كشف مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن توجّه حكومة مصطفى الكاظمي إلى اعتبار الهجمات الصاروخية التي تطاول المنطقة الخضراء ومنشآت عسكرية مختلفة، تستضيف القوات الأميركية، شمال وغربي بغداد، على أنها اعتداءات إرهابية، تُدرج ضمن المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، الذي يفوض القوات العراقية سلسلة إجراءات استثنائية في التعامل مع المتورطين بها.
ومنذ منتصف يوليو/تموز الماضي تصاعدت حدة الهجمات التي تستهدف مقرات عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية، وأخرى تعمل ضمن برنامج التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، بلغت ذروتها منذ التفجير الذي وقع في قاعدة "الصقر" جنوبي بغداد في السادس والعشرين من يوليو، وأتى على مخزن صواريخ وأسلحة لـ"كتائب حزب الله" و"النجباء"، أبرز المليشيات المرتبطة بإيران في العراق. وأعقب الحادث، الذي اتهمت فيه زعامات مسلحة الولايات المتحدة بالوقوف خلفه، سلسلة هجمات على المنطقة الخضراء ومطار بغداد وقاعدة التاجي، بواسطة صواريخ "كاتيوشا"، أسفرت عن أضرار مادية فقط، بينها مروحية عراقية قتالية تعرضت لأضرار بالغة بحسب بيان لوزارة الدفاع العراقية. كما أعلنت قيادة عمليات بغداد عن ضبط 7 صواريخ "كاتيوشا" الأسبوع الماضي كانت موجهة نحو المنطقة الخضراء.
الكاظمي وجّه جهاز مكافحة الإرهاب بتشكيل فرقة خاصة للتعامل مع خلايا الكاتيوشا
وكشف مسؤول عراقي رفيع المستوى، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أبلغ قوى سياسية وقيادات في فصائل ضمن "الحشد الشعبي" نيّته التعامل مع ما يعرف بـ"خلايا الكاتيوشا" على أنها جماعات إرهابية وفقاً للمادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب النافذ في البلاد، موضحاً أن ذلك جاء عقب اجتماع مع قيادات أمنية وعسكرية أطلعوا رئيس الوزراء على تنفيذ خطة جديدة لمواجهة تهديدات هجمات "الكاتيوشا" التي دخلت فعلاً حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.
وأكد المسؤول أن "الكاظمي وجّه جهاز مكافحة الإرهاب بتشكيل فرقة خاصة للتعامل مع خلايا الكاتيوشا، وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب الذي يمنح قوات الأمن سقفاً عالياً في مواجهتها"، معتبراً أن "تنفيذ هذا التوجه فعلاً، على الرغم مما فيه من مخاطر، من الممكن أن يفتح مواجهة بين القوات العراقية وتلك الخلايا، في حال مداهمة المناطق والمقرات المشتبه بها للفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، وهو ما قد يفسر تحفظ قوى سياسية عدة على هذا التوجه، لكنه في الوقت نفسه قد يكون آخر المعالجات لدى الكاظمي، بعد فشل الجهود السياسية في وقف هجمات الصواريخ".
وحول ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كاطع الركابي، إنه "لا يمكن إطلاق وصف الإرهابي على جهات لا تستهدف المدنيين العراقيين بل هي مقاومة ضد الوجود الأميركي والأجنبي في العراق، لذا لا يمكن القبول بهذه الخطوة". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "من الصعوبة جداً تسمية ما يطلق عليهم اليوم بخلايا الكاتيوشا على أنها جماعة إرهابية، فهي تقوم بأعمال ضد تواجد أجنبي غير مرغوب فيه سياسياً وشعبياً، لكن في الوقت نفسه عمليات القصف والاستهداف التي تقوم بها هذه الخلايا تؤثر على الوضع العام ووضع الأمن في عموم البلاد وتؤثر على علاقة العراق بالدول الأخرى". ورأى أن "استمرار عمليات القصف والاستهداف من قبل خلايا الكاتيوشا في بغداد والمحافظات، لن يدفع الحكومة العراقية إلى إطلاق مصطلح الإرهابية على بعض الفصائل المسلحة في الوقت الحاضر، فهذا صعب وبعيد جداً، إذ سيفتح الباب أمام أزمات جديدة، حكومة مصطفى الكاظمي في غنى عنها".
اعتبر الركابي أن إطلاق مصطلح الإرهابية على بعض الفصائل المسلحة سيفتح الباب أمام أزمات جديدة
في المقابل، اعتبر الخبير الأمني المقرب من أجهزة الاستخبارات العراقية فاضل أبو رغيف، إقدام الحكومة على إطلاق صفة الإرهاب على "خلايا الكاتيوشا" بأنه "صعب جداً"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "خلايا الكاتيوشا تعمل على إرباك الوضع في العراق، لكن إطلاق تسمية جماعة إرهابية على هذه الخلايا حالياً صعب جداً، فالبعض يقول إذا أطلقنا هذا الوصف يجب أن تصنف الحكومة العراقية الضربات الأميركية ضد مواقع الحشد الشعبي أو الفصائل على أنها أيضا عمليات إرهابية". ولفت أبو رغيف إلى أن "خلايا الكاتيوشا حتى الآن تُعتبر مجموعات شبحية، لا أحد يعرف عناصرها أو قياداتها، بينما تصنيف أي تنظيم أو جماعة على أنها إرهابية لا يمكن إلا بعد كشف عناصرها وقياداتها"، مضيفاً "حتى اللحظة لم تتوصل الجهات العراقية المختصة إلى أي معلومات بشأن تلك الجماعات، فهذه الخلايا تعمل وفق احترافية عالية تخفي هويتها، ولا تترك أي دليل عليها بعد تنفيذ أي عملية قصف صاروخي في العاصمة بغداد أو المحافظات الأخرى".