01 نوفمبر 2020
العبودية العصرية
حينما يتبادر إلى مسمع أحدنا حديث عن العبيد والعبودية، فلا شك في أن أول ما يقفز أمام العين هي صورة القهر والاضطهاد ووحشية التعامل التي كان يتعرض العبيد إليها من قِبل من نصّبوا أنفسهم أسياداً عليهم، وذلك في العصور الغابرة وما بعد الغابرة تحديداً في أميركا.
حينها تتقلب الصور تباعاً، فترى العبيد الذين تم اقتيادهم مكبلين بالأغلال ليقوموا بما يخطر وما لا يخطر على البال من أعمال فيها من القسوة والمهانة ما تقشعر لها الأبدان، وتشمئز منها الأنفس. يقضون الساعات الطوال تحت حر الصيف وبرد الشتاء، من دون أن يكون لهم الحق في التألم والاعتراض وبالكاد ينالون بضع سويعات ليريحوا بها أجسادهم الهالكة.
وليس مقابل ذلك من أجر إلا لقيمات يسدون بها رمقهم، حتى تبقيهم على قيد الحياة! فهم أملاك لأسيادهم يتصرفون بهم كما يشاؤون، وبالطريقة التي يشاؤون.
ومع كل ذلك، فإنهم لا يجدون إلا كل أنواع الغلظة والقسوة في التعامل، ولا يُنظر إليهم إلا كونهم آلات يجب ألا تتوقف عن العمل، بل إن الآلات محظوظة ومُقدرة أكثر منهم، فلها من العناية والاهتمام ما ليس لهم.
والآن لنأخذ الصورة الحديثة من العبودية، صورة العمال وأرباب العمل في مجتمعاتنا، وخاصة العربية، وبالأخص مجتمعنا اليمني. بدلاً من العبيد والأسياد، يوجد أرباب العمل الذين يستخدمون العمال لتشييد مصانعهم، ومضاعفة ثرواتهم مقابل أجر، هو في الأساس حفنة من المال بالكاد يغطي طعامهم وشرابهم.
فما يستلمه العامل كأجر لخدمته لا يحفظ كرامته، فلا يستطيع من خلاله توفير متطلبات حياته الأساسية من طعام وشراب، ومسكن ولباس ودواء، فما بالك ببقية متطلبات حياته الأخرى.
إنهم يكدحون ليل نهار حتى تهزل أجسادهم، يتصببون عرقاً حتى تنشف عروقهم، يعملون منتصبين حتى تميل ظهورهم، يُرفّهون على أرباب العمل، ولا يجد الترفيه إلى حياتهم سبيلاً، يمرضون فيزدادون إهمالاً، يجوعون فيزدادون جوعاً، يزداد إنتاجهم فيزدادون فقراً، يموتون فتنهال عليهم عبارات المديح التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
إنهم ينظرون للآلات التي يعملون عليها، فيجدون أنها تلقى من العناية والاهتمام أكثر مما يلقونه، فإذا أصابها عطب، سرعان ما يتم إصلاحها، فتنفق من أجلها أكثر مما يُنفق على العامل في حال مرضه، فحينها يكون لسان حالهم "ليتنا كنا آلات"!
يُشيد أرباب العمل إمبراطورياتهم، ويكوّنون ثرواتهم على ظهور هؤلاء العمال وبسواعدهم كما شيدت أميركا بلدها بسواعد السود الأفارقة.
نجد العمال يقضون عشرات السنوات مع أصحاب الأعمال، لا يتوانون عن بذل الجهد والإخلاص في أعمالهم، وفي نهاية مشوارهم يجدون ان كل ما كانوا يتقاضونه لم ينفقوه إلا على طعامهم وشرابهم، بل إنه ليس كل أنواع الطعام والشراب، وإنما ما هو في حدوده الدنيا، وكأن لسان حالهم "نعمل مقابل طعامنا وشرابنا"، فبأي شيء اختلف حالهم عن عبيد الأمس!؟
فكلاهما عمل مقابل قوت يومه، وما اختلفوا إلا في مسمياتهم، فأولئك عبيد، يعملون لدى أسيادهم، وهؤلاء عمال يعملون لدى أصحاب عملهم، وأولئك يعملون مقابل طعام وشراب يُقدم إلى أيديهم، وهؤلاء يعملون مقابل أجر بالكاد يفي لشراء الطعام والشراب.
إن العامل من حقه أن يحصل على أجر يصون كرامته وإنسانيته، أجر يوفر له طعامه وشرابه، وأجر مسكنه، وعلاجه في حال مرضه، ومتطلبات حياته الأساسية. أن هذا ليس بالصعب على أصحاب الأعمال، فهذا ليس له أثر مقارنة بما يربحونه من أموال طائلة، إلا أنه الطمع، والرغبة في تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال، حتى يصبح هذا المال دُولة بينهم فقط، فيزدادون فحشاً في الثراء، وبحبوحة في العيش، ويزداد العامل شدة في الفقر، وشظفاً في العيش..
حينها تتقلب الصور تباعاً، فترى العبيد الذين تم اقتيادهم مكبلين بالأغلال ليقوموا بما يخطر وما لا يخطر على البال من أعمال فيها من القسوة والمهانة ما تقشعر لها الأبدان، وتشمئز منها الأنفس. يقضون الساعات الطوال تحت حر الصيف وبرد الشتاء، من دون أن يكون لهم الحق في التألم والاعتراض وبالكاد ينالون بضع سويعات ليريحوا بها أجسادهم الهالكة.
وليس مقابل ذلك من أجر إلا لقيمات يسدون بها رمقهم، حتى تبقيهم على قيد الحياة! فهم أملاك لأسيادهم يتصرفون بهم كما يشاؤون، وبالطريقة التي يشاؤون.
ومع كل ذلك، فإنهم لا يجدون إلا كل أنواع الغلظة والقسوة في التعامل، ولا يُنظر إليهم إلا كونهم آلات يجب ألا تتوقف عن العمل، بل إن الآلات محظوظة ومُقدرة أكثر منهم، فلها من العناية والاهتمام ما ليس لهم.
والآن لنأخذ الصورة الحديثة من العبودية، صورة العمال وأرباب العمل في مجتمعاتنا، وخاصة العربية، وبالأخص مجتمعنا اليمني. بدلاً من العبيد والأسياد، يوجد أرباب العمل الذين يستخدمون العمال لتشييد مصانعهم، ومضاعفة ثرواتهم مقابل أجر، هو في الأساس حفنة من المال بالكاد يغطي طعامهم وشرابهم.
فما يستلمه العامل كأجر لخدمته لا يحفظ كرامته، فلا يستطيع من خلاله توفير متطلبات حياته الأساسية من طعام وشراب، ومسكن ولباس ودواء، فما بالك ببقية متطلبات حياته الأخرى.
إنهم يكدحون ليل نهار حتى تهزل أجسادهم، يتصببون عرقاً حتى تنشف عروقهم، يعملون منتصبين حتى تميل ظهورهم، يُرفّهون على أرباب العمل، ولا يجد الترفيه إلى حياتهم سبيلاً، يمرضون فيزدادون إهمالاً، يجوعون فيزدادون جوعاً، يزداد إنتاجهم فيزدادون فقراً، يموتون فتنهال عليهم عبارات المديح التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
إنهم ينظرون للآلات التي يعملون عليها، فيجدون أنها تلقى من العناية والاهتمام أكثر مما يلقونه، فإذا أصابها عطب، سرعان ما يتم إصلاحها، فتنفق من أجلها أكثر مما يُنفق على العامل في حال مرضه، فحينها يكون لسان حالهم "ليتنا كنا آلات"!
يُشيد أرباب العمل إمبراطورياتهم، ويكوّنون ثرواتهم على ظهور هؤلاء العمال وبسواعدهم كما شيدت أميركا بلدها بسواعد السود الأفارقة.
نجد العمال يقضون عشرات السنوات مع أصحاب الأعمال، لا يتوانون عن بذل الجهد والإخلاص في أعمالهم، وفي نهاية مشوارهم يجدون ان كل ما كانوا يتقاضونه لم ينفقوه إلا على طعامهم وشرابهم، بل إنه ليس كل أنواع الطعام والشراب، وإنما ما هو في حدوده الدنيا، وكأن لسان حالهم "نعمل مقابل طعامنا وشرابنا"، فبأي شيء اختلف حالهم عن عبيد الأمس!؟
فكلاهما عمل مقابل قوت يومه، وما اختلفوا إلا في مسمياتهم، فأولئك عبيد، يعملون لدى أسيادهم، وهؤلاء عمال يعملون لدى أصحاب عملهم، وأولئك يعملون مقابل طعام وشراب يُقدم إلى أيديهم، وهؤلاء يعملون مقابل أجر بالكاد يفي لشراء الطعام والشراب.
إن العامل من حقه أن يحصل على أجر يصون كرامته وإنسانيته، أجر يوفر له طعامه وشرابه، وأجر مسكنه، وعلاجه في حال مرضه، ومتطلبات حياته الأساسية. أن هذا ليس بالصعب على أصحاب الأعمال، فهذا ليس له أثر مقارنة بما يربحونه من أموال طائلة، إلا أنه الطمع، والرغبة في تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال، حتى يصبح هذا المال دُولة بينهم فقط، فيزدادون فحشاً في الثراء، وبحبوحة في العيش، ويزداد العامل شدة في الفقر، وشظفاً في العيش..