الضوضاء بعد سوء الخدمات تضرب مستشفيات العراق

22 مارس 2017
الهدوء والنظام ضروريان لراحة المريض (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -


المزاح والضحك والأحاديث أو حتى الشجار في الأروقة، ورنين الهواتف، وجرّ الأسرّة أو الأجهزة الطبية، وكذلك الدخان المتصاعد من سجائر العاملين في المستشفيات بمن فيهم الأطباء، باتت السمات الأبرز لغالبية مشافي بغداد الحكومية.

سوء الخدمات وانعدام الأدوية وغياب الرعاية المناسبة، لم تعد المشكلة الأكبر في القطاع الصحي العراقي، وإنما صارت الضوضاء كابوس المرضى ومصدر شكوى مرافقيهم، مع معالجات شبه معدمة لوقفها، واختفاء الالتزام بالقوانين العالمية الخاصة بالمستشفيات، وبإرشادات منظمة الصحة العالمية.

وتواجه وزيرة الصحة العراقية، عديلة حمود، تهما بالفساد وسوء الإدارة من أعضاء في البرلمان الذين يسعون إلى جمع تواقيع لاستجوابها على خلفية تلك الاتهامات.

وفي أحد مستشفيات بغداد، وبعد 22 ساعة من الأرق وعدم النوم، استطاعت أم حسام أن تغفو قليلا بعد عمليتها الجراحية. وقالت شقيقتها نُهى المرافقة لها، لـ"العربي الجديد"، "أغلقت هاتفي، ومنعت دخول الزائرين إلى غرفة شقيقتي، لأنها كانت متعبة جدا لعدم تمكنها من النوم مدة 22 ساعة بعد العملية، فضلا عن الأيام التي سبقت الجراحة، بسبب الضوضاء والأحاديث التي يسببها الممرضون والعاملون في المستشفى، وحتى الأطباء جميعهم يسببون إزعاجا شديدا للمرضى".

"الضوضاء ليلا هي واحدة من الشكاوى الرئيسية للمرضى"، قالت نغم التي تعاني من أمراض الكلى. وتابعت "بت ليلتين في أحد مستشفيات أربيل، كنت أظن أن الوضع الأمني هو سبب الفوضى في مستشفيات بغداد، لكني وجدت أن الأمر سيّان في جميع مستشفيات البلاد".


وتعتبر نغم أن "الأيام التي يقضيها المريض في المستشفى يجب أن تؤهله ليصبح أفضل"، لكنها لفتت إلى صعوبة ذلك لأسباب عدة منها " قياس ضغط المريض أكثر من ثلاث مرات وإيقاظه من نومه قبيل الفجر من أجل ذلك، والبدء بتنظيف غرف المرضى باكرا جدا ويتكرر مرتين أو أكثر، فضلا عن زيارة الطبيب المقيم من غير طرق الباب أو الاستئذان بالدخول، وأخيرا تجول بائع الشاي بعربته داخل ردهات المستشفى ويدخل الغرف ليسأل إن كنا نرغب بشراء كوب من الشاي".

التفلت من النظام يؤخر شفاء المرضى(علي يوسف/فرانس برس) 


وأضافت نغم، لـ"العربي الجديد"، "جئت إلى أربيل بسبب وجود معدات وأجهزة غير متوفرة في مستشفيات بغداد، لم أكن أعلم أن على المريض اصطحاب مرافقين معه على الأقل، أحدهما يكون بوابًا يمنع طاقم المستشفى من الدخول إلا لسبب ملح، والآخر يهتم برعاية المريض وتلبية احتياجاته".  وأعربت عن اعتقادها أن "هذا هو الحل الأمثل لينعم المريض بقليل من الهدوء والراحة، في مكان من المفترض أن يكون مصدرا لراحة المريض".

ويقول الطبيب العام أثير أحمد لـ"العربي الجديد"، "الحفاظ على خصوصية المريض أمر مهم جدا وأساسي، ويُدرّس للكوادر الطبية ضمن أخلاقيات مهنة الطب، كما أنَّ الاستئذان قبل فحص المريض لا بد منه، ويظهر مدى كفاءة الطبيب ووعيه وإنسانيته سواء كان المريض رجلا أو امرأة، ونحن نؤكد على تلك الآداب المعروفة.

اتهام وزارة الصحة العراقية بسوء الإدارة (وسام العقيلي/فرانس برس) 


وتابع "بالنسبة لأوقات قياس الضغط أو العلامات الحيوية الأُخرى فهو أمر متروك لتقدير الطبيب، بحسب حالة المريض. وقد نكتفي بمرتين صباحاً ومساءً، أو أكثر إذا تطلبت الحالة متابعة دقيقة، وهذا لمصلحة المريض الذي يرى فيه إزعاجاً، ومع ذلك نصر عليه. والمريض يتماثل للشفاء أسرع عندما يشخّص المرض بدقة أكثر".

ولفت الطبيب إلى أن "مستوى الضوضاء في بعض المستشفيات يتجاوز الحد المعقول، ويعادل أحيانا صوت ماكينة كهربائية، وهذا يزعج المريض بالفعل، الذي غالبا ما يكون مزاجه متعكرا، وصبره قليلا، ولا يحتمل الأصوات، وهذا يفرض على إدارة المستشفيات والعاملين فيها التركيز لإيجاد وسائل وحلول لتخفيف مصادر الضجيج".

الكادر الطبي يتحمل مسؤولية ضبط النظام (شوان محمد/فرانس برس) 


ويعرف علميا أن مستوى الضوضاء في الغرفة التي تُوصف بأنها هادئة هو أقل من 30 ديسيبل، وأن سماع صوت محادثة لشخصين طبيعيين على بعد متر يقل عن 60 ديسيبل، وأن 80 ديسيبل تعادل ضوضاء طريق عام على بعد 10 أمتار.



المساهمون