الطريق إلى السعادة

24 يناير 2015
ماذا لو كتبنا عنّا في كل هذه المحطات؟ (Getty)
+ الخط -

في ما مضى، أُريدَ من كتابة يومياتنا توثيق ذواتنا أكثر منها توثيق أحداثها. قليلون هم الذين التزموا بتوصية الأساتذة في المدرسة أو الأهل أو ربما الأصدقاء. نتحمس قليلاً قبل أن نفقد الثقة بأهمية الأمر. أو نغرق في التفاصيل حتى نملّ هذه التجربة. وغالباً ما كان الدعاة إلى الكتابة يسعون فقط إلى تحسين قدراتنا التعبيرية أكثر منها مواجهة أنفسنا.

ننسى أن الكتابة لا تختلف عن الصور التي نحرص على التقاطها لنتذكر أنفسنا في مختلف مراحلنا العمرية، وخصوصاً حين نفتقدها. ننظر إليها ونلامس ملامحنا فيها. إنه الحنين إلى ما كنا عليه والنقمة على ما عجزنا عن الحفاظ عليه. هنا كانت وجوهنا أكثر نضارة. وهنا كنا سعداء. وهذه صورة للعائلة. غالبية الصور تخبرنا أننا كنا أصغر سناً وأننا مررنا بمحطات عدة أوصلتنا إلى ما نحن عليه. هي دائماً جزء من ماضينا. لا يمكن أن تكون مستقبلاً. يختلف كتاب اليوميات عنها. هو أيضاً ماضي لكنه يعيش فينا طوال الوقت، ويؤسّس لمستقبلنا في حال أحسنّا استخلاص العبر منه، أي من أنفسنا.

ماذا لو كتبنا عنّا في كل هذه المحطات؟ أخيراً، أشارت مجموعة من الدراسات إلى أن الكتابة عن الذات والخبرات الشخصية يمكن أن تحسن اضطرابات المزاج، وتساعد على الحد من آلام مرضى السرطان، وتقلل من احتمالات زيارة الطبيب، بالإضافة إلى تقوية الذاكرة. تقول إن أساس الفكرة قائمة على أنه لكل منا رؤيته الخاصة للعالم ولنفسه. لكن في بعض الأحيان لا يكون صوتنا الداخلي مسموعاً. في هذا الإطار، يرى بعض الباحثين أن الكتابة، ثم إعادة تحرير قصصنا، تمكننا من تغيير تصورنا عن أنفسنا وتحديد العقبات التي تقف في طريقنا.

إحدى الدراسات طلبت من مجموعة من المتزوجين الكتابة عن مشاكلهم بصورة محايدة. ولاحظت أن أولئك الذين كتبوا عنها باتوا أكثر سعادة في حياتهم الزوجية بالمقارنة مع الذين آثروا الصمت. ويقول أستاذ علم النفس في جامعة فيرجينيا تيموثي ويلسون إنه يمكن لهذه الكتابات أن تقود الناس إلى التفاؤل. يضيف أن الكتابة تساعد الناس على إعادة تفسير الأمور التي تقلقهم وإيجاد معاني جديدة لها، فيما يرى أحد مؤسسي معهد أداء الإنسان جاك غروبل أنه "عندما تحصل المواجهة الحقيقة، تُخلق أعظم فرصة للتغيير".

الكتابة هنا هي ترجمة لما نهرب منه في يومياتنا، تلك التي تكبلنا في أحيان كثيرة. ينطبق الأمر على الفرد ويتمدد إلى المجموعة. التغيير الذي تريده في لبنان مثلاً لن يتحقق لأننا قلناه فقط. القول لا يعكس حقيقتنا. قد تكون البداية في كتابة الحقائق. كأننا لا نحتاج إلا إلى كتابة يومياتنا. هي طريقنا إلى الخلاص والسعادة.
المساهمون