كثيرة هي العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الرجل إلى الزواج مرة ثانية وربما ثالثة ورابعة، ليأتي بـ "ضرّة" إلى زوجته الأولى. هذه "الضرّة" التي يقال عنها في كثير من الأحيان "سارقة الرجال"، توصف أحياناً بالظالمة أو المظلومة، وإن تبقى الزوجة الأولى الضحية الأكبر. أما الرفض، فقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى الطلاق.
في السياق، تقول سناء (50 عاماً) إنها تزوجت من رجل يكبرها بسنتين بعدما انفصلت عن زوجها الأول الذي أنجبت منه طفلين. في زواجها الثاني، اكتشفت أنها لم تعد قادرة على الإنجاب إلا أن الزوج كان يريد أن يصبح أباً. فطرح عليها فكرة الزواج بأخرى. تضيف أنها لم تتقبّل الموضوع في البداية، إلا أنها عادت ووافقت حتى لا تحرمه من الإنجاب.
تشير سناء إلى أنه مضى أربع سنوات على سكنها وضرّتها في بيت واحد، مضيفة أن زوجها لم يخلّ بواجباته حيالها. وتلفت إلى أن ضرّتها تحرص دائماً على ملاطفتها علها تكسر الصورة النمطية عن الضرّة أو "سارقة الرجال". توضح أنها "دائماً ما تقيم حفلاً في عيد ميلادي، الأمر الذي جعلني أخجل من عدم معاملتها بالمثل. مع الوقت، أصبحنا كالأخوات في المنزل، وحياتنا سعيدة ولا توجد أي مشاكل".
أما رجاء (37 عاماً) التي مضى على زواجها ست سنوات، فتتحدث عن حياتها مع ضرّتها بحسرة كبيرة. رفضت في البداية اقتران زوجها بامرأة ثانية، إلا أن جميع الضغوط التي مارستها لم تفلح في ثنيه. تقول: "طلبت الطلاق مراراً وما زلت، لكنني لم أجرؤ على ترك المنزل خشية أن يبقى أطفالي الثلاثة مع ضرّتي". تضيف: "كانت علاقتي بزوجي جيدة جداً، وتزوجنا عن حب وتفاهم، لكن لا أعلم ما أصابه كي يصرّ على الزواج من أخرى".
تتابع رجاء أن حياتها تحولت إلى جحيم. "يقضي زوجي معظم أوقاته مع ضرّتي، ونادراً ما يبيت ليلته في غرفتي". تضيف: "لم أعد أشعر بزوجي الذي أحبني. تغيرت معاملته معي وأصبحت ضرّتي كل حياته، ولا يهتم إلا بها. هي أيضاً تعمد دائماً إلى تشويه صورتي واختلاق أمور كاذبة كي يكرهني". وتلفت إلى أنها لا تحب الأولاد، وتعاملهم كأنهم ضيوف، وهم يعرفون أنها السبب في علاقتي المتوتّرة مع والدهم، "لكن ما باليد حيلة". وعلى الرغم من مرارة الحياة، تؤمن أن سعادة أولادها في كنف أسرة أهم من سعادتها الشخصية.
من جهة أخرى، تبدو حنان (28 عاماً) نادمة لموافقتها على أن تكون ضرّة. تقول إنه مضى عامان على زواجها، لكنها تشعر أن زوجها ما زال مغرماً بزوجته الأولى. تضيف أن "زوجي كان يعشقني قبل الزواج. لطالما كان يشكو من تصرفات زوجته وصعوبة حياته معها. وعند كل إشكال، يأتي إليّ. لا أدري ما حلّ به بعدما تزوجني. ربما تغيرت معاملته بعدما شعر أنه تملّكني". تضيف: "أفكر دائماً بطلب الطلاق إلا أنني لا أريد أن تعيش طفلتي في كنف أسرة مفككة".
إلى ذلك، تقول المتخصصة في علم النفس العيادي تغريد حيدر لـ "العربي الجديد" إن "العوامل التي تؤدي إلى زواج الرجل بأخرى كثيرة، منها الشعور بالملل والروتين وعدم التجديد والحيوية". تضيف: "يمكن ألا يكون متفاهماً مع زوجته الأولى، ما يؤدي إلى مشاكل حقيقية بينهما. أحياناً، يمكن أن يكون لدى زوجته مرض معيّن أو عقم أو عدم قدرة على الإنجاب". تضيف أن "أهل الزوج قد يضغطون عليه للزواج من امرأة ثانية، عدا عن قدرته المادية على الزواج بثانية وربما ثالثة".
وترى أن "المرأة ترضى أن تكون زوجة ثانية حين تكون مطلقة، فالمجتمع ينظر إليها كأنها ناقصة". وتلفت إلى أنه "يمكن للمرأة أن ترى ميزات في رجل متزوج تتوافق مع ما ترغب به ما يدفعها إلى القبول بالاقتران به. أو قد تجبرها ظروفها المادية والعائلية على ترك منزلها لتجد الزواج حلاً، وإن كان الرجل متزوجاً. ويطلق على هذه الحالة إشكال مؤجل، لأنه من الخطأ حل مشكلة بأخرى".
وللحد من الإشكالات التي يمكن أن تطرأ بين الزوجة وضرّتها، تؤكد حيدر "وجوب التحلّي بالصبر تفادياً للمشاكل"، ومعاملة الأولاد بأسلوب حسن، مع الحرص على عدم تدخل كل منهما بالأخرى، حتى يعيش الأولاد في بيئة إيجابية. وتفضل ألا يكون هناك تواصل كبير بين الزوجتين، لأن الأمر ليس جيداً، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل ترتدّ سلباً عليهما وعلى أولادهما، مؤكدة أن "الزواج الثاني يؤدي إلى مشكلة عند الأولاد ونظرتهم حيال والدهم الذي يعد بمثابة قدوة لهم".
اقرأ أيضاً: تعدد الزوجات يعوق الحصول على الجنسية الكندية