العراق: المتظاهرون يشككون بقدرة حكومة علاوي على تنفيذ وعودها

22 فبراير 2020
نشطت التظاهرات العراقية في العاصمة والجنوب (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

قبل يومين فقط من جلسة مقررة للبرلمان العراقي للتصويت على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، سجلت ساحات التظاهرات في بغداد ومدن جنوب العراق ووسطه، خصوصاً كربلاء وذي قار، توافقاً على مواصلة التظاهرات المناهضة لما وصفوه بـ"دائرة الفشل المستمرة في منظومة الحكم بالبلاد"، بما فيها رفض المحاصصة الطائفية والحزبية، وإبقاء المطالب الرئيسية مرفوعة، وأبرزها تعديل الدستور وإجراء انتخابات مبكرة، وإنهاء التدخل الخارجي في البلاد ومحاكمة المتورطين بالانتهاكات وجرائم سرقة المال العام. ومن المرتقب تحرّك المتظاهرين في نحو 22 مدينة وبلدة في العاصمة بغداد ومدن الجنوب والوسط، مثل البصرة وكربلاء والنجف وميسان والقادسية وذي قار وبابل وواسط والمثنى، التي تشكّل خريطة الانتفاضة العراقية، بما لديهم من وسائل احتجاج سلمية الأسبوع المقبل. وأكد محتجون من بغداد والناصرية لـ"العربي الجديد"، أن "التظاهرات ستستمر حتى وإن صوَّت البرلمان العراقي لصالح حكومة علاوي، لأنها حتماً ستكون غير مرضية للعراقيين لا سيما مع الأنباء الكثيرة التي توحي بدعم جهات سياسية لهذه الحكومة، فضلاً عن دعم إيران لها، وهو ما يعني أنها مستفيدة منها، وطالما أن الأحزاب تمكنت من نيل مرادها من الحكومة، فالمعارضة الشعبية ستبقى قائمة".

في السياق، قال الناشط غيث جواد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "جميع خيم المعتصمين في ساحة التحرير، التي تمثل المتظاهرين في العاصمة، اتفقت على مواصلة الاحتجاجات، بل وتصعيدها في حال لم تكن الحكومة العراقية الجديدة مرضية لها. وهناك خيارات تصعيدية عدة تتم دراستها حالياً في الساحة، ومنها تشكيل وفد موحّد من المتظاهرين في عموم العراق لتنظيم زيارات إلى بلدان أوروبية من أجل طرح ملف القضية العراقية وأزمة الاحتجاجات واحتيال السلطات في البلاد على الشعب مع تقديم شرح مفصل لطرق النظام في قمع المحتجين وأعداد القتلى".

وأضاف أن "المتظاهرين تزداد قناعتهم يوماً بعد يوم بأهمية الالتئام ضمن كيانات سياسية جديدة، وهذا لا يعني نجاح الحراك الشعبي بالتغيير، ولكن من أجل التغيير على المستوى السياسي لا بد من الدخول إلى السلك السياسي ومعالجة الأخطاء التي ارتكبتها أحزاب السلطة، والوقوف بوجه استمرار الفساد الإداري والمالي". أما بشأن حكومة علاوي، فأوضح جواد أن "الحكومة الجديدة مرفوضة مقدماً، لأن ما بني على باطل فهو باطل، فالأحزاب والفصائل المسلحة والتيارات الدينية التي مكنت علاوي من نيل منصب رئيس الوزراء، لن تسمح لعلاوي بالعمل على تنفيذ مطالب المحتجين ما لم تكن قد حصلت على الضمانات والتعهدات التي من خلالها ستحصل على المكاسب والمغانم والصفقات التي تطمح إليها، وجميع المتظاهرين في ساحات الاحتجاج، سواء في بغداد أو المدن المنتفضة الأخرى، ترفع شعارات رفض الحكومة الجديدة منذ أسبوعين، ولكن هذا لا يمنع من انتظار أسماء الوزراء التي ستُعلن خلال الأيام المقبلة".



أما المحتج من بابل علي الجنابي، فقد بيَّن أن "تمرير حكومة علاوي الجديدة قد يتم، ولكن الإخفاق الذي ستواجهه كبير جداً، لا سيما بما يتعلق بتنفيذ مطالب المحتجين، وأبرزها كشف قتلة المتظاهرين". وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "أحزاب السلطة وعناصر من الفصائل المسلحة وشخصيات نافذة هي التي تكفلت بإعطاء الأوامر بتنفيذ حملات الاغتيال والتصفية والاختطاف والترهيب بحق العراقيين، وهذه الفقرة بحد ذاتها كفيلة بأن تُفشل حكومة كاملة، لأنها ستنهار مع إعلان أي اسم، لا سيما أن المتورطين بقتل المحتجين غالبيتهم موظفون في الدولة العراقية ويتمتعون بحصانة وعلاقات قوية على المستوى السياسي والإقليمي، وهو ما سيدعو المتظاهرين إلى الاستمرار بالاحتجاج".

وأصدر المتظاهرون في بغداد بياناً عقب إعلان موعد تقديم التشكيلة الحكومة الجديدة إلى البرلمان، بعنوان "أسئلة غير جدلية لمرشح جدلي"، طرح فيه المحتجون ببغداد سلسلة من التساؤلات، تتعلق بالمفاوضات السياسية بشأن تشكيل الحكومة، حيث تضمن البيان تشكيكاً بأن تكون خالية من التأثيرات الحزبية، كما أنه تضمن تأكيداً علنياً بأن "الحكومة الجديدة لن تستطيع تحقيق أي شيء من مطالب المتظاهرين".

برلمانياً، رأى النائب باسم خشان أن "المتظاهرين وحدهم هم الذين يقررون قبولهم بحكومة علاوي أو يرفضونها، فالموافقة البرلمانية والتصويت بالقبول أو الرفض في مجلس النواب يكون في الحالات الطبيعية، ولكن في ظل الوضع الحالي فإن التصويت يكون من خلال ساحات الاحتجاج، وقد صوَّت المتظاهرون منذ أكثر من أسبوع بالرفض لحكومة علاوي". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "علاوي سيواجه ضغطاً جماهيرياً أكبر بكثير مما يعانيه حالياً من ضغوطات وتهديدات بعض الكيانات السياسية".

أما السياسي أثيل النجيفي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين في العراق لن يرجعوا إلى منازلهم إن صوَّت البرلمان على حكومة علاوي، فمطالبهم صعبة على الحكومة الجديدة، لأن ملفات مهمة لن تتمكن من فتحها، وأبرز هذه الملفات هي ما يرتبط بالكشف عن قتلة المحتجين، ولا سيما أن بعضهم قادة بالقوات النظامية وآخرون بالحشد الشعبي، وهم على صلة قوية بإيران، وحتى في حال تمت التضحية بعدد قليل من الضباط الذين لا حول لهم ولا قوة، فإن المطالبات بإعدام رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي ستكون ضاغطة على علاوي. وهذا المأزق يورط كل الأحزاب، وقد يزداد القمع تجاه المحتجين". ولفت إلى أن "المتظاهرين يدركون خطورة المرحلة المقبلة، ولكن يبدو أنهم جاهزون لها، ويتضح ذلك من خلال البيانات التي أصدروها أخيراً".

من جهته، أشار المحلل أحمد الشريفي إلى أن "جهات سياسية عدة تسعى إلى احتواء التظاهرات في المرحلة المقبلة، تحديداً في بغداد، من خلال حصر تأثيرها على مستوى الجغرافيا والتأثير، من أجل تخفيف الضغط على حكومة علاوي. ولكن هذا الأمر سيؤدي إلى تصادم المتظاهرين مع قوات الأمن، وأنهار جديدة من الدماء"، داعياً الحكومة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تترك المتظاهرين يعبرون عن آرائهم والاستفادة منها بدل قمعهم، لأنهم سيشاركون بتصحيح المسار السياسي، وعلى علاوي الاعتماد عليهم".

المساهمون