من بين 204 أحزاب مسجّلة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، بلغت حصة الأحزاب الإسلامية 12 حزباً، هي حزب الفضيلة الإسلامي، وحزب الدعوة الإسلامية، والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والحركة الإسلامية في العراق، والحزب الإسلامي العراقي، وحركة 15 شعبان الإسلامية، وحزب ثار الله الإسلامي، وحزب دعاة الإسلام تنظيم العراق، وحركة العراق الإسلامية، ومنظمة العمل الإسلامية، والاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، والجماعة الإسلامية الكردستانية. وفي الوقت الذي أكد فيه سياسيون أن معظم الأحزاب الإسلامية ارتدت ثوب المدنية، كشف قياديون في "التيار المدني العراقي" أن "الأحزاب الإسلامية الطائفية لا يمكن أن تكون مدنية وحتى ولو رفعت شعارات تدعو لذلك".
نسبة الأحزاب الإسلامية البالغة 6 في المائة من مجموع الأحزاب المسجلة في مفوضية الانتخابات، مثّلت مفاجأة للمفوضية والجهات المعنية بالشؤون الانتخابية في العراق، بحسب مصدر في مفوضية الانتخابات، الذي أكد لـ "العربي الجديد" أن "النسبة المتوقعة كانت تراوح بين 50 و55 في المائة، مقارنة بالانتخابات السابقة التي كنا نشهد فيها هيمنة واضحة للأحزاب الإسلامية". وأضاف المصدر أن "بعض الأحزاب المعروفة سُجّلت في بادئ الأمر بعناوين إسلامية، قبل أن تسحب تسجيلها لتعود بعد أيام بتسميات مدنية"، موضحاً أن "مفوضية الانتخابات على علم بالمرجعية الإسلامية لكثير من الأحزاب التي حملت عناوين مدنية". وتابع "لكن هذا الأمر لا يعنيها كونها جهة رسمية مكلفة بتسجيل أي حزب يلبي شروط دائرة الأحزاب التابعة لمفوضية الانتخابات".
من جهته، عزا الناشط المدني اليساري رشيد غويلب، أسباب ارتداء الأحزاب الإسلامية ثوب المدنية، إلى "فشل ممارستها للسلطة منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003"، مبيناً خلال مقابلة تلفزيونية أن "هذه الأحزاب جنحت إلى حمل تسميات مدنية على الرغم من أنها قائمة على إرث إسلامي وأسر دينية". وعبّر عن استغرابه من "التحول المفاجئ للأحزاب الإسلامية نحو الخطاب المدني"، مضيفاً أن "الغريب هو أن الإسلام السياسي المتشدد من الطائفتين (السنة والشيعة) تحول إلى الخطاب المدني، وهنا تمكن الإشارة إلى أنهم يريدون مسايرة مزاج الناس الرافض لأدائهم، وحتى جمهورهم بدأ يفكر في البحث عن بديل لهم". وأكد أن "بعض الأحزاب الإسلامية التاريخية أصبحت على قناعة بأن خطابها غير مجدٍ ما دفعها لرفع عناوين مدنية". ولفت إلى أن "هيمنة الأحزاب الإسلامية على المشهد السياسي تسببت بالفساد والتخلف والأمية"، متسائلاً: "لماذا بعد 14 سنة من الإدارة الفاشلة يبحثون عن أسماء علمانية؟". وأوضح أن "كثيراً من الفاسدين جاءوا عن طريق الأحزاب الإسلامية".
أما القيادي في "التيار المدني العراقي" جاسم الحلفي، فرفض الاعتراف بالتسميات المدنية التي رفعتها بعض الأحزاب الإسلامية والطائفية، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن "الأحزاب الطائفية التي ترفع شعار المدنية لا تمثل المدنيين". والحلفي خسر الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2014 على الرغم من حصوله على 17 ألف صوت، واعتبر أن "الانتخابات في جانب منها هي انتخابات إقليمية تُدار على أرض العراق"، لافتاً إلى "وجود تمويل كبير من دول إقليمية وعربية لأحزاب مشتركة في العملية السياسية، التي أصبح بعض أفرادها كأنهم سفراء لدول أخرى في العراق".
بدوره، انتقد عضو البرلمان العراقي عن "التحالف المدني" فائق الشيخ علي، الأحزاب الإسلامية، معتبراً أنها "غيّرت جلدها للتحوّل إلى المدنية"، متهماً الأحزاب الإسلامية بـ"التقلب وعدم اتخاذ موقف ثابت". ورأى في مقابلة تلفزيونية أن "الجماهير لا تثق بالإسلام السياسي الذي دمّر البلاد".
في المقابل، أكد عضو "التحالف الوطني" علي الموسوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المدنية ليست حكراً على أحد ولا يمكن لحزب بعينه أن يحتكرها"، مبدياً استغرابه من "الهجمة التي تتعرّض لها أحزاب إسلامية دخلت الانتخابات بعناوين جديدة مدنية". وتابع قائلاً: "لا ثبات في السياسة، فالصالح اليوم قد لا يكون كذلك غداً، والعكس صحيح"، مؤكداً أن "كل التسميات والعناوين متاحة ما دام الدستور العراقي لم ينص خلاف ذلك". واتهم منتقدو الأحزاب الإسلامية بـ"شنّ حملة مبكرة تمهيداً للانتخابات البرلمانية المقررة في 12 مايو/ أيار المقبل"، مبيناً أن "التيار المدني فشل هو الآخر من خلال أعضائه في البرلمان في تأدية دوره بشكل صحيح خلال السنوات الماضية، ولم يتمكن نوابه من طرح استجواب واحد، سواء كان لوزير أو مسؤول".
من جهتها، اتهمت عضو البرلمان العراقي عن "التحالف المدني" شروق العبايجي، بعض الجهات بـ"محاولة تضليل الرأي العام من خلال ترداد أقوال مضللة بأن النائب الشريف هو فقط الذي يقوم بالاستجوابات"، مؤكدة أن "هذه الجهات تمارس الابتزاز السياسي من خلال الاستجوابات". وأشارت إلى أن "الاستجوابات تدر على هؤلاء بمبالغ هائلة"، متسائلة "ما فائدة الاستجوابات التي قامت بها حتى الآن غير أموال الابتزاز السياسي؟".
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، أن "حرب التصريحات بين المدنيين والإسلاميين أمر طبيعي، أما غير الطبيعي فهو تخلّي أحزاب إسلامية عن تاريخها الإسلامي لصالح التسميات المدنية". وأضاف "فوجئنا كمحللين بوجود عدد قليل من الأحزاب الإسلامية ضمن قائمة الأحزاب السياسية المسجلة في مفوضية الانتخابات"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن "هذا الأمر يمثل اعترافاً ضمنياً من قبل الإسلام السياسي بالفشل في قيادة البلاد خلال السنوات الماضية".
يشار إلى أن "حزب الدعوة الإسلامية" (الشيعي) يسيطر على مقاليد الحكم في العراق منذ 13 عاماً، إذ تولى القيادي بالحزب، وزير الخارجية الحالي إبراهيم الجعفري السلطة في حكومة مؤقتة طيلة عام 2005، قبل أن يخلفه الأمين العام لـ"حزب الدعوة"، نائب الرئيس العراقي الحالي نوري المالكي، في حكومتي (2006-2010) و(2010-2014)، بعدها بدأ عهد حيدر العبادي، وهو الآخر قيادي في "حزب الدعوة"، منذ عام 2014.