العبادي يرد على البارزاني: استفتاء إقليم كردستان محاولة لتقسيم العراق

24 سبتمبر 2017
العبادي للبارزاني: لا يمكن الاستمرار بفرض الأمر الواقع بالقوة(الأناضول)
+ الخط -

عشية إجراء استفتاء الانفصال عن العراق، والذي أكد رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني المضي في إجرائه غداً الإثنين، ردّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قائلاً إن "هذا الاستفتاء هو محاولة لتقسيم العراق".

واعتبر العبادي في كلمةٍ متلفزة اليوم الأحد، أن التفرّد بقرار الاستفتاء مخالف للدستور وللتعايش السلمي بين المواطنين، مؤكداً أنه لن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه، ملمحاً لخطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد.

وقال "في هذه اللحظات التي يبذل فيها أبناء العراق الغيارى أرواحهم ودماءهم الزكية، دفاعاً عن أرض الرافدين ووحدة البلاد، وفي أيام اشتداد الحرب على الإرهاب، ومع اقتراب تحقيق النصر النهائي على داعش 
في غربي الأنبار والحويجة وغربي كركوك وفي كل مكان، تتعرض خريطة العراق لمحاولة تقسيم".

وأوضح أنّ "هذه المحاولة من شأنها تمزيق وحدة العراق، والتفريق بين أبناء الوطن الواحد على أساس قومي وعرقي، وتعريضهم جميعاً لمخاطر لا يعلم إلّا الله مداها وعواقبها الوخيمة"، وأضاف "وفي الوقت الذي توحّدنا شعباً ومقاتلين، لصد "داعش"، فوجئنا بدعوات التفرقة والعودة إلى عهد الظلام والتسلّط والدكتاتورية".

وأضاف "قواتنا الغيورة حررت تكريت والأنبار والموصل وأبعدت الخطر عن أربيل ومدن الشمال العزيزة، وهذا واجب أديناه وسنؤديه دفاعاً عن كل شبر من أرض العراق"، مشدّداً "لن نتخلى عن مواطنينا الكرد، وقد رفضنا ونرفض الدولة الطائفية والدولة العنصرية، وسيبقى العراق لكل العراقيين، ولن نسمح أن يكون ملكاً لهذا وذاك يتصرف فيه كيفما يشاء ودون حساب للعواقب".

وأكد أنّ "واجب القادة هو رعاية شؤون المواطنين وحمايتهم من الأخطار التي تُحيط بهم وليس تعريضَهم للخطر وإدخالهم في صراعات لا طائلَ منها"، متسائلاً "ماذا جنى العراقيون من الصراعات التي زجهم بها الطاغية صدام داخلياً وخارجياً؟ 
لا شيء سوى الدمار وإشباع غروره وتسلطه وتهوره الذي أوصل العراق إلى الضياع والتخلف وفقدان الأمن والاستقرار".

كذلك أشار رئيس الوزراء العراقي إلى أنّ "نظام الطاغية صدام قد بطش بكل العراقيين، العرب والأكراد، والتركمان والمكونات الأخرى، لأنه كان يرى في كل العراقيين الشرفاء تهديداً له ولحكمه المستبد. وقد رفض أكثرية العراقيين هذا القمع والتسلط، ولكن كان هناك نفر ضال من كل القوميات، اصطف مع الطاغية من العرب والأكراد ومن القوميات الأخرى، وقد سانده في بطشه بالمواطنين الأكراد، بعثيون عرب وبعثيون أكراد".

ورأى أنه "ما يجب توضيحه لشعبنا الكردي العزيز أن معظم مشاكل الإقليم داخلية وليست مع بغداد، وبالتالي فإنها ستتفاقم مع دعوات الانفصال، والصعوبات الاقتصادية والمالية في الإقليم من نتاج الفساد وسوء الإدارة".

واتهم المسؤولين الكرد بالفساد، داعياً الشعب الكردي إلى أن "يسألوا المسؤولين في الإقليم أين تذهب أموال النفط وهم استولوا على ما يقارب 900 ألف برميل نفط يومياً؟، أي ما يعادل ربع النفط المنتج في باقي العراق.. لماذا لا يدفعون رواتب الموظفين في الإقليم رغم تخفيضها إلى مستويات دُنيا، مع أنهم يحصلون على كميات نفط أعلى بكثير من نسبة السكان في الإقليم مقارنة ببقية مدن العراق، بينما نحن هنا في المركز وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية الكبيرة وكُلف الحرب الباهظة لم نخفض الرواتب ولم نوقفها".

كذلك تساءل "لماذا لا تدخل واردات النفط في الإقليم في حساب واضح معلن يطلع عليه المواطنون، كما نفعل نحن هنا في الحكومة المركزية، ولماذا لا يسمحون بالرقابة المالية على الأموال العامة".




وشدّد العبادي "لا يمكن الاستمرار بفرض الأمر الواقع بالقوة، وأنّ هذا المنطق سيفشل كما فشل البعث الصدامي في فرضه على العراقيين بالبطش وقوة السلاح".

وأكد أنّ "التفرد بقرارٍ يمس وحدةَ العراق وأمنه ويؤثر على كل مواطنيه وعلى أمن المنطقة عبر إجراء الاستفتاء على الانفصال من طرف واحد، هو قرار مخالف للدستور وللتعايش السلمي بين المواطنين، ولن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه".

البارزاني: الاستفتاء غداً والمجتمع الدولي سيعتاد على الوضع الجديد

كلام العبادي جاء رداً على رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، والذي تحدث قبل العبادي بأقل من ساعة، وأكد المضي في استفتاء انفصال الإقليم عن العراق، مشدداً على عدم الرضوخ للتهديدات والرغبة في ذات الوقت بحوار مفتوح مع بغداد، مبيناً أن الاستفتاء هو الخطوة الأولى لشعب كردستان لتقرير مصيره.

وقال البارزاني خلال مؤتمر صحافي من أربيل، إحدى المحافظات الرئيسية الثلاث التي سيجري فيها الاستفتاء غداً، إن "الاستفتاء الخطوة الأولى لشعب كردستان لتقرير مصيره، الاستقلال سيضمن لنا عدم تكرار المشاكل التي عانينا منها".

وطالب الأكراد بالنزول يوم غد والمشاركة بالاستفتاء، مؤكداً في الوقت نفسه، أنّ المجتمع الدولي سيعتاد على الوضع الجديد، وأنهم لا يشكلون خطراً على الأمن التركي أو الإيراني.

وحول رفض بغداد للاستفتاء، أوضح البارزاني أنه "كان يفترض أن تكون العلاقة بيننا وبين بغداد قائمة على الشراكة بين العرب والأكراد، لكن كان نصيبنا الدمار والقتل والقصف بالكيميائي في الأنفال وحلبجة والتعريب والتهجير، ثم بعد 2003 كان الدستور جيداً وكان لدينا أمل كبير ببدء مرحلة جديدة في العراق".

واعتبر البارزاني أن "الأسماء تغيرت ولم يطبق الدستور، خصوصاً المادة 140 (المناطق المتنازع عليها) وكأنّ الأسماء والوجوه تغيرت لكن العقلية ظلت كعقلية من ارتكب بحقنا مجازر الأنفال وحلبجة ولم يتم إعطاء الإقليم الشق الخاص به من موازنة العراق الذي يعتبر اليوم دولة طائفية وليس دولة ديمقراطية، وصار كل من ينتهك حقوق كردستان أكثر ويحرض ضد الأكراد أكثر، تكبر شعبيته في بغداد".

وأضاف "بغداد أرغمتنا على أن نخطو هذه الخطوة وفكرنا ملياً وقررنا السير بالاستفتاء، وأبلغناهم بأن الشراكة بيننا انتهت، ودعونا نكون جيراناً صالحين، وكانوا متفهمين العام الماضي".

ولفت إلى أن الأطراف الأخرى باشرت بالتهديد مباشرة، معرباً عن قناعته بأن التعاطي الإقليمي اليوم مع استفتاء كردستان "ناتج عن ثقافة وتراث قائم على رفض حقوق الأكراد وخياراتهم".

ووصل الأمر بالبارزاني إلى اعتبار أن "الاستقلال هو الطريق الوحيد لتفادي حصول كوارث جديدة بحق الأكراد". واعتبر أن الاستفتاء لا يفرض أمراً واقعاً على أي منطقة" (في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها) وأن "الحوار مع بغداد بعد الاستفتاء يحب أن يتمحور حول كيفية أن نكون جيراناً صالحين في المستقبل بما أن الشراكة فشلت بيننا ولن تعود". وشدد على استمرار "العلاقة الممتازة بين البشمركة وبين الجيش العراقي وضرورة مواصلتها".

وطمأن أن كردستان سيبقى "منزلاً للنازحين بكرامتهم إلى حين عودتهم إلى ديارهم وهم مخيرون في كل شيء، فالمشكلة هي مع الحكومة العراقية ولن نسمح بنشوء صراع مع العرب والتركمان والسريان وسنحتفظ بهذا التراث ونحافظ عليه".

وعن العلاقة مع دول الجوار، أعرب البارزاني عن أمله أن تكون العلاقة على أفضل ما يرام، متعهداً بأن يثبت لهم كردستان "أن بلدنا سيكون بلد سلام".

كذلك، تعهد بأن يكون النظام المقبل لكردستان "نظاماً ديمقراطياً فدرالياً يضمن حقوق جميع الأقليات"، ليدعو في النهاية سكان كردستان إلى التوجه غدا إلى صناديق الاقتراع ليكون التصويت عملية شفافة ونظيفة".

ولفت إلى أنه مهما كان الثمن للاستفتاء فهو أهون من البقاء بمصير مجهول مع الحكومة في بغداد"، مستدركاً في الوقت نفسه أنه لا يتوقع نزاعاً مسلحاً مع بغداد ولا يريد ذلك.