الصناعات الغذائية في اليمن.. مستقبل واعد

20 يناير 2015
الصناعة الغذائية المحلية لا تتعدى 14% (العربي الجديد)
+ الخط -
بالرغم من أن الغذاء في اليمن غير كافٍ، وأن أعداداً كبيرة تعاني انعدام الأمن الغذائي، إلا أن السوق اليمنية تُعد سوقاً استهلاكية واسعة في مجال المواد الغذائية. وفي مطلع السبعينيات من القرن، بدأت الإجراءات الحكومية بوضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى دعم وتشجيع القطاع الصناعي، وبدأت صناعة المواد الغذائية تأخذ طريقها نحو تقديم منتجات تلبي متطلبات السوق اليمنية. 

ريادة القطاع الخاص
يقول رجل الأعمال اليمني، أمين مهدي، لـ"العربي الجديد": كان القطاع الخاص السباق في الاستثمار في القطاع الصناعي، واستيعاب العدد المتزايد في القوى العاملة، وبعد تحقيق الوحدة اليمنية اعتمدت اليمن آلية قوى السوق كمنهج للتنمية الاقتصادية، وفتح المجال للقطاع الخاص للقيام بدوره في قيادة عملية التنمية. فيما اقتصر دور الدولة على العملية الإشرافية والإرشادية والتنظيمية، الى أن أصبح القطاع الخاص يستحوذ على 95% من إجمالي المنشآت الصناعية.
ويشير مهدي إلى أن الصناعات الغذائية في اليمن، رغم ما تقدمه لم تتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي، خصوصاً أنها لم تحظ بالدعم الذي كانت قد بدأته الحكومة، الأمر الذي أعاق نمو وتطور الصناعات الغذائية. وبات القطاع غير قادر على تحمل السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية عقب تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والإداري في عام 1995، والتي كان أبرزها، تحرير التجارة الخارجية، ورفع القيود على تراخيص الاستيراد، وتخفيض الرسوم الجمركية وارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض. ووفق مهدي، فقد ساهمت هذه الإجراءات إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي عدم قدرة المشروعات الصناعية على إنتاج سلع منافسة للسلع الأجنبية.

تفاؤل بمستقبل الصناعة الغذائية
تسعى اليمن إلى تطوير الصناعات التحويلية وزيادة إسهاماتها في الناتج المحلي، وقد أشار تقرير إحصائي صادر عن وزارة الصناعة والتجارة اليمنية أخيراً، أن قيمة الإنتاج الصناعي للمواد الغذائية والمشروبات بلغ ما يعادل 5 ملايين دولار، محققاً نسبة 21.3% من إجمالي قيمة الإنتاج الصناعي اليمني، فيما شكلت واردات اليمن من القمح 3.1 ملايين طن، بقيمة تعادل 1.079 مليار دولار، وبما يزيد عن 25 مليون دولار سلع غذائية أخرى.
في إطار هذه النتائج، يبدي المحلل الاقتصادي، مختار علي، تفاؤله بمستقبل الصناعات الغذائية في اليمن، ويقول لـ"العربي الجديد": "يمكن لهذه الصناعات أن تشهد تطوراً، في حال حصلت على البيئة المناسبة، الأمر الذي سيؤدي الى تحقيق الاكتفاء الذاتي لليمن بدلاً من الاستيراد". ويضيف": إن من أبرز التحديات التي تواجهها هذه الصناعة الواعدة محدودية القدرة لأصحاب الأعمال والمنشآت الصغيرة في الحصول على مصادر التمويل، إضافة إلى المشاكل الفنية كندرة العمالة الفنية، وغياب الرؤى التسويقية ومشكلة تعقيد القوانين والتشريعات المتعلقة بإقامة المشاريع الصناعية، فضلاً عن اتساع ظاهرتي التهريب وإغراق السوق المحلية".

انتاج زراعي ضعيف
ووفقاً لإحصائيات الإدارة العامة للإحصاء الزراعي في وزارة الزراعة اليمنية، التي حصلت عليها "العربي الجديد" فإن مساحة إنتاج الحبوب والمواد الغذائية النباتية بلغت 1.1 مليون هكتار. تصل كمية الإنتاج إلى 3 ملايين طن. وهذه الكميات الزراعية الإنتاجية يراها المهتمون بأنها ضئيلة جداً وغير قادرة على تنمية وتطوير الصناعات الغذائية التي تقوم في الأساس على الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث تستورد اليمن من القمح بنسبة 86% من إجمالي الاستهلاك المحلي، في حين تتضاءل نسبة الإنتاج المحلي إلى 14%.
بحسب أحد تجار المواد الغذائية في اليمن، أمين الحبيشي، فإن الطلب على السلع الغذائية في تزايد مستمر، حيث يُقبل المستهلك اليمني على شراء المواد الغذائية التي تتناسب قوته الشرائية. ويقول لـ "العربي الجديد" إن 75% من المستهلكين اليمنيين لا يبحثون عن الجودة، بل عن الأسعار.
ويرى الخبير الاقتصادي، ياسين التميمي، أن الصناعات الغذائية تحتل مكانة مهمة في إطار الصناعات التحويلية في البلاد، واستطاعت خلال العقود الثلاثة الماضية من تأسيس سمعة سوقية. ويقول التميمي لـ"العربي الجديد" ساهمت عوامل مشجعة لتطوير الصناعات الغذائية، أهمها وجود سوق استهلاكية كبيرة، ومصادر طبيعية متاحة وفي مقدمتها الثروة السمكية. لكن الصناعات الغذائية حتى الآن لم تستطع أن تستوعب المعروض الكبير في السوق من منتجات زراعية محددة، الأمر الذي أدى الى تغيبيها عن الخريطة الاقتصادية.
ويلفت التميمي الى أن الصناعات الغذائية يمكنها أن تحظى بمستقبل واعد، في حال استقرت الأحوال السياسية، وتوفر التنسيق بين الصناعيين والجمعيات الزراعية، لاستيعاب الفائض من بعض المنتجات، وإعادة توجيه الإنتاج الزراعي لخدمة قطاع الصناعات الغذائية. وذلك بالنظر إلى تطور القطاع الزراعي، وما يمكن أن يسهم به في كبح جماح التوسع المتزايد في زراعة القات الذي بات يستنزف مصادر المياه المحدودة في البلاد.
المساهمون