كشفت العملية العسكرية الواسعة، التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة، منذ مساء الاثنين الماضي، عن قدرات جديدة لفصائل المقاومة الفلسطينية وتطور نوعي في إمكانياتها العسكرية، خصوصاً فيما يتعلق بوصول الصواريخ إلى أماكن تقع في شمال فلسطين المحتلة ووسطها.
وبالإضافة إلى الصواريخ محلية الصنع وراجماتها المُطورة، استحدثت فصائل المقاومة، خاصة كتائب "عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، و"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، وحدات عسكرية جديدة تعمل في الميدان.
وكانت المفاجئة الأولى لكتائب "القسام" في العدوان، عندما أعلنت، مساء يوم الثلاثاء الماضي، عن قصفها للمرّة الأولى مدينة حيفا، شمالي فلسطين المحتلة، بصاروخ محلي الصنع، أطلقت عليه اسم "R160" نسبة إلى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، أحد قادة ومؤسسي حركة "حماس". وتبعد مدينة حيفا قرابة 140 كيلومتراً عن قطاع غزة.
ويوم الأربعاء الماضي، كشفت كتائب "القسام" الستار عن صاروخ آخر جديد ومحلي الصنع من طراز J80، والذي ضربت به تل أبيب وسط فلسطين المحتلة. وأطلقت على هذا الصاروخ اسم J80 تيمناً بالشهيد أحمد الجعبري، نائب القائد العام لكتائب "القسام" الذي اغتالته إسرائيل في 14 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2012.
ولا تقتصر ترسانة القسام العسكرية على هذا الحد، فقد أعلنت الكتائب عن قصفها، يوم الخميس الماضي، مستوطنتي "روحوفوت" و"بيت يام"، بصاروخ محلي الصنع من طراز "سجيل 55"، من دون أن تكشف عن سرّ التسمية.
وهذه الصواريخ الجديدة، يضاف إليها صاروخ "M75"، الذي استخدمته كتائب "القسام" في قصف تل أبيب والقدس خلال عملية "عامود السحاب" الإسرائيلية عام 2012، وعاودت استخدامه في هذه الحرب لقصف المدن ذاتها، بالإضافة إلى مدينة "ديومنا" ثالث أكبر مدينة في منطقة النقب.
"سرايا القدس"، هي الأخرى كانت لها مفاجآتها خلال هذه العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة، فقد أعلنت عن قصفها مدينة تل أبيب وسط فلسطين المحتلة بصاروخ محلي الصنع من طراز "براق 70"، وهذه المرّة الأولى، الذي يستخدم فيه هذا النوع من الصواريخ.
كما استخدمت "السرايا"، صاروخاً من طراز "فجر 5" لقصف مدينتي تل أبيب والقدس (وسط)، بكثافة في تطور نوعي آخر، إذ لم تستخدم "سرايا القدس" سوى بضعة صواريخ خلال عملية "عامود السحاب" عام 2012.
وبالإضافة إلى تطور الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع وزيادة قدرتها التدميرية، فإنّ كتائب "القسام" و"سرايا القدس" استخدمتا راجمات صواريخ متطورة وعملاقة لقصف المدن المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية.
وتزامن ذلك التطور الصاروخي لفصائل المقاومة الفلسطينية مع استحداث وحدات قتالية جديدة، كوحدة "الكوماندوس" البحري التابعة لكتائب "عز الدين القسام"، التي نفذت هجوماً على قاعدة "زيكيم" البحرية العسكرية الإسرائيلية الواقعة على شواطئ مدينة عسقلان (أشكلون) إلى الشمال من قطاع غزة.
وقالت كتائب القسام، يوم الثلاثاء الماضي: إن مجموعة من وحدة "الكوماندوس" البحري التابعة لها تسلسلت إلى قاعدة "زيكيم" العسكرية، فيما أشارت الإذاعة الإسرائيلية العامة إلى أن أحد الجنود الإسرائيليين أصيب خلال الاشتباك مع المسلحين.
"سرايا القدس"، هي الأخرى كشفت عن وحدة جديدة في صفوفها أطلقت عليها اسم "المغاوير"، بحيث اشتبكت مجموعة من هذه الوحدة مع قوة إسرائيلية في موقع ناحل عوز الإسرائيلي شرقي مدينة غزة، مساء الجمعة. وقالت "السرايا" إن "اشتباكات عنيفة وقعت بين وحدة المغاوير وقوة إسرائيلية في موقع نحال عوز العسكري الإسرائيلي".
وعلى صعيد تطوير القدرات البرّية للمقاومة الفلسطينية، فقد فجرت كتائب "عز الدين القسام"، يوم الثلاثاء الماضي، نفقاً أرضياً أسفل موقع كرم أبو سالم العسكري الإسرائيلي أقصى جنوبي قطاع غزّة.
ولم تعد تحلق الطائرات الإسرائيلية في أجواء قطاع غزّة، من دون أن تُلقي "بلالين حرارية" تحسباً من إصابتها بصواريخ المقاومة المضادة للطائرات. إذ أعلنت كتائب "القسام" يوم الثلاثاء الماضي، عن استهدافها مروحية إسرائيلية في أجواء مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزّة، باستخدام صاروخ من طراز "سام 7". وقالت: إن الصاروخ أصاب هدفه.
ولا يتخوف المقاومون الفلسطينيون من إمكانية توسيع إسرائيل لعمليتها العسكرية ضدّ قطاع غزّة لتشمل تدخلاً برياً. وقال المتحدث باسم "كتائب القسام"، أبو عبيدة، في خطاب مسجل بثته قناة "الأقصى"، التابعة لحركة "حماس"، يوم الخميس الماضي، تعقيباً على التهديدات الإسرائيلية بشن حرب برية ضدّ غزّة: نواضح غزة تنتظركم، وهي تحمل الموت الزؤام وسيرى العالم كله جماجم جنودكم تدوسها أقدام أطفال غزة الحافية، وسيكون بشرى لأسرانا في سجون الاحتلال". وأضاف "لقد أعددنا أنفسنا لمعركة طويلة جداً، وليس كما يقول قادة العدو لأسبوع أو عشرة أيام بل لأسابيع طويلة وطويلة جداً".
كما أكّد المتحدث باسم "سرايا القدس"، أبو أحمد، أن "المقاومة جاهزة لأية معركة برية"، مشيراً إلى أنّ "المقاومة تستطيع أن تصمد لأبعد مدى".