انفجرت أزمة جديدة داخل حزب الدعوة في العراق، تنذر بانقسام جديد داخله، إلا إذا نجحت مساعي قيادات فيه بالإطاحة بزعيمه نوري المالكي، وذلك بعدما كشف استطلاع رأي أجري أخيراً عن تراجع شعبية الحزب الحاكم بشكل كبير، لصالح أحزاب أخرى، أبرزها التيار الصدري.
وتحدثت قيادات بارزة في حزب الدعوة، لـ"العربي الجديد"، عن حراك كبير لإزاحة المالكي عن الواجهة، وسط تأييد من فروع الحزب في المحافظات الجنوبية والوسطى، وصمت، بمثابة رضى، من قبل رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الذي آثر التفرج على هذا الحراك عوض الدخول في مواجهة مباشرة مع المالكي.
وقال قيادي بارز في "الدعوة"، على هامش مشاركته مع وفد عراقي رفيع المستوى في مؤتمر الطاقة العالمي الذي اختتم أعماله في إسطنبول أول من أمس، لـ"العربي الجديد"، إن "اجتماعاً، ضم قيادات في حزب الدعوة في محافظة كربلاء وبحضور شخصيات علمية وأكاديمية مقربة من الحزب، ناقش أخيراً ضرورة إزاحة المالكي عن واجهة الحزب، وانتخاب شخصية أخرى قبيل بدء السباق الانتخابي". وأوضح المصدر نفسه أن "الفكرة طرحت بعد استطلاع أجراه مركز آراء وعرض نتائجه أخيراً، أظهر تراجع شعبية حزب الدعوة الى أدنى مستوياتها منذ العام 2003، وبواقع 20 في المائة فقط، بعد أن سجل في استطلاع مماثل في عام 2008 نسبة 59 في المائة". وأضاف أن "الشارع يحمّل الحزب، الذي يتولى منصب رئاسة الوزراء منذ 10 سنوات، مسؤولية الوضع الحالي والتسبب في انهيار أمني واقتصادي وتزايد الفساد وتنامي الطائفية داخل الشارع والثراء الفاحش لأعضائه". لكنه استدرك بالقول "بالتأكيد الإجابات قاسية وبعضها يظلم الحزب، لكن هذا ما يراه الشارع الآن، وأصبح من الضروري إجراء تغيير ومراجعة في الحزب قبل انهياره بشكل كامل قبيل الانتخابات". ولفت إلى أن "الخطر يزداد أكثر مع إصرار كتل سياسية مختلفة على استبدال مفوضية الانتخابات العليا المعروفة بمحاباتها لحزب الدعوة".
وعلل موقف رئيس الحكومة بتأييد هذا الحراك لكن عن بعد بالقول إن "المالكي يريد الإطاحة بالعبادي والعودة إلى الحكم مجدداً، والموقف الإيراني الحاسم في الموضوع ما زال غامضاً رغم مفاتحة بعض الأطراف في الحزب لمسؤولين إيرانيين بالخطوة، لذا فإنه لا يريد الاستعجال".
يذكر أن "الدعوة" أحد الأحزاب الشيعية الرئيسية، وهو تحالف مع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في الانتخابات التي جرت عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003. وبرز حزب الدعوة لأول مرة في السبعينيات، وهو وقف إلى جانب الثورة الإسلامية في إيران، فردت الحكومة العراقية في 31 مارس/آذار 1980 بقرار نص على إعدام كل من ينتمي إلى الحزب، وكان في طليعتهم محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى في 8 أبريل/نيسان 1980. وتبنى الحزب رسمياً سلسلة من العمليات والتفجيرات، أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، بينها تفجير الجامعة المستنصرية وسط بغداد، وتفجير السفارة العراقية في بيروت والكويت، بعد أن أعلن رسمياً وقوفه إلى جانب إيران في حرب الثماني سنوات. وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، أمسك الحزب بزمام السلطة في العراق، إذ شغل القيادي في الحزب إبراهيم الجعفري منصب أول رئيس لمجلس الحكم، ثم أصبح رئيساً للوزراء في 2005. وفي سنة 2006 فاز الائتلاف الذي كان يضم أغلب الأحزاب الشيعية في انتخابات المجلس التشريعي، وتولّى نوري المالكي، الذي أصبح أميناً عاماً لحزب الدعوة، رئاسة الوزراء لفترتين، قبل أن يتولى العبادي في 2014 منصب رئاسة الوزراء.