نفّذ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، حملة اعتقالات واسعة في مناطق شمال وغرب العراق، الأحد، طالت مئات العراقيين، من بينهم رجال دين وأعضاء في جماعات مسلحة أخرى رفضت مبايعته، فضلاً عن ناشطين وشخصيات اجتماعية بارزة. كما نفّذ حكم الإعدام بحق 46 شخصاً، بينهم 12 سورياً اتهمهم بالتجسس لصالح "الحلف الصليبي الصفوي".
وتوضح مصادر قبَلية بارزة في مدن الموصل والفلوجة وتكريت والقائم، أن "داعش شنّ حملة اعتقالات واسعة النطاق في تلك المدن، منذ فجر الأحد، طالت المئات من أبناء تلك المدن، منهم رجال دين وشيوخ عشائر ومثقفين وشخصيات اجتماعية بارزة، فضلاً عن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وعناصر بالجيش العراقي السابق".
وقال نائب رئيس مجلس عشائر نينوى، الشيخ إبراهيم الحسن، لـ"العربي الجديد"، إن"التنظيم اعتقل نحو 200 مواطن من منازلهم، من خلال حملة دهم وتفتيش واسعة، نفذتها عناصر مسلّحة، واستخدمت فيها سيارات رباعية الدفع كُتب عليها: الأمن الوقائي للدولة الإسلامية".
وبحسب الحسن، فإن "من بين المعتقلين 14 رجل دين، و7 من شيوخ العشائر، فضلاً عن عشرات من المواطنين ممّن يحتلون مكانة اجتماعية في المدينة، وضباط في الجيش السابق، وشبان قيل إنهم هاجموا التنظيم على موقعي التواصل الاجتماعي: فيسبوك وتويتر".
ويضيف أن "داعش احتجز المعتقلين في معمل للحديد الصلب وسط الموصل، وفتح تحقيقاً معهم، في وقت يُخشى أن تجري تصفيتهم، كما حصل مع ضحايا سابقين".
وأكد سكان بالموصل أن "داعش أعدم، في اليومين الماضيين، 46 شخصاً، من بينهم 12 مواطناً سورياً، بتهمة الخيانة والتخابر مع (العدو)، بإعطائهم إحداثيات مواقع التنظيم". وتشير مصادر إلى أن "تسعة من المواطنين السوريين الذين تم إعدامهم، هم من النازحين، والآخرين أعضاء في تنظيم داعش".
من جهته، قال رجل الدين، الشيخ إبراهيم العجيلي، في تكريت، لـ"العربي الجديد"، إن "داعش باشر باعتقال جميع معارضيه، والرافضين مبايعته، واصفاً إياهم بالمرتدين والفاسقين".
ويوضح العجيلي أن "من بين المعتقلين عناصر مسلحة في فصائل سنية رفضت في وقت سابق الانضمام إلى داعش أو الاعتراف بخلافته". ويؤكد أن "الإجراء تعسفي لا يشبه إلا أسلوب عدد من الأنظمة العربية الحالية".
وفي الفلوجة، قال سكان محليون إن "التنظيم اقتاد نحو 54 معارضاً له من العراقيين في ضواحي المدينة الشرقية والشمالية، إلى جهات مجهولة، وجدت جثث خمسة منهم في حقل زراعي بعد اعتقالهم بساعات، أحدهم شخصية عشائرية بارزة، وتركت قرب الجثث ورقة كتب عليها: عاشوا في ربوع دولة الإسلام بأمان، وحاولوا الغدر بها بالتحالف مع الروافض والصليبيين".
وحول سبب حملة الاعتقالات الجديدة التي ينفذها داعش، يقول القيادي بالمجلس العسكري لعشائر العراق، عبد الله الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "داعش باشرت بخطة استباقية لإعاقة تشكيل قوات الحرس الوطني الجديدة، بعد تسمية ستة معسكرات لاستقبال المتطوعين في المحافظات الشمالية والوسطى، وعقد اجتماعات في بغداد مع شخصيات مؤثرة، وافقت على حثّ المواطنين على الانخراط في هذا التشكيل الذي يهدف إلى قتال التنظيم المتطرف".
ويوضح القيادي العشائري أن "ساحة الرفض حيال تنظيم الدولة في العراق تتّسع بشكل يوميّ، خصوصاً بعد تنفيذه سلسلة جرائم قتل وتعذيب وجلد، واستهدافه رموزاً من فصائل أخرى، ومحاولته ترسيخ خلافته المزعومة في المدن".
في السياق ذاته، يكشف مسؤول عسكري عراقي، في هيئة رئاسة أركان الجيش، لـ"العربي الجديد"، عن "بدء داعش بخطة لضرب معسكرات التطوع للحرس الوطني، وترهيب المواطنين فيها".
ويوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "تنظيم داعش وزّع منشورات في ستة محافظات عراقية، تهدد بقتل كل مَن ينتسب إلى هذا التشكيل، أو يفكر بالذهاب إليه، كما استهدفت بهجمات انتحارية ثلاثة معسكرات، في صلاح الدين والأنبار ونينوى، كانت معدّة لاستقبال المتطوعين".
كما يشير إلى "خطة تجري دراستها حالياً لنقل معسكرات التطوع والتدريب إلى داخل بغداد، مع صرف مرتبات مجزية للمتطوعين، وبشكل مقدم، لتشجيعهم على البقاء".