وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، تظاهرة سلمية نظمتها القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، إحياء للذكرى، والتي شارك فيها نحو 300 فلسطيني، من بينهم قيادات وطلبة من جامعتي بيرزيت والقدس المفتوحة.
وقال عصام بكر، منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العشرات من المشاركين أُصيبوا بجروح بالرصاص المطاطي وبحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، وجرى نقل بعضهم لتلقي العلاج والبقية تمت معالجتهم ميدانيا". لافتا إلى أنه أصيب هو كذلك خلال تلك المواجهات بجروح بالرصاص المطاطي وتمت معالجته ميدانيا.
وأوضح بكر أنّ قوات الاحتلال قمعت المسيرة، وأطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، ورشت المياه العادمة باتجاه المشاركين والطواقم الصحافية، ما أوقع عشرات الإصابات، فيما اندلعت مواجهات بعد ذلك بين فلسطينيين وقوات الاحتلال.
ويُحيي الفلسطينيون سنوياً "يوم الأرض"، الذي يخلّد يوم 30 آذار/مارس، مقتل ستة فلسطينيين دفاعاً عن أراضيهم المصادرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1976.
وأشار بكر إلى أنّ "هذه المسيرة تأتي إحياء لذكرى يوم الأرض، ومن أجل التأكيد على رفض الشعب الفلسطيني سياسة فرض الوقائع على الأرض، وأنّ الشعب الفلسطيني متسمك بأرضه ويرفض المشروع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية وعدم التعايش معه، وأنه سيواصل كفاحه من أجل إسقاط صفقة القرن"، في إشارة إلى خطة السلام التي من المرتقب أن تطلقها الولايات المتحدة.
وفي مدينة نابلس، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات من الشبان والمسعفين، قرب حاجز حوارة.
وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وأصابت صحافياً بقنبلة غاز في الوجه، فيما أُصيب العديد من المسعفين والمتظاهرين بالاختناق.
وأوضح المصور الصحافي محمود فوزي، الذي أصابته قوات الاحتلال بقنبلة غاز في الوجه مباشرة، لـ"العربي الجديد"، أنّه "بعد دقائق على بدء الوقفة الاحتجاجية، قامت قوات الاحتلال بقمع الوقفة واستهداف الصحافيين بقنابل الغاز بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابتي بقنبلة في الوجه".
وتم علاج فوزي وعدد من المتظاهرين والمسعفين الذين أصيبوا بالاختناق ميدانياً.
وكانت لجنة المؤسسات والفعاليات الوطنية في نابلس قد دعت إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية، على حاجز حوارة جنوبي المحافظة، احتجاجاً على جرائم الاحتلال التي تستهدف الطواقم الطبية والمسعفين، والتي كان آخرها استشهاد المسعف ساجد مزهر، وإحياء لفعاليات يوم الأرض.
وإلى الجنوب من الضفة، اندلعت مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، في منطقة باب الزاوية في مدينة الخليل، ما أوقع العديد من الإصابات بحالات اختناق.
كما نظمت جهات فلسطينية، اليوم السبت، فعالية زراعة عشرات أشتال الزيتون، في قرية التوانة شرق يطا جنوبي الخليل، لمناسبة يوم الأرض. وتمت زراعة أشجار الزيتون بجوار جدار مستوطنة "ماعون" المقامة على أراضي الفلسطينيين، وشارك في الفعالية أعضاء إقليم "فتح" في يطا والمسافر بمحافظة الخليل، بالتعاون مع نشطاء المقاومة الشعبية، وبمشاركة نشطاء ومتضامنين أجانب.
فعاليات في القدس
وفي القدس المحتلة وسط الضفة، نُظمت، اليوم السبت، فعاليتان لإحياء ذكرى يوم الأرض، في كل من قرية قلنديا شمال غربي المدينة، وفي حي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة، حيث تهدد المصادرة أراضي وعقارات الفلسطينيين.
ففي قرية قلنديا، نظمت هيئة العمل الشعبي، مسيرة انطلقت من أمام المجلس القروي في القرية باتجاه أراض صادرتها قوات الاحتلال، مؤخراً، وباتجاه منازل مهددة بالهدم هناك، شاركت فيها هيئات رسمية وشعبية، تخللتها زراعة أشتال الزيتون، وكتابة شعارات وطنية.
وفي كلمة له خلال المسيرة، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف: "لقد ارتأينا إطلاق فعاليات إحياء يوم الأرض من هذه القرية، للفت الأنظار إلى ما تتعرض له من عمليات مصادرة وهدم وترحيل متواصلة؛ فهي نموذج صارخ لما تتعرّض له الأرض الفلسطينية من استباحة من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
بدوره، قال حسام الشيخ، عضو هيئة العمل الشعبي في منطقة شمال غرب القدس، إنّ "هذه الفعالية تأكيد على تمسّكنا بوحدتنا تجاه الأرض الفلسطينية، ورفضنا لسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، الهادفة إلى تفريغ فلسطين من أهلها".
وأضاف: "جئنا لنؤكد تضامننا مع المواطنين الصامدين في هذه القرية المستهدفة، والتي تتعرض لهجمة مسعورة من قبل الاحتلال، من خلال عمليات المصادرة المتعاقبة لأراضيها، وحملات هدم المنازل المتواصلة، بذريعة البناء بدون ترخيص".
وفي السياق، حذّر رئيس مجلس قروي قلنديا، رأفت عوض الله، من أنّ قرية قلنديا "تعيش أوضاعاً صعبة، في ظل ما يتعرض له مواطنوها من إجراءات ظالمة، والاستيلاء على أراضيهم وهدم منازلهم ومنشآتهم، كان أبرزها ما جرى في يونيو/حزيران عام 2016، عندما هدمت سلطات الاحتلال، في ليلة واحدة، 11 بناية سكنية، بادعاء أنها غير مرخصة".
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت، قبل نحو أسبوعين، قراراً بمصادرة 64 دونماً من أراضي قرية قلنديا تقع في المنطقة المصنفة ضمن حدود ما تعرف ببلدية الاحتلال في القدس، وهي أجزاء من الأراضي التي يقع عليها مسار جدار الفصل العنصري المقام على أراضي القرية.
ويتضمن قرار المصادرة، نقل ملكية هذه الأراضي من أسماء أصحابها إلى دولة الاحتلال، على أن يمهل القرار أصحاب الأراضي 60 يوماً للاعتراض.
يُذكر أنّ أمراً بمصادرة أراض من قرية قلنديا صدر عن الاحتلال عام 1982، وتم حينها استعمال قسم من هذه الأراضي في المنطقة الصناعية عطروت، وبقي قسم آخر أعلن الاحتلال استكمال مصادرته مؤخراً.
وخسرت هذه القرية، وفقاً لرئيس مجلسها القروي، أكثر من 3000 دونم، من أصل 4000 هي المساحة التاريخية الإجمالية لأراضي قلنديا، وكان الانتداب البريطاني صادر نحو ألف دونم لصالح إقامة مطار القدس. وفي عام 1948، أقيم مخيم قلنديا على حوالي 600 دونم من أراضي قرية قلنديا.
وعقب الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية والقدس، أقام الاحتلال عام 1967 المنطقة الصناعية "عطروت". وفي عام 2012، أقام الاحتلال جدار الفصل العنصري على أراض من قرية قلنديا، لتتم مصادرة أراض أخرى.
وفي حي الشيخ جراح في القدس، والمهددة فيه عدة عائلات بفقدان عقاراتها لصالح استيلاء جمعيات استيطانية عليها، فقد نُظمت وقفة بدعوة من أهالي الحي، شارك فيها عدد من ممثلي الفعاليات والقوى الوطنية، إحياءً ليوم الأرض.
وأكد المشاركون تضامنهم مع العائلات الفلسطينية، ونددوا بإجراءات الطرد والترحيل التي تتبعها سلطات الاحتلال بحق عشرات العائلات المقيمة في الحي منذ عقود طويلة.
(شارك في التغطية: نائلة خليل، محمود السعدي، محمد محسن)