أنس العبدة لـ"العربي الجديد": نجاح الحوار الكردي مرتبط بالانحياز للثورة

22 مايو 2020
يضمّ الائتلاف أكثر من 33 مكوناً (المكتب الإعلامي لـ"الائتلاف")
+ الخط -
طرحت التوسعة الأخيرة لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، والتي أدخلت "مجلس القبائل والعشائر" و"رابطة المستقلين الكرد" في الائتلاف، بعض علامات الاستفهام حول هذه الخطوة وتوقيتها، بحيث جاءت مفاجئة وغير متوقعة، خصوصاً أنها حصلت بالتزامن مع حوار كردي – كردي، أقطابه أحد مكونات الائتلاف، وهو "المجلس الوطني الكردي". في موازاة ذلك، يستعد "الائتلاف" و"هيئة التفاوض" السورية للدخول في استحقاقين انتخابيين، وسط أنباء عن تراجع حدة التشنّج داخلهما. في الوقت ذاته، يبقى الوضع في محافظة إدلب شمالي سورية، ومحيطها، الحديث الأبرز بعد أكثر من شهرين على اتفاق وقف إطلاق النار (بين روسيا وتركيا)، وبقاء أكثر من 1.7 مليون نازح بعيدين عن ديارهم، بانتظار العودة.

وتطرق رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، أنس العبدة، في حوار مع "العربي الجديد"، إلى دخول "رابطة المستقلين الكرد" و"مجلس القبائل والعشائر" على جسم الائتلاف، والأسباب التي تقف وراء هذه الخطوة، محاولاً شرح الدواعي وراء تأخر حصولها.

وبحسب العبدة، فإن "الائتلاف الوطني هو المظلة الجامعة للقوى الثورية والمعارضة في سورية، وعملية توسيع هذه المظلة وتجديدها، وضخّ دماء جديدة فيها، هي مهمة دائمة لقيادة الائتلاف، لزيادة قوته وفعاليته". ويوضح العبدة، في حديثه عن هذا الملف، أن "مكون القبائل والعشائر ممثلٌ في الائتلاف منذ تشكله، وذلك لأهميته في نسيج الشعب السوري، وما حدث في اجتماع الهيئة العامة الأخير هو زيادة عادلة في هذا التمثيل، بالنظر إلى تقدم عمل المجلس في الداخل السوري". وفي هذا الإطار، يرى رئيس "الائتلاف" أن "أي مراقب لا يمكن أن ينكر أهمية دور القبائل والعشائر في تاريخ سورية عموماً، وفي الثورة السورية، خصوصاً لجهة احتضانها ومشاركتها قوى الثورة في مقاومة نظام بشار الأسد ومليشياته وتنظيم داعش". ويوضح العبدة: "عندما أقول القبائل والعشائر، فأنا أتحدث عن نسيجٍ واسع يمتدّ من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال السوري، ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق. أما بالنسبة للأخوة في رابطة المستقلين الأكراد السوريين، فهم شركاء لنا في الثورة والخط الوطني، ونحن سعيدون بانضمامهم إلينا في الائتلاف، ما سيسمح لهم بتوسيع نشاطهم الوطني من خلال مؤسسات الائتلاف".

وحول ما إذا كان هذا التعديل سينسحب على هيئة التفاوض، ولاحقاً على قائمة المعارضة داخل اللجنة الدستورية السورية، يشير العبدة في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن "ممثلينا في هيئة التفاوض لا يمثلون مكوناتهم أو أنفسهم، إنما يمثلون الائتلاف سياسةً وتوجهاً وقراراً، وفي الائتلاف أكثر من 33 مكوناً، وممثلونا في الهيئة هم 8 أعضاء فحسب، وقد راعينا التنوع في التمثيل بحيث يمثل الأعضاء أغلب التيارات في الائتلاف، والحال كذلك في اللجنة الدستورية".


وفي ما يتعلق بانعكاسات الحوار الكردي - الكردي برعاية أطرافٍ دولية، بين المجلس الوطني الكردي الممثل بالائتلاف وحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعده الائتلاف تنظيماً إرهابياً، وبما يتعلق بموقف "الائتلاف" من هذا التقارب، يؤكد العبدة أن "بوصلة الائتلاف الوحيدة هي ثوابت الثورة السورية، ونحن نؤمن بالحوار والتفاوض للوصول إلى صيغة حلٍّ تنهي آلام شعبنا السوري بكل مكوناته، على أن تكون ثوابتنا في عملية الحوار هذه، هي ثوابت الثورة في الوصول إلى وطن حر مدني ديمقراطي لكل أبنائه، لا مكان فيه للقتلة وسفاكي الدماء والإرهابيين".

ويلفت رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" إلى أنه "بالنسبة للحوار الذي يديره اليوم المجلس الوطني الكردي في شمال شرق سورية، فهو ابتداءً ليس باسم الائتلاف، ولكن باسم المجلس"، معرباً عن اعتقاده بأن "أحد أهم شروط نجاح الحوار، والذي اعتمده أيضاً المجلس الوطني الكردي، هو انحياز الطرف الآخر للثورة السورية، وقطع أي صلة مع النظام، وفك الارتباط النهائي مع منظمة قنديل الإرهابية (على حد تعبيره، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني) على جميع المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والمالية"، هذا بالإضافة إلى "إخراج جميع العناصر الكردية غير السورية من منطقة سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، والتأكيد على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون دول الجوار، واعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية تحل في سورية، وليس خارجها".

وبالنسبة للانتخابات المقبلة لكل من "الائتلاف" و"هيئة التفاوض"، والحديث حول تبديل مواقع بين رئيس الائتلاف وبين رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، نصر الحريري، يرى العبدة أن "الاستحقاقين المقبلين في هيئة التفاوض والائتلاف هما مساران منفصلان وغير مرتبطين، فكلٌ من الائتلاف وهيئة التفاوض مؤسسات سياسية تحكمها أنظمة أساسية ولوائح عمل داخلية، وفيها مكونات من أحزاب وكتل وتيارات، والتداول فيها يتم عبر الانتخابات التي تشارك فيها كل تلك الكتل والمكونات". ويرى في هذا الإطار أنه "لا يوجد ما يمنع أيّ مكونٍ في هذه المؤسسات من ترشيح أي عضو ترى فيه الكفاءة لأي منصب قيادي فيها، لتبقى عملية فوزه وإقراره راجعة للعملية الانتخابية ضمن الإجراءات المتبعة أصولاً".

وفي ما يتعلق بموقف الائتلاف من قائمة المستقلين في هيئة التفاوض، الذين تم اعتبار إدخالهم من قبل البعض تدخلاً من قبل السعودية في شؤون الهيئة، وما إذا تم قبول هؤلاء الأعضاء من قبل الائتلاف، يعتبر رئيسه في حديثه أن "المملكة العربية السعودية من الداعمين للثورة السورية". ويعرب العبدة عن اعتقاده أن "الأجواء بشكل عام الآن إيجابية، ولدى أغلبية مكونات الهيئة حالياً توجهٌ عام بإعادة تفعيل وتنشيط الهيئة وعقد اجتماعاتها، ولو بشكل افتراضي، بسبب مقتضيات الإجراءات الاحترازية المترتبة على وباء كورونا، ثم الذهاب إلى الاستحقاق المتوقع بحدود منتصف شهر يونيو/ حزيران المقبل، وبعدها تقوم القيادة الجديدة في الهيئة بالتعامل مع كل المسائل العالقة، بما فيها موضوع المستقلين".

وكان لملف إدلب حيّز في الحوار مع العبدة، لا سيما بعد مضي أكثر من شهرين على اتفاق وقف إطلاق النار فيها، ومع وجود حوالي 1.7 مليون نازح، خرجوا من أماكن مختلفة في "منطقة خفض التصعيد" (ريفي حلب الجنوبي والغربي، ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، ريفي حماة الشمالي والغربي) بعد تقدم النظام وحلفائه في عملياته الأخيرة، وينتظرون تنفيذ تركيا وعودها بإجبار النظام على الانسحاب تطبيقاً لخريطة سوتشي، ما سيؤمن العودة إلى منازلهم. وحول ما إذا كان هناك تواصل للائتلاف مع الجانب التركي حيال هذا الموضوع، يؤكد العبدة أن "هذا الملف على رأس أولوياتنا"، مضيفاً أن الائتلاف "يتابعه بشكل دائم مع الإخوة الأتراك، ولم نلمس منهم أي تراجع عن تعهداتهم السابقة حوله. ولعل الهدنة الأخيرة هي الأكثر التزاماً من قبل النظام، الذي تعودنا منه الغدر والخرق الدائم للهدن". ويتابع: "نحن على استعداد كامل لكل الاحتمالات"، موجهاً "الشكر لتركيا على دورها الكبير في تثبيت الاتفاق، وعلى تقديمها الدعم اللازم لعودة الناس إلى قراهم".

وحول عودة النازحين، يلفت العبدة إلى أنه "فعلياً عاد عشرات الآلاف من المدنيين إلى بيوتهم إثر الهدوء النسبي الذي أعقبته الهدنة الأخيرة، والعمل على عودة الباقي هو ما نسعى إليه الآن بالتعاون مع الجانب التركي، بالإضافة إلى ما تقوم به الحكومة المؤقتة على الأرض في سبيل هذه الغاية رغم شح الموارد".

وعن الحلول التي يرتئيها الائتلاف في حال تمّ تثبيت الوضع الحالي عسكرياً في إدلب، لتلافي مشكلة النازحين، لا سيما أزمة السكن في ظلّ امتلاء المخيمات بساكنيها، يشير العبدة إلى أن "هذا السؤال افتراضي، لا يتوجب علينا أن نقبله كواقع، بل علينا العمل على إعادة كل النازحين إلى مناطقهم، وعدم القبول بتهجير الناس أو نقلهم إلى أماكن أخرى، لأن ذلك يخدم سياسة النظام بالتغيير الديمغرافي، والتي اتبعها وعمل عليها في أغلب المناطق". ويختم بقوله إن "أهم أولوياتنا السياسية والتفاوضية هي عودة كل المهجرين والنازحين إلى مدنهم وقراهم، وتأمين البيئة الآمنة والمناسبة للعيش".