الضغوط تجمد معركة الحديدة وتحيي مبادرة غريفيث

02 يوليو 2018
النازحون استمروا بالخروج من الحديدة (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

بإعلان الإمارات، المفاجئ، أمس الأحد، عن وقفٍ مؤقتٍ للعمليات العسكرية في مدينة الحديدة اليمنية، تكون الجهود الدولية الضاغطة للتوصل إلى حل في المدينة لتجنيب السكان المدنيين المأساة المتفاقمة، قد نجحت، ولو مؤقتاً، في إحياء الجهود السياسية التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي ينتظر أن يصل إلى عدن، اليوم الاثنين، في ثاني زيارة من نوعها خلال أيام، ليطرح على الرئيس اليمني عبدربه منصور عادي ما يعتقد أنها تعديلات على خطته قد أدخلها على ضوء اللقاءات الأخيرة التي أجراها مع ممثلي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والاتصالات الدولية التي قادت إلى إعلان تهدئة في الحديدة.

وتولى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، إعلان قرار وقف العمليات العسكرية عبر موقع "تويتر"، عبر سلسلة من التغريدات باللغة الإنكليزية، قائلاً إن "بلاده ترحّب بالجهود المتواصلة التي يبذلها غريفيث لتحقيق انسحاب غير مشروط للحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها". وأضاف قرقاش أنه "أوقفنا حملتنا مؤقتاً لإتاحة الوقت الكافي لاستكشاف هذا الخيار بشكل كامل. ونأمل في أن ينجح غريفيث". وأشار إلى أنه "في حال فشل الجهود العسكرية، فإنهم يعتقدون أن العمل العسكري سيؤدي إلى تحرير الحديدة وإرغام الحوثيين على المشاركة في المفاوضات بجدية".

مع العلم أن المسؤول الإماراتي أشار أيضاً إلى أن "العمليات توقفت باتجاه ميناء ومدينة الحديدة، منذ 23 يونيو/ حزيران الماضي، لإتاحة الفرصة لجهود المبعوث الأممي بانسحاب الحوثيين. الأمر الذي ينسجم مع المعلومات الميدانية عن تراجع وتيرة العمليات العسكرية منذ أكثر من أسبوع".

ويعكس إعلان قرقاش رضوخاً، ولو مؤقتاً، من أبوظبي، التي تتولى واجهة التحالف بدعم العملية العسكرية في الحديدة والقوات اليمنية المشاركة في العملية، للضغوط في ما يتعلق بالوقف "المؤقت" للعملية العسكرية، خصوصاً بعد محاولة السعودية والإمارات، من خلال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إحباط الحل الوسط الذي يعمل عليه غريفيث لتجنيب الحديدة المدينة المعركة الحاسمة، وملايين اليمنيين المقيمين في مناطق سيطرة الحوثيين، الكارثة المحتملة، وذلك بدفعه لرفض المبادرة القاضية بتسليم ميناء الحديدة إلى إدارة دولية تابعة للأمم المتحدة واشتراط انسحاب الحوثيين من كامل المدينة.

في موازاة ذلك، بدا لافتاً أن الإعلان لم يصدر عن المتحدث الرسمي للتحالف أو بيان رسمي باسمه، وهو ما فُسّر كاستجابة للضغوط التي تواجهها أبوظبي، وعلى نحوٍ يقلل من إلزامية الإعلان من جهة أخرى، كما أنه إعلان يثير حفيظة يمنيين يعتبرون التصريح تهميشاً لدور الحكومة اليمنية.



من جهته، أكد مسؤول يمني كبير لـ"العربي الجديد"، أن "ضغوطاً دولية كبيرة تُمارس من الأطراف الدولية الفاعلة على كل من التحالف والحكومة الشرعية، باتجاه وقف إطلاق النار في الحديدة، مقابل وعود بأن يتم التفاوض على انسحاب الحوثيين من الحديدة كمطلب لن تتنازل عنه الحكومة ومعها التحالف". وأشار في الوقت ذاته إلى أن "الثقة منعدمة بالنسبة لأي اتفاقات مع الحوثيين، ما لم تكن هناك خطوات محددة، تعتمد على الخطة التي يحملها المبعوث الأممي نفسه".

وأشار المسؤول إلى أن "البيان الذي صدر عن الحكومة مساء السبت الماضي، وشدد على انسحاب كامل وغير مشروط للحوثيين من الحديدة، كمدخل لاستئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، جاء رداً على الضغوط الدولية، الساعية لإبرام تهدئة تسبق الدخول في مفاوضات، يسعى المبعوث الأممي إلى دعوة الأطراف إليها خلال الأسابيع القليلة المقبلة".

ومن المقرر أن يعرض غريفيث، الذي يزور عدن اليوم الاثنين، خطته المعدلة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وتشمل ترتيبات خاصة بالحديدة والعودة إلى المفاوضات. ولم يظهر الحوثيون، حتى اليوم، موافقة على الشرط الأساسي للحكومة والتحالف بالانسحاب من الحديدة، عدا الموافقة على تولي الأمم المتحدة دوراً قيادياً في إدارة ميناء الحديدة، إلا أن المبعوث الأممي وخلال حوار إذاعي، كشف عن مساعيه لحل أزمة الحديدة في إطار المفاوضات المقررة في الأسابيع القليلة المقبلة. وهو ما يعني أن المدافع والغارات الجوية قد تهدأ مؤقتاً في الحديدة، وإن بشكل نسبي، لإتاحة الفرصة للخطة الأممية، لكن العامل الحاسم، يبقى في مسألة نجاح المفاوضات وليس الوصول إليها، بحسب تجارب اليمنيين خلال الأعوام الثلاثة الماضية.



وعلى الرغم من السرية التي لا تزال محيطة بتفاصيل خطة المبعوث الدولي، إلا أن الخطوط العامة، المعززة بتصريحات سابقة، تشمل الخطوات الأمنية المطلوبة لوقف الحرب وانسحاب الحوثيين من بعض المناطق وإطلاق سراح المعتقلين وغيرها من الخطوات، في مقابل تشكيل حكومة انتقالية تمثل مختلف الأطراف بما فيها الجماعة. وكلا المسارين الأمني والسياسي كان جوهر النقاشات خلال مشاورات الكويت التي استمرت ثلاثة أشهر خلال عام 2016، ثم انتقلا إلى مبادرة وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، في أغسطس/ آب من العام نفسه، ولاحقاً خارطة المبعوث الأممي السابق، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وجوهر الخلاف، يبقى في تراتيبة هذه الخطوات وتسمية الأطراف المعنية بالانسحاب وغيرها من النقاط.

وكان غريفيث، وخلال حوار إذاعي، كشف يوم الجمعة الماضي، عن أنه "يسعى لأن يجمع الأطراف معاً في غضون الأسابيع القليلة المقبلة"، على أن يطرح الخطة مجدداً على مجلس الأمن الدولي، خلال الأسبوع الحالي، في انعكاس للأهمية القصوى التي يحتلها التصعيد العسكري في مدينة الحديدة الاستراتيجية من جهة، والدعم الذي يتمتع به المبعوث الأممي من جهة أخرى، وبالذات من دبلوماسية بلاده، بريطانيا، والأخيرة هي المقرر بملف اليمن في المجلس والعضو المسؤول عن صياغة أغلب مسودات القرارات الدولية بخصوص اليمن، في السنوات الماضية.

وفي السياق، قال وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية، محمد عسكر، إنه "سيتم التوصل إلى السلام على الفور في بلاده، في حال مارس المجتمع الدولي الضغط على الحوثيين". وبشأن توقع غريفيث عقد طرفي الحرب مفاوضات قريباً، أوضح عسكر أن "مليشيا الحوثي هي من هربت دائماً من جهود السلام". وشدّد الوزير اليمني، على أن "السلام ينبغي أن يتحقق وفق ثلاثة أسس هي: القرار الأممي 2216 (يحظر توريد الأسلحة للحوثيين)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني". وتابع "هذه (الأسس الثلاثة) هي الطريق الرئيسي للخروج من الحرب، والذي تتفق عليه جميع الأطراف اليمنية والمنطقة والمجتمع الدولي. خارج هذه الأسس لا يمكننا التوصل إلى أي اتفاق". وأعرب عسكر عن أمله في انتهاء الحرب الدائرة في بلاده قريباً، وقال إنه "إذا فرض المجتمع الدولي ضغوطاً قوية على الحوثيين، فإننا سنحقق السلام اليوم وليس غداً".