العراق: تمثيل رمزي للمرأة في حكومة الكاظمي يُحيي مطالبات الكوتا

21 مايو 2020
تصدّرت النساء الاحتجاجات العراقية في الأشهر الماضية(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من مطالبة برلمانيات وسياسيات عراقيات بتمثيل مناسب للمرأة في حكومة مصطفى الكاظمي، إلا أن ذلك لم يتحقق بعد منح النساء وزارة واحدة، هي الإسكان، التي نالتها نازلين محمد، بناءً على ترشيح من القوى الكردية. مع العلم أن التيارات الموالية للتمثيل النسائي تطالب بألّا يقلّ تمثيل النساء في البرلمان عن ربع عدد مقاعده، وفقاً للدستور، إذ إن تمثيلهن يكاد يكون رمزياً في كل الحكومات، بل يتناقص، ما دفع إلى الاعتقاد أن الحل لن يتم إلا بوجود كوتا للنساء في الحكومة، شبيهة بتلك التي منحها الدستور لهنّ في البرلمان، وإن كان ذلك لا يمكن أن يجري من دون تعديل الدستور، أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء.

في السياق، رأت نائبة رئيس لجنة المرأة في البرلمان، انتصار الجبوري، أن تمثيل المرأة في الحكومة الحالية تراجع عمّا كان عليه في الحكومات السابقة، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أن النساء تمثّلن بـ6 وزارات في حكومة 2005، ثم انخفض العدد إلى 4 وزارات ثم وزارتين، وأخيراً وزارة واحدة في حكومتي عادل عبد المهدي والكاظمي. وأضافت: "في الحكومة الحالية طالبت لجنة المرأة بكتاب رسمي موجّه إلى رئيس الوزراء قبل التصويت على حكومته، بإعادة وزارة المرأة، وهي لا تكلفه سوى مرتب الوزيرة، وكذلك أن تكون المرأة ممثلة في الحكومة بما لا يقلّ عن ثلث أعضائها"، مشيرة إلى أن كل رؤساء الوزراء قالوا إن الحكومات هي عبارة عن توافقات بين الكتل السياسية قائمة على ترشيحات هذه الكتل.

ولفتت الجبوري إلى أن إقحام المرأة في موقع صنع القرار غير موجود في تفكير الكتل السياسية، وليس من أولوياتها، مؤكدة أن الفكر الذكوري همّش المرأة، على الرغم من إثبات جدارتها في القيادة والنشاط والاستجواب في البرلمان. وشدّدت على أن المرأة لا تقلّ كفاءة عن الرجل، وضمن لها الدستور المساواة وتكافؤ الفرص، مشيرة إلى أن المرأة العراقية أثبتت جدارتها في القيادة، بدءاً من أسرتها، وصولاً إلى إثبات جدارتها في مجلس النواب والقضاء ووزارة الداخلية، كذلك إن نسبة قضايا النساء في هيئة النزاهة تكاد تكون معدومة. وكشفت أنه "سبق أن طالبنا بأن تكون هناك رئيسة للوزراء لتدير السلطة في الوقت الحاضر"، واصفة وجود كوتا للنساء في البرلمان، وعدم وجود ذلك في الحكومة بـ"المأساة".

وحول العمل في سياق التمثيل النسائي في المراحل الماضية، ذكرت الجبوري أنه "عملنا في الدورات البرلمانية السابقة والحالية على إيجاد كوتا للنساء في السلطة التنفيذية أسوة بالسلطة التشريعية، لكن للأسف الشديد يحتاج هذا الموضوع إلى تعديل دستوري، أو إضافة فقرة متعلقة بذلك إلى النظام الداخلي لمجلس الوزراء"، مشيرة إلى تقديم مقترحات بهذا الشأن، لكنها قوبلت بالرفض. وتابعت: "إذا لم نتمكن من تعديل الدستور لوضع كوتا للنساء في السلطة التنفيذية، فعلينا أن نعدّل النظام الداخلي لمجلس الوزراء، ويتطلّب هذا أيضاً وجود نساء في مجلس الوزراء من أجل تبنّي الموضوع".

من جهتها، أكدت النائبة، آلا طالباني، أن الكاظمي كان حريصاً جداً على وجود نساء في حكومته، موضحة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ذلك لم يحدث لأن الكتل لا ترشح نساءً للوزارات، وأن الكاظمي طلب من الكتل ترشيح نساء للوزارات الباقية. ولفتت إلى أن بعض الكتل تتذرّع بعدم وجود نساء قياديات من أجل ترشيحهن للوزارات، مؤكدة أن هذا الأمر غير صحيح، ويمثل غبناً للمرأة التي أثبتت وجودها في العمل السياسي في البرلمان وداخل الأحزاب.

وأوضحت طالباني أنه سبق للنساء تثبيت الكوتا في مجالس المحافظات بالاعتماد على تفسير للمحكمة الاتحادية اعتبر هذه المجالس جزءاً من السلطة التشريعية، لكن الكوتا غير ملزمة للسلطة التنفيذية، وهو ما تكرّس بعدم اعتماد نسبة محددة للتمثيل النسائي في الحكومة، رغم المشاركات الضئيلة في الحكومات الماضية. في المقابل، اعتبر عضو البرلمان، أحمد مظهر الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن طبيعة المجتمع العراقي العشائري، وحداثة التجربة الديمقراطية في البلاد، أمران رجّحا كفة الرجال على النساء، على الرغم من قدرتهن على إدارة الملفات الوزارية. وأفاد بأن "لا نص دستورياً يسمح بتمثيل محدد للنساء في الحكومة، بل تُرك الباب لأهواء رئيس الوزراء ورغباته، وبالتالي لا يوجد من يفرض اختيار عدد محدد من النساء". ورأى أن قلة عدد الوزيرات مؤشر على احتكار الرجال لهذه المناصب، في ظل وجود مشكلة ناجمة عن سيطرة بعض العائلات الحاكمة على النظام السياسي منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.

وأشار الجبوري إلى أن القوى الكردية زجّت بامرأة لوزارة الإسكان، هي الوزارة الوحيدة التي مُنحت للمرأة في حكومة الكاظمي، عازياً السبب إلى التنظيم الذي تتمتع به الأحزاب الكردية، منذ ما قبل عام 2003، والذي أتاح للنساء العمل كقياديات في أحزاب كردية.

بدورها، أفادت عضو البرلمان عن "الاتحاد الوطني الكردستاني"، ريزان شيخ دلير، في وقت سابق بأن صوت المرأة مغيّب في الحكومة العراقية، مستبعدة حصول النساء على وزارة أخرى في الوزارات الباقية لحكومة الكاظمي. وأشارت إلى أن نسبة وجود النساء في الحكومة قليلة، ولا ترتقي إلى طموح النساء في دولة مثل العراق، موضحة أن تمثيل المرأة في البرلمان هو 25 في المائة، في حين أن المرأة لم تحصل إلا على حقيبة واحدة في حكومة الكاظمي.

أما الناشطة النسوية فرح الخزعلي، فانتقدت تجاهل القوى السياسية للنساء عند تشكيل الحكومة، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أن المجتمع النسوي الذي شارك بكثافة في الاحتجاجات التي جاءت بالكاظمي، كان يتوقع من رئيس الوزراء إنصاف النساء بأكثر من وزارة. وأشارت إلى أن رئيس الوزراء والقوى التي ساندته في تشكيل الحكومة أخطأوا مرتين: مرة حين منحوا النساء وزارة واحدة، ومرة أخرى حين منحوا هذه الوزارة لأحزاب السلطة. وأفادت بأن وجود تمثيل مناسب للنساء في الحكومة، يمكن أن يساهم في تعزيز سمعة العراق.

المساهمون