العراق: عشائر الجنوب غاضبة من عزل الحكومة للعشائر

21 مارس 2015
أهالي محافظات الجنوب يدفعون ضريبة عدم تسليح العشائر (الأناضول)
+ الخط -

لم يطل سكوت العشائر الجنوبية في العراق على سياسات الحكومة التي ارتأت عزل العشائر (السنّية) عن المعارك التي تجري في مناطقها ضد تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، وزج أبناء المحافظات الجنوبية في تلك المعارك تحت مسمى "الحشد الشعبي"، لفرض سياسات تخلق أرضية خصبة للفرقة بين أبناء الشعب العراقي.

وكلفت المعارك التي تدور في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى، مليشيا "الحشد الشعبي" مئات القتلى والجرحى، في حرب تهدأ في مكان وتستعر في مكان آخر.

وزاد منظر قتلى المعارك الذين يتسلمهم ذووهم في المحافظات الجنوبية في كل يوم، حالة السخط العشائري والغضب، ضد السياسات التي فُرضت على الأهالي، الذين أُجبروا على دفع ضريبة استراتيجيّة الحكومة بعدم تسليح العشائر، الأمر الذي حمّل المحافظات الجنوبيّة أعباء هذه الحرب.

كل ذلك دفع باتجاه رفض عشائري جنوبي لسياسات الحكومة، ومطالبات بالاعتماد على أبناء المناطق لتحرير مناطقهم، وعدم زج أبناء الجنوب في حرب سببها صراعات سياسيّة وأجندات خارجية.

اقرأ أيضاً: المليشيات تحوّل المدن العراقية المحرّرة لمناطق خالية من السكان

ويقول الشيخ غيلان العذاري، وهو أحد شيوخ محافظة النجف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أبناء المحافظات الجنوبية لا يفرّقون بين أبنائهم وأبناء المحافظات السنيّة، ولا نتعامل وفق أبعاد طائفيّة، بل إنّنا كلنا نشكل لحمة هذا البلد، لكننا مستاؤون من سياسات الحكومة التي أوجدت الفرقة بين المكونات الأساسيّة، وتحاول زرعها بين العشائر العربية الأصيلة التي يتكوّن منها الشعب العراقي".

ويضيف العذاري: "لا مشكلة لدينا في القتال مع إخواننا السنّة، فلنا ولهم صولات وجولات متكاتفين في معارك كثيرة على مدى التاريخ، فكلنا أبناء بلد واحد"، مشيراً إلى أنّ "المعركة الحالية تدور رحاها في المحافظات السنيّة، وإخواننا في العشائر مستعدون للقتال ضد داعش، لكن رفض الحكومة لتسليحهم وتنظيمهم أصبح اليوم محط انتقاد وسخط شعبي في الجنوب، لأنّه رفض غير مبرر".

ويلفت العذاري إلى "أنّنا في كل يوم نسمع صرخات أم ثكلى تفقد ابنها الشهيد في ساحة المعركة، وهي تتساءل لماذا يُزج ابني في معركة لا يشارك فيها ابن المنطقة الذي يجب أن يكون في المقدمة؟"، مستدركاً "أنا لا أقصد قصور همّة أبناء العشائر، بل أعني سياسات الحكومة التي أقصتهم عن المعركة".

ويتابع بالقول، "لا نستطيع اليوم أن نبرّر لكل أم وأب يفقد ابنه في المعارك ونختلق الأعذار لهم، فقد احتدمت المعركة والقتلى الذين يصلون إلى النجف والمحافظات الجنوبيّة من أبنائهم بالعشرات بشكل يومي، وهذا أمر مرفوض اليوم".

ويكشف أن "مجلس عشائر محافظة النجف اجتمع وخاطب مجلس عشائر الجنوب لاتخاذ موقف مما يجري من سياسات حكومية غير مقبولة، وسنسعى باتجاه الحكومة والمرجعيّة إذا تطلّب الأمر لوقف هذه السياسات التي تفرق أبناء الشعب، وتحمّل المحافظات الجنوبية ما لا طاقة لها به".

ويؤكد العذاري "أننا سنقدّم طلباً رسمياً إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي بضرورة الاعتماد على أبناء المناطق المحتلة من داعش في تحريرها، وعدم عزلهم عن ساحات المعركة لأجل سياسات لا طائل منها"، مشدّداً "على ضرورة قبول الحكومة بذلك وتغيير استراتيجيتها، وإلا فسيدفعنا الأمر إلى سحب أبنائنا من المعركة".

من جهته، يقول النائب عن محافظة النجف أحمد الدهمشي، "إنّنا كنواب عن المحافظات الجنوبيّة نضم صوتنا إلى عشائرنا ونؤيّدهم بكل تحركاتهم".

ويرى الدهمشي أنّ "سياسات الحكومة فرّقت بين أبناء الشعب الواحد، وأوجدت أرضية خصبة لزرع بذور الفتنة الطائفيّة في أي وقت، وهذا ما لا ترضاه العشائر العربية التي اعتادت على النخوة وعلى الأخوّة والتعايش السلمي".

ويؤكد "أننا نتكاتف مع مطالبات إخواننا في المحافظات المحتلة، بتسليحهم وإعدادهم لتحرير مناطقهم، وسيكون لنا الدور المساند لهم، في الوقت الذي نعلم بأنّ لديهم القدرة الكافية لتحرير مناطقهم، وهذا ما جسّدوه في معاركهم ضد تنظيم القاعدة بعد العام 2007".

يذكر أنّ الحكومة العراقيّة تجاهلت كل النداءات التي أطلقتها العشائر بتسليح أبنائها بغية تحرير مناطقها من سيطرة "داعش"، فيما سلّحت مليشيا "الحشد الشعبي" (أبناؤها من الجنوب حصراً) وأدخلتها إلى المعارك، الأمر الذي أثار حفيظة العشائر، وأشعرهم بالإقصاء والتهميش من قبل الحكومة.