العراق: تعثّر معارك جنوب الموصل... و"داعش" يعاود المبادرة

12 اغسطس 2016
قوات عراقية بالقرب من القيّارة (هيمن حسين/الأناضول)
+ الخط -

لا يبدو أن المعارك التي تخوضها القوات العراقية، جنوب الموصل، تسير وفقاً لما وُضع لها من خطط ومواعيد، فبعد أن سجّلت تلك القوات تقدماً سريعاً في مستهلّ عملياتها، الشهر الماضي، سرعان ما بدأت تفقد زمام المبادرة ليغتنم تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) ذلك، ويبدأ بشنّ هجمات سريعة ومستمرّة عليها.

في السياق الميداني، بات واضحاً أن الجانب العراقي لا يريد أن يدافع فقط عن المناطق التي حررها أخيراً، بل يحاول أن يضيف إليها مناطق أخرى ليفتح المحور الجنوبي إلى الموصل تمهيداً لشنّ معركة تحرير المحافظة، غير أن "داعش"، على ما يبدو، استطاع أن يستغلّ الفرصة وينهك القوات العراقية بهجمات متواصلة.

ويثير تعثّر القوات العراقية في هذا المحور، مخاوف أهالي الموصل، الذين يأملون بحسم ملف محافظتهم الخاضعة للتنظيم منذ أكثر من عامين، وما سينتج عن ذلك من تأخير في إطلاق المعركة المرتقبة، إذ إنّ مناطق القيّارة، جنوب الموصل، والشرقاط تعدّان من المناطق الاستراتيجيّة والمهمة لمعركة الموصل، ولا يمكن للقوات العراقية بدء المعركة إلّا بعد السيطرة عليهما.

في هذا الإطار، يقول ضابط في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعركة في جنوب الموصل وفي الشرقاط، لا تسير وفقاً لما تمّ التخطيط له، إذ إنّ القوات العراقية تراجعت كثيراً خلال الأيّام الأخيرة. بل بدأت تتحصّن في القرى التي سيطرت عليها وفي قاعدة القيّارة، لتتحول من موقع الهجوم إلى الدفاع. الأمر الذي يؤشّر إلى ضعف كبير في الموقف الميداني".

ويضيف الضابط أنّ "داعش استغلّ ذلك، واستطاع أن يشن هجمات متتالية على القطعات العسكرية في مناطق القيّارة، موقعاً خسائر في صفوف القوات العراقية"، مردفاً أنّ "التنظيم يشنّ حملة قصف مكثّف على تلك القطعات بالمدفعية والصواريخ، ما أربك صفوفها". ويشير إلى أنّ "القادة الأمنيين عقدوا اجتماعات لبحث خطط جديدة، تعيد سيطرة القوات العراقية على زمام الأمور في جنوب الموصل".





من جهته، يؤكّد النائب عن الموصل، أحمد الجربا، أنّ "تحرير قرية أو قريتين في جنوب الموصل، ومن ثم توقف القوات العراقية لأسبوع أو 10 أيّام عن العمليات العسكرية، لا يُعدّ تقدّماً، ويعني أنّ معركة الموصل ستتأخر بشكل كبير جدّاً".

ويلفت الجربا، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "تحرير مناطق جنوب الموصل يحتاج إلى وضع خطط سريعة ومِهل عسكرية قصيرة"، مشيراً إلى أنّ "داعش لجأ لاستخدام أسلوب المباغتة في الهجوم السريع ونفّذ هجمات ضد القوات العراقية". ويلفت إلى أنّ "نواب الموصل سيقدمون إلى رئيس البرلمان عرضاً بالعقبات التي تواجه عملية تحرير الموصل"، مطالباً رئيس الحكومة بـ"إصدار أمر ملزم لوزارتي الدفاع والداخلية، لاستقبال كل العسكريين من أهالي المحافظة وزجهم في قوات التحرير، فضلاً عن دعم الحشد العشائري في المحافظة وتسليحهم بالشكل الذي يؤهلهم للمشاركة في المعركة".

من جهته، يرى الخبير العسكري ناظم الرديني، أنّ "منطقة القيّارة هي التحدي الكبير الذي تواجهه القوات العراقية في المعارك الممهدة للمعركة الكبرى في الموصل". ويكشف الرديني، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "القيّارة التي لا تبعد عن الموصل سوى 40 كيلومتراً فقط، تُعدّ النقطة الحيوية الأساسية في المعركة"، مبيّناً أنّها "تربط مناطق مخمور بالموصل كما ترتبط بالحويجة التابعة لكركوك، التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش".

ويؤكد أنّه "يتحتم على القوات العراقية، أن تضع في أولوياتها تحرير مناطق داعش من الأطراف، لا من القلب، فالقلب يصعب اختراقه"، موضحاً أنّه "يجب تحرير الحويجة قبل القيارة، التي لا يمكن تحريرها من دون السيطرة على الحويجة".

ويلفت الرديني إلى أنّ "خطة المعركة في جنوب الموصل لم تكن بمستوى الطموح، لأنّ القوات العراقية وقعت في خطأ استراتيجي وبدأت الآن بتلافيه"، مؤكداً أنّها "أدركت صعوبة تحرير القيارة الآن، فلجأت إلى تحصين نفسها في المناطق التي سيطرت عليها وتحولت إلى الوضع الدفاعي".

ويضيف أنّ "عدم وضع الخطة المناسبة سيؤخّر حتماً حسم المعركة في جنوب الموصل، بالتالي يؤخر معركة الموصل المرتقبة، لذا يتحتم على القوات العراقيّة إعادة صياغة الخطة المناسبة ومبادرة داعش في الحويجة".

في المقابل، شدّد التحالف الدولي، على أنّه "سيسعى لتسريع عمليّة تحرير الموصل". وقال قائد قوات التحالف شون ماكفرلاند، في مؤتمر صحافي، إنّ "التحالف درّب 13.5 ألف مقاتل من القوات الأمنية العراقية، وأربعة آلاف جندي من الجيش، و1500 من قوة مكافحة الإرهاب، وستة آلاف من البشمركة، وألفاً من عناصر الشرطة الاتحادية، و300 من حرس الحدود، وخمسة آلاف من الشرطة المحلية، و20 ألفا من مقاتلي العشائر".


المساهمون