وإعادة التوازن إلى الجيش العراقي والشرطة وجهاز الاستخبارات وباقي مؤسسات الدولة الحساسة، ومعالجة ملف التغيير الديموغرافي على أسس طائفية في بغداد ومحافظات عراقية أخرى، وعودة التركيبة السكانية لما كانت عليه قبل حملات التهجير والطرد التي نفذت بعد احتلال العراق، وإحالة جميع الجرائم التي ارتكبت إلى قضاء دولي وليس محلياً، فضلاً عن مشكلة التغلغل الإيراني في البلاد.

وتسعى قوى سياسية أخرى، غالبيتها مشاركة في العملية السياسية، إلى الاتفاق على صيغة رد موحدة على مشروع التسوية، وذلك عبر سلسلة اجتماعات معلنة وأخرى سرية، تهدف لتوحيد مواقف القوى السنية التي تعتبر المتضرر الأكبر في العراق حالياً، بهدف تقديمها للطرف المبادر، بحسب مصادر عدة تواصلت معها "العربي الجديد". ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن "من أصل ست قوى بارزة في المعارضة العراقية، رفضت خمس الانخراط في تسوية لا تتناول سوى مواضيع أقرتها مبادرة التحالف، فضلاً عن أنها بلا ضمانات نهائية. واشترطت أن تكون التسوية، في حال جدية كل الأطراف، أن تتضمن طرفاً ثالثاً، ممثلاً بمجلس الأمن، وتشكيل محكمة دولية لمعالجة جميع آثار ما بعد الاحتلال". وبحسب مصادر سياسية عراقية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "محاولات رئيس التحالف عمار الحكيم إدخال أطراف عربية، مثل الأردن، على خط الوساطة لإقناع الأطراف العراقية المعارضة لم تلقَ نجاحاً، حيث نأت عمّان بنفسها عن ذلك"، مرجحاً أن "يكون سبب ذلك عدم إمكانية الوثوق بوعود التحالف الوطني الحاكم للعراق". وأشار إلى أن وساطات سابقة، مثل مؤتمر المصالحة في القاهرة نهاية العام 2005 ووثيقة مكة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2006، لم تشهد تفعيلاً لما تم التوصل إليه بسبب تنصل كتل التحالف الوطني ممّا تم التوقيع عليه.

من جانبه، قال برلماني عراقي بارز، يشارك في الحراك الحالي للتعريف بمشروع التسوية، إن "اقتصار الأطراف السياسية الموجودة في العراق على العمل بمشروع التسوية أمر غير مجد، فهذه القوى، في النهاية، تملك نواباً، وبعضها يمتلك وزراء في الحكومة، لكن المشروع في النهاية يستهدف القوى الرافضة للدخول في العملية السياسية". ورجح أن يكون دخول إيران على خط الوساطة ومباركتها، أحد أسباب تحفظ قوى ورفض أخرى للمشروع. وقال رئيس كتلة تحالف القوى العراقية، أحمد المساري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا رفض للتسوية، لكن تم رفض استلامها من الأمم المتحدة احتجاجاً على إقرار قانون الحشد"، في إشارة إلى قانون تشريع مليشيات "الحشد الشعبي". وأضاف: "نحن في المبدأ لا نرفض التسوية، والدليل أن لدينا، في تحالف القوى، فريقاً يقوم بإعداد ورقة شاملة، وسنسلمها إلى الأمم المتحدة، تحمل رؤيتنا للتسوية وتصفير المشاكل". وتابع: "يجب ألا ننكر أن وضع العراق المتدهور هو نتاج العملية السياسية، وهذه الأزمات تحتاج إلى تصحيح، والمبادرة هنا هي لتصحيح وتصفير الأزمات والمشاكل، ويجب أن تبدأ من الذين هم خارج العملية السياسية، من أحزاب وقوى دينية".

وحول دخول إيران على خط المشروع، قال المساري: "نرحب بكل دول الجوار، سواء كانت إيران أو تركيا أو أي دولة أخرى، إذا كان تدخلها لصالح العراق والمشروع، وإلا فلا". وبشأن تجارب سابقة، مثل مؤتمر القاهرة ووثيقة مكة، قال المساري: "لا نريد أن نعيد تلك التجارب. نريد ضمانات إقليمية ودولية للتنفيذ، وأن تكون هناك نوايا صادقة"، مضيفاً: "نحن بأمسّ الحاجة إلى هذه المبادرة. العراق يمر بظرف صعب جداً، ويجب تصحيح الوضع اليوم قبل الغد". وكان الحكيم أعلن تأييد إيران لمبادرة "التسوية" الخاصة بإنهاء الأزمات السياسية في العراق. وتقول قوى عراقية عدة إن ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) واكتساحه العديد من المحافظات في العام 2014 جاء نتيجة التهميش والإقصاء والظلم وجرائم التطهير الطائفي لحكومتي نوري المالكي الأولى والثانية. وعقدت قيادات سياسية ودينية مختلفة اجتماعاً، في منزل رئيس البرلمان سليم الجبوري، الإثنين الماضي، ناقشوا خلاله الموقف من ورقة التسوية المقدمة من التحالف الوطني، وفقاً لبيان صدر عن مكتب الجبوري، الذي أكد أن "الحاضرين أبدوا رغبتهم الجادة في بناء دولة الشراكة مع الآخرين". كما تم الاتفاق أيضاً على استئناف هذه اللقاءات خلال الأيام القليلة المقبلة، للتوصل إلى اتفاق موحد ورؤية مشتركة بهذا الخصوص.

المساهمون