الطلب العقاري يتصاعد في الجزائر

05 نوفمبر 2014
ارتفاع في قطاع التشييد (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد الجزائر حركة عقارية متواصلة منذ سنوات، مع توسّع الخطط الحكومية في مشاريع السكن، وزيادة عدد السكان، وارتفاع الطلب على المساكن. إضافة الى دخول عدد من المشاريع الكبرى الى السوق الجزائرية، ما خلق، وفق خبراء العقار والاقتصاد، حركة تصاعدية في قطاع التشييد والبناء الجزائري. 

تطوير الاستثمار 

وقد عرف سعر العقار في الجزائر في الفترة الممتدة بين عامي 2003 الى 2013، ارتفاعاً مذهلاً راوح بين 400% الى 600‏‎%‎‏.‏ ويتركز نمو أسعار العقارات والشقق السكنية في العاصمة الجزائرية، لتنخفض الأسعار تدريجيّاً وصولاً إلى مناطق الأطراف. وقد شهدت الجزائر العام الماضي، وصول عدد المساكن المطروحة إلى 7 ملايين مسكن، مع توقعات أن يرتفع العدد إلى 10 ملايين مسكن في عام 2019.
في حين تشير نشرة الوكالة الوطنية الجزائرية لتطوير الاستثمار، أن الاستثمارات المصرحة خلال الفصل الأول من سنة 2014 والتي تبلغ قيمتها 682 مليار دينار جزائري، تطغى عليها الاستثمارات الخاصة بمشاريع جديدة بأكثر من 1.500 مشروع أي ما يفوق 57 % من مجموع المشاريع المصرحة. ويتزامن هذا الارتفاع في حجم الاستثمارات، مع نمو المشاريع الاستثمارية العقارية، في ظل وجود خطط حكومية لزيادة عدد المساكن المعروضة أمام المواطنين من جهة، ونتيجة ارتفاع حجم الطلب على الاستثمار من جهة أخرى.
ورغم نمو العرض السكني، بقي سعر المتر المربع من الأرض في العاصمة الجزائرية، يقدّر بحوالي ‏‎569‎‏21 دينار جزائري، حسب إحصائيات ‏الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري لسنة 2013. وهو السعر المحدد من الحكومة. أما السعر المعروض من الشركات الخاصة فيرتفع أحياناً إلى خمسة أضعاف.
وقد أعلن رئيس الفيدرالية الوطنية ‏للوكالات العقارية، عبد الحكيم عويدات، أخيراً، أن سعر المتر المربع في العاصمة يصل إلى 140 ألف دينار جزائري، ما يجعل سعر شقة ذات أربع غرف بحوالي 15 مليون دينار.‏ ويشير عويدات الى أن الغلاء الذي يعرفه سعر العقار في الجزائر جعل نحو 90‏‎%‎‏ من ‏المواطنين الذين يقصدون الوكالات العقارية يقدمون طلبات للإيجار، فيما يقدم 10‏‎%‎‏ المتبقية منهم على ‏تقديم طلبات شراء للشقق والفيلات‎ .‎
‏ويؤكد الخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي، أن سبب الغلاء الذي تعرفه سوق ‏العقار في الجزائر، يرجع الى السوق الموازية ووجود الإمكانيات المالية خارج القطاع الرسمي. ويضيف الدكتور سراي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع الأسعار مردّه أيضاً الحركة القوية التي تشهدها السوق العقارية، وقطاع البناء في الجزائر. وذلك ضمن برنامج رئيس الجمهورية الساعي الى إنجاز مليون و600 ألف وحدة سكنية مع نهاية 2014، ‏والحاجة الملحة إلى تخصيص مساحات عقارية لإنجاز هذا الكم الهائل من المساكن.‏
‏ويضيف سراي أن حركة الاستثمار في الجزائر تشهد نمواً نتيجة القوانين الجديدة المندرجة ‏في إطار تحسين مناخ الاستثمار، وما صاحبها من تحفيزات في القطاعين الفلاحي والصناعي. ما رفع ‏الطلب على العقار لإقامة المشاريع الاستثمارية المختلفة، وبالتالي ارتفعت الأسعار.‏
‏من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي البروفيسور، عبد الرحمن مبتول، أن كلفة العقار في الجزائر تعرف ‏ارتفاعاً بنسبة 25 إلى 30%، في مقارنة مع البلدان المجاورة. ويرجع ذلك الى السوق ‏الموازية التي تتحكم بما قيمته 40‏‎%‎‏ من النقد الإجمالي و 65‏‎%‎‏ من المواد الأساسية في الجزائر. ‏بالإضافة الى النمو الديمغرافي المتزايد والذي يرتقب أن يصل الى نحو 40 مليون ساكن مع نهاية ‏‏2015.‏
‏ويرى البروفيسور مبتول في حديث لـ"العربي الجديد"، أن للمضاربة دوراً كبيراً في رفع الأسعار. حيث يلجأ العديد من أصحاب الأموال ‏الضخمة إلى شراء الذهب أو العقار ليحموا أنفسهم من الانخفاض المحتمل في قيمة العملة في حال ارتفاع ‏أسعار النفط، وما ينتج عنه من تضخم.‏
من جهة أخرى، يتوقع مبتول أن ينخفض سعر العقار في الجزائر تدريجيّاً في عام 2018، ‏نظراً للحل المرتقب لمشكل السكن في البلاد. حيث تعتزم الدولة بناء نحو مليوني وحدة سكنية ضمن ‏المخطط الخماسي 2014-2019. ويضيف أنه إذا حسنت المصارف من وضعيتها، وأصبحت تتعامل أكثر ‏مع المواطنين، حينها ستزيد محفظة التسليفات، وبالتالي ستنقص السيولة ‏في السوق ما يؤثر بصفة مباشرة على سعر الأراضي.‏ ولكن إذا ما لم تَحل الحكومة المشكلة الاقتصادية القائمة، يعتبر مبتول أن الجزائر ستواجه ‏مستقبلاً انفجار أزمة اجتماعية كبيرة.
‏ويضيف مبتول، أن الدولة وضعت برنامجاً طموحاً فيما يخص السكن، ولكن ‏يجب أن ننتقل من اقتصاد قائم على الريع الى اقتصاد منتج خارج النفط. وهذا لن يتأتى إلا بتشجيع ‏المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة، وطنية كانت ام أجنبية للاستثمار في الوطن بهدف رفع نسبة النمو ‏الاقتصادي. ‏
المساهمون