لم يفقد زعيم التحالف الوطني العراقي عمّار الحكيم، حتى الآن الأمل بنجاح تسويته السياسية، على الرغم من التصدعات الكبيرة التي تعرضت لها منذ بدايتها، ويحاول الحكيم ترميم التسوية وإصلاح خللها، في وقت عدّ فيه سياسيون رفض المرجع الشيعي علي السيستاني لها بمثابة ضربة قاصمة أجهضت المشروع برمته.
ولجأ الحكيم مجدّداً إلى الأمم المتحدة، محاولاً البحث عن مخرج لإكمال مشروعه وعدم توقفه. وقال مصدر سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اجتماع الحكيم مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، أمس الأربعاء ركّز على إيجاد حلول لعدم توقف المشروع"، مبيناً أنّ "الحكيم يسعى لوساطة كوبيتش لدى السيستاني لدعم المشروع وعدم مقاطعته".
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "كوبيتش أبدى تأييده لوجهة نظر الحكيم، وتعهد له بمواصلة جهوده لإتمام المشروع"، مبيناً أنّ "الجانبين اتفقا على العمل المشترك، على أن يواصل الحكيم جهوده الداخلية لكسب الفرقاء السياسيين (السنّة والكرد) لتوفير أرضية مناسبة للمشروع".
ومن المقرّر أن يزور الحكيم إقليم كردستان لعرض التسوية على الكرد، ومحاولة كسبهم، بينما أكد الجانب الكردي أنّ "الأرضية غير مناسبة حالياً لإنجاح هذا المشروع".
وقال النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مشروع التسوية يعدّ في الفترة الحالية مشروعاً قاصراً، وغير مكتمل، وأنّ الوضع العراقي الحالي غير مناسب لإطلاقه"، موضحاً أنّ "المشروع كان من المفترض أن يعرض على الشعب، وهو الركيزة الأساسية لإنجاحه، كما يجب عرضه على البرلمان وكتله السياسية قبل البدء به".
ولم يبدِ السعدون تفاؤلاِ بنجاح هذا المشروع، مضيفاً أنّ "الصعوبات ستعترض طريقه".
بينما عدّ ائتلاف الوطنية، بزعامة إياد علاوي، أنّ "رفض المرجعية الدينية للتعامل مع التسوية بمثابة طلقة رحمة في نعشها".
وقال رئيس الكتلة البرلمانية، كاظم الشمري في بيان صحافي، إنّ "منهج الطائفية السياسية والمحاصصة التي اعتاشت عليها بعض الأحزاب والكتل السياسية منذ عام 2003 وحتى اليوم والتي لم ينتج عنها إلّا الدمار والخراب وضياع الثروات هو منهج أصبح مستهلكاً لا ينبغي على الأطراف المتبنية له الاستمرار بمحاولة ترويجه".
وأوضح أنّ "ما يثير الاستغراب أنّ القوى السياسية التي تبنت منهج المحاصصة سابقاً، عادت ورغم التظاهرات الشعبية عام 2015 المطالبة بالإصلاح والتغيير، لتعيد نفس الأخطاء السابقة بثوب جديد ظاهره وطني وعنوانه التسوية التاريخية، لكن بمضمون ينطلق من نفس أرضية المحاصصة الطائفية والسياسية".
ودعا إلى "العودة إلى خيارات الشعب العراقي وتقديم المصالح الوطنية على التخندقات الحزبية والطائفية والمضي ببناء دولة مؤسسات تتعامل مع أبناء الشعب على مبدأ المواطنة"، محذّراً من "مخاطر كبيرة في حال إصرار تلك الأطراف على تبني منهجها الطائفي الذي أصبح مرفوضاً هو ومن تبناه من قبل العراقيين".
يشار إلى أنّ الحكيم لم يحصل على تأييد من داخل تحالفه لإنجاح مشروع التسوية السياسية التي أطلقها كرؤيا لعراق ما بعد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وعلى ما يبدو فإنّ مكونات كبيرة من تحالف الحكيم قد خذلته بهذا المشروع، الأمر الذي دفعه للجوء إلى تحالف القوى العراقية محاولاً تطمينهم كمكون سني وكسبهم لأجل إنجاح المشروع، كما يحاول كسب الكرد.