استمع إلى الملخص
- رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، وصف الإجراء بأنه انتهاك للاتفاقيات، مشيراً إلى تقليص صلاحيات البلدية لصالح الهيئات الإسرائيلية، مما يعيق تقديم الخدمات لنحو خمسة آلاف فلسطيني.
- الباحث عادل شديد يرى أن الخطوة تهدف إلى فرض واقع جديد بإنشاء بلدية للمستوطنين، مما يمهد لضم المنطقة إلى إسرائيل، داعياً السلطة الفلسطينية لإلغاء الاتفاقيات الموقعة كرد سياسي.
في خطوة إسرائيلية جديدة على طريق سحب الصلاحيات الفلسطينية في مدينة الخليل، وتحديداً في محيط المسجد الإبراهيمي الواقع في منطقة خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، استبدلت طواقم مجلس مستوطنات الخليل خلال الأيام الماضية، "حاويات النفايات" التابعة لبلدية الخليل بحاويات إسرائيلية تتبع مجلس المستوطنات.
وحددت "اتفاقية الخليل" المعروفة باسم "بروتوكول إعادة الانتشار" الموقعة في 15 يناير/كانون الثاني 1997، بين منظمة التحرير وسلطات الاحتلال، صلاحيات الجهات الفلسطينية والإسرائيلية ونفوذهما، وقسّمت المدينة إلى قسمين، الأول (H1) خاضع للسيطرة الفلسطينية على مساحة 80%، ومناطق سيطرة إسرائيلية (H2) تتركز في البلدة القديمة بواقع 20%، غير أن الاتفاقية أعطت صلاحيات الخدمة المدنية لبلدية الخليل في مناطق H2.
يقول رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة لـ"العربي الجديد: "عمدت سلطات الاحتلال قبل أيام إلى إزالة الحاويات الخاصة بالبلدية في مناطق حارة جابر، وتل الرميدة، وشارع السهلة، واستبدلوها بحاويات إسرائيلية مكتوب عليها اسم مجلس المستوطنات. هذا الإجراء يعتبر تعدياً واضحاً على صلاحيات البلدية التي حددتها الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، خاصة اتفاقية الخليل التي أوضحت أن صلاحيات البلدية تشمل المناطق المحاذية للمسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة كلّها، لكن الاحتلال يعمل على تقليص هذه الصلاحيات لصالح توسيع نشاط الهيئات الإسرائيلية".
ويصف أبو سنينة اتفاقية الخليل بأنها "ظالمة"، إذ يستغلها الاحتلال لتبرير الاعتداءات الاستيطانية، وتجاوز الصلاحيات الفلسطينية، ولا سيما أن سلطات الاحتلال تتعامل منذ السيطرة على البلدة القديمة تعاملاً عنصرياً ينافي مضمون الاتفاقية، وتعمل على تهجير السكان، ولا يعترف بالحد الأدنى من حقوقهم، والأهالي يعيشون في حصار وتقييد حركة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتقدم بلدية الخليل خدماتها لنحو خمسة آلاف فلسطيني في عدد من المناطق التي توصف بأنها "مغلقة"، وهي تل الرميدة، وشارع الشهداء، ووادي الحصين، ومحيط بركة السلطان، وحارة جابر، وحارة السلايمة، ومحيط المسجد الإبراهيمي، وشارع السهلة. وتواجه البلدية عراقيل عدة خلال عملها داخل هذه المناطق.
يوضح أبو سنينة أن "الاحتلال يمنع طواقم البلدية أحياناً من العمل، ويقيّد حركتهم في أحيان أخرى، ويمنع إتمام الإصلاحات في بعض المناطق، ولا يسمح بمتابعة المشكلات المرتبطة بالكهرباء، أو شبكات الصرف الصحي. نعمل على تصعيد التواصل الدولي للحد من الانتهاكات الإسرائيلية، إضافة إلى رفع قضايا في المحاكم الإسرائيلية، رغم علمنا المسبق بعدم جدوى المحاكم الإسرائيلية في ما يخص الصالح الفلسطيني، ولا يمكن تجاهل غياب الدعم الواجب من السلطة الفلسطينية تجاه السكّان".
ويقول الباحث عادل شديد، من الخليل، لـ"العربي الجديد": "لا ينبغي الاكتفاء بتفسير الحادثة على أنها تعد على صلاحيات بلدية الخليل، وإنما هي خطوة لفرض واقع جديد يتم فيه استحداث بلدية للمستوطنين، تعمل بداية على إزالة الحاويات، وفي المستقبل تقدم كل الخدمات، تمهيداً لخطوات تؤسس لعملية (الضمّ) وسلخ المنطقة عن عمقها التاريخي وترابطها الجغرافي والإداري".
ويوضح شديد أن "مستوطنات الخليل يعيش فيها وزيران متطرفان، هما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزيرة المستوطنات أوريت ستروك، ما أعطى دفعة للجماعات الاستيطانية لتصعيد انتهاكاتها، ومن جانب آخر، العمل على استمرار تعزيز الرواية الإسرائيلية القائمة على فكرة أن العقيدة الصهيونية ترى الخليل كالمدينة الثانية في الاعتبار الديني بعد القدس، وهذا يعزز الرؤية الاستيطانية بأن بقاءهم في البلدة القديمة من الخليل حتمي، وأن الوجود الإسرائيلي، العسكري والاستيطاني، ذاهب باتجاه التموضع الأبدي تمهيداً للضم الكامل".
ويضيف الباحث الفلسطيني أن "استمرار سحب صلاحيات البلدية، مع وجود بلدية للمستوطنين، ومع إجراءات الاحتلال في تقييد حركة المواطنين، يعني أن المنطقة تعرضت لعملية ضمّ غير معلن، وقد يعلن في وقت لاحق. ما يجري في الخليل يمهّد لاعتبارها جزءاً من إسرائيل، ولاحقاً فرض القانون الإسرائيلي المدني على المدينة. السلطة الفلسطينية مطالبة بإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي بوصفه ردّاً سياسياً على التخلي الإسرائيلي عن الاتفاقيات، إضافة إلى تحمّلها مع منظمة التحرير الفلسطينية وبلدية الخليل مسؤولية الحفاظ على الوجود الفلسطيني في مناطق المدينة التاريخية".
ويعيش في البلدة القديمة من الخليل قرابة 700 مستوطن يعرفون بأنهم أشد المستوطنين تطرفاً، وهم من أتباع المدارس الدينية التي يدعمها بن غفير، ويحمل جميعهم السلاح، ويلبسون ملابس شبه عسكرية، وهم يلاحقون سكّان البلدة بهدف تفريغها، ويتمركزون في أربع مستوطنات هي بيت هداسا، وإبراهيم أفينو، وبيت رومانو، وتل الرميدة.