العراق: صدامات ليلية بين أتباع الصدر ومعتصمي ساحة التحرير

05 مايو 2020
عادت مشاهد مسلحي الصدر للظهور بين خيام المعتصمين(مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
بعد هدوء دام لأسابيع عدة داخل ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، حيث يسيطر عليها العشرات من المتظاهرين والمعتصمين منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وسط سعي لإعادة زخم التظاهرات بعد انتهاء جائحة كورونا، عادت مجدداً مشاهد وجود المسلحين، من أتباع زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، للظهور بين خيام المعتصمين، ما أدى إلى حدوث مشاكل وشجار وحالات اعتداء بالسكاكين، ليلة أمس الاثنين، على عدد من المتظاهرين الذين اتهموا أتباع "التيار الصدري" بافتعال المشاكل ومحاولة فرض وصاية على ساحة التحرير.

وشهدت ساحة التحرير، ليل أمس الاثنين، أعمالاً استفزازية من قبل مسلحين يتبعون فصيل "سرايا السلام"، التابع لمقتدى الصدر، دخلوا بين خيام المعتصمين بالأسلحة وتجولوا فيها، قبل أن يعتدوا بالضرب على عدد منهم.

ويوجد العشرات من أتباع الصدر داخل مبنى المطعم التركي القريب، الذين أحكموا سيطرتهم عليه قبل عدة أشهر بعد طرد المحتجين المتحصنين بداخله، وسيطرتهم على منصة إلقاء البيانات وإذاعة محلية باسم المتظاهرين.

وروى متظاهرون لـ"العربي الجديد" واقعة الهجوم المسلح ليلة أمس الاثنين بالتفصيل، حيث إن "أحد عناصر (التيار الصدري) كان مسلحاً، ولأسباب استفزازية، أشهر سلاحه في وجه عدد من الشبّان المعتصمين داخل الساحة، إلا أنهم تمكنوا من نزع السلاح، وقدموا شكوى بحقه لدى عناصر (التيار الصدري) الموجودين في مبنى المطعم التركي".

وبحسب المتظاهرين، فإن "أتباع الصدر أنكروا أن يكون السلاح عائداً لهم، كما أنكروا معرفتهم بالشخص حامل السلاح، وهي ذريعة لاتهام المتظاهرين بأنهم يحوزون أسلحة في خيامهم المنتشرة في ساحة التحرير، ما دعاهم إلى مهاجمة خيام الاعتصام بحجة البحث عن أسلحة".

ولفت آخرون إلى أن "عناصر "التيار الصدري" يسعون بأي طريقة لطرد المتظاهرين المدنيين ممن لا يوالون الصدر من ساحة التحرير، في سبيل السيطرة عليها بالكامل".


من جهته، قال المتظاهر علي حسين، إن "عناصر (التيار الصدري) هجموا على ساحة التحرير بأكثر من خمس عجلات تحمل مسلحين، مع العلم أن المتظاهرين لا يملكون أي أسلحة، وهذه الحركات التي يعرفها المحتجون عن المسلحين التابعين للصدر، هي طريقة لتخويف وترهيب المحتجين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر جماعة (سرايا السلام) التابعة للصدر اعتدوا بالضرب على متظاهرين، فيما حاولوا أن يزيلوا عدداً من الخيام، إلا أن اقتحامهم بطريقة العصابات للساحة سرعان ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وكالات الأنباء، وهو ما دعاهم إلى المغادرة".

ومرّ أكثر من أربعة أشهر على سيطرة أنصار الصدر على أبرز منصات التظاهرات العراقية في بغداد بعد ساحة التحرير، وهي مبنى المطعم التركي، أو ما بات يُطلق عليه اليوم اسم "جبل أحد"، المطل على نهر دجلة من جانب الرصافة في بغداد، وذلك بعد هجوم شنّه أنصار الصدر على المبنى، واعتدوا خلاله على المتظاهرين المعتصمين داخله، وتعرض قسم منهم للطعن والضرب، وأُلقي قسم من أعلى المبنى ممن رفض الانسحاب منه.

وحتى الآن، يُحظر على المتظاهرين الدخول إلى مبنى المطعم التركي، إذ يؤكد ناشطون سيطرة "التيار الصدري" عليه بحجة ترميمه وتنظيفه، كاشفين عن أن المبنى فُرضت عليه إجراءات دخول مشددة، ولا يُسمح إلا لأنصار الصدر بدخوله، وعددهم لا يتجاوز خمسين شخصاً، وهم بدورهم يسيطرون على منصة إذاعة البيانات، ونصبوا كاميرات مراقبة بمحيطه وحولوه إلى ما يشبه المقر الحزبي.

وفي شهر فبراير/شباط الماضي، اقتحم أتباع الصدر، ممن يُطلق عليهم اسم فريق "القبعات الزرق" التابع لـ"سرايا السلام"، الجناح العسكري لـ"التيار الصدري"، عدداً من ساحات وميادين التظاهرات، ونفذوا عمليات قمع واسعة أدت إلى مقتل وإصابة عشرات المتظاهرين في النجف وكربلاء وبغداد، وهو ما أثار موجة تنديد كبيرة في البلاد، لعلّ من أبرزها ما صدر عن المرجع الديني في النجف علي السيستاني، الذي شدّد على أن "تأمين التظاهرات، أو الكشف عن المندسّين، من مهمة قوات الأمن، وليس أي جهة أخرى، أياً تكن"، بحسب خطبة جمعة كربلاء، ليعلن الصدر بعد ساعات حلّ جماعة "القبعات الزرق".


من جانبه، أشار غيث أكرم، وهو من المعتصمين في خيمة "ثورة تشرين"، إلى أن "الصدر وأتباعه يمارسون طريقة الوصاية على المتظاهرين، ويتعاملون معنا في ساحة التحرير على أننا سجناء ونقضي عندهم فترة العقوبة، مع العلم أننا خاطبنا الصدر و(التيار الصدري)، وحتى مرجعية النجف، بضرورة ترحيل الصدريين عن ساحات الاحتجاجات، كونهم يمثلون حزباً دينياً وسياسياً، وأن أساس نزول المتظاهرين إلى الشوارع هو من أجل رفض الأحزاب، بما فيها التيار الصدري".

وأكمل في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الصدر يدّعي أنه مع المتظاهرين في مطالبهم الرافضة لكل أوجه الفساد والتلاعب بمقدرات البلاد، إلا أنه يحمي المنطقة الخضراء، من خلال سيطرة جماعته على مبنى المطعم التركي، من اقتحام المتظاهرين لها وإنهاء حكم الأحزاب"، لافتاً إلى أنه "في السابق كانت بغداد تمثل مركز انطلاق كل الحركات الاحتجاجية، أما الآن فقد بات من صلاحية أي محافظة أن تخرج في احتجاجات مناهضة للحكومة، وبالتالي فإن الصدر يفكر بطريقة خاطئة، لأن بغداد لم تعد مركز الاحتجاجات في البلاد".

إلى ذلك، رفض القيادي بـ"التيار الصدري" حاكم الزاملي تسمية سيطرة "سرايا السلام" على المطعم التركي احتلالاً، مبيناً في اتصالٍ مقتضب مع "العربي الجديد"، أن "الأخطاء تقع في كل الأوقات وفي كل الأحداث، ولكن وظيفة عناصر "التيار الصدري"، في ساحات الاحتجاج، هي منع أي أعمال تخريب ينفذها المندسون على التظاهرات".

المساهمون