العراق: تذمّر من انتشار مقرات المليشيات في أحياء الجنوب

30 اغسطس 2015
التضييق على حياة المواطنين اليومية(فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
تنتشر المظاهر المسلحة في مدن جنوب العراق كبقعة الزيت، على الرغم من استقرارها أمنياً ولو بشكل نسبي، مقارنة بمدن الوسط والغرب والشمال. إلا أن تلك المظاهر وحملات عسكرة المجتمع تجري بشكل واسع تحت شعارات مختلفة ومبررات عدة.


وبالكاد يمكن للداخل إلى تلك المدن ألّا يجد مكتباً عسكرياً لإحدى المليشيات، أو مقراً لفصيل مسلح أو فرع تجنيد لمسلحين. وتلف تلك المواقع بالعادة مظاهر عسكرية وأمنية مختلفة كإغلاق الطرق المؤدية حوله وانتشار المسلحين، بشكل دفع الأهالي أخيراً إلى الإعلان عن رفضهم لتلك الظاهرة، من خلال رفع شعارات "المعركة هناك لا هنا"، و"احترموا العوائل بطولتكم بالأنبار لا علينا"، في إشارة إلى المعارك الدائرة حالياً في محافظة الأنبار غرب العراق.

ويقدر عدد تلك المكاتب أو المواقع والمقرات للمليشيات المسلحة والأحزاب التي تشرف على عملية التجنيد، مقابل مبالغ مالية شهرية تمنح للمتطوعين، بالعشرات. وتتخذ من منازل مستأجرة أو مبان حكومية قديمة أو أجزاء من مبان حكومية مقرات لها.

وقال الناشط حازم الحيدري لـ"العربي الجديد" إنَّ "الأحزاب والكتل السياسية والمليشيات المسلحة تتخذ من عشرات الدوائر والمؤسسات والمباني الحكومية مكاتب مسلحة لها، وتضايق المواطنين بسبب إغلاق الشوارع المؤدية إلى مقراتها وسيطرتها على مقدرات ومشاريع المنطقة، ما يجعل أي مشروع خاضعاً لسياسات ومصالح لا تتناسب مع مصلحة البلاد والمواطن".


ويضيف الحيدري "الأحزاب والمليشيات تسيطر على كل شيء من ثروات ومشاريع وخطط تنموية واستراتيجية في المحافظات الجنوبية، وتتدخل في كل ما يخص حياة الناس. وبدأ المواطنون يشعرون بالضيق في جنوب العراق، وعلى الدولة أن ترفع يدها عن التحكم في مقدرات البلاد وتسحب منها المباني والمؤسسات الحكومية التي من الممكن الاستفادة منها لصالح المواطنين".

وتختلف وتتنوع مصادر تمويل الأحزاب والمؤسسات الدينية والمليشيات، فمنها ما يكون بإعانات حكومية مثل المشاريع والمقاولات التي توزع وفق المحاصصة على الأحزاب والكتل السياسية، ومنها مصادر أخرى عديدة محلية وإقليمية، بحسب المحللين.

وأوضح المحلل السياسي فاروق الملا، أنَّ "جنوب العراق يعاني من انتشار كثيف لمكاتب مسلحة تابعة لأحزاب وكتل وتيارات سياسية ومليشيات، وسيطرتها على المباني الحكومية وإغلاق الشوارع المؤدية إليها خشية استهدافها، ما يعرقل حركة المرور، والأمر الأكبر هو محاولتها جميعها استنساخ تجربة داعش، من خلال التضييق على حياة المواطنين وتحويل مناطقهم السكنية إلى ما يشبه الوحدات العسكرية، وهذا بحد ذاته يثير غضب الناس من الأحزاب الدينية".

ويرى عضو الحزب الشيوعي العراقي مضر عبدالواحد أن "الحكومة مطالبة بإبعاد المسلحين عن الأحياء السكنية، فهم يضايقون الناس ويغلقون الطرقات". ويضيف أن "عسكرة الجنوب بهذا الشكل ستؤدي إلى اضطرابه أمنياً، خاصة أن اشتباكات ومشاكل تقع أحياناً بين المليشيات المتنافسة على النفوذ والسلطات في مناطق دون أخرى".

علي النجفي (31 عاماً) مواطن من أهالي النجف يقول "عشرات المكاتب المسلحة تنتشر في كل مكان بالجنوب، وغالبيتهم يستعرضون عضلاتهم على الناس هنا. نقول لهم هذه مناطق سكنية، فيجيبون: لولانا لقتلكم داعش، وكأننا يجب أن ندفع ثمن قتالهم بهذا الشكل، رغم أنهم لم يذهبوا لقتال داعش، بل كانوا يرسلون المقاتلين ويديرون أموراً أخرى، منها ممارسة سلطاتهم الدينية علينا".

من جانبه، كشف عضو مجلس محافظة النجف، حيدر أحمد، لـ"العربي الجديد" عن قرب صدور توجيهات حكومية من بغداد لمعالجة هذه الظاهرة التي باتت تقلق المدن واستقرارها، مضيفاً أن المليشيات التي تقاتل داعش معروفة، وهي من تفتعل تلك المشاكل في مدن الجنوب.

اقرأ أيضاً:مليشيات عراقية تحرّم "الأعمال المسرحية" في البصرة

المساهمون