الصناعات الصغيرة تغزو الأحياء السكنية بالعراق

01 نوفمبر 2015
أصحاب الصناعات الصغيرة يغزون الأحياء السكنية (فرانس برس)
+ الخط -
تنتشر ورش التصنيع الصغيرة في الأحياء السكنية بالعراق مؤخراً بشكل لافت، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار إيجارات الورش والكراجات والمحال الصناعية بشكل غير مسبوق.
واتجه الكثيرون من أصحاب الصناعات الصغيرة إلى افتتاح ورش داخل الأحياء السكنية أو حتى في منازلهم، لعدم سيطرة الحكومة على مالكي العقارات المستأجرة، فيما يخص الإيجارات المرتفعة كما يقول الصناعيون.
مضر الجبوري (37 عاماً) لديه ورشة حدادة صغيرة يصنع الأبواب والنوافذ المنزلية في بغداد، يقول "تسبب رفع الإيجارات من قبل مالكي العقارات بضرر كبير لمصالحنا، فنحن ندفع أحياناً 90% من وارداتنا للإيجار".
وأوضح الجبوري لـ"العربي الجديد"، أنه يستأجر ورشة صغيرة بمبلغ 900 ألف دينار (800 دولار) شهرياً، مؤكداً أن هذا مبلغ كبير جداً، في الوقت الذي لم يعد فيه العمل كالسابق بسبب تردي الوضع الأمني والاقتصادي للعراق. ويضيف "الحكومة العراقية لا تسيطر على مالكي العقارات والورش والمحال الصناعية، ولا يوجد قانون يحدد أسعار الإيجارات، فاضطررت لترك ورشتي وافتتاح محل صغير بأحد الأحياء السكنية بإيجار لا يتجاوز 300 ألف دينار (200 دولار) وكذلك فعل الكثير من أصحاب المهن الصناعية من أصدقائي".
وانسحب هذا الأمر على أغلب المهن الصناعية الأخرى كالنجارة وتصليح السيارات والكهرباء والإلكترونيات وورش تصنيع المنتجات المنزلية وغيرها.
كما هو الحال مع باسم ضاحي (51 عاماً) صاحب ورشة للنجارة، اضطر لإغلاقها واستئجار محل صغير بحي سكني ليمارس مهنته ويعيش منها ويستمر بخدمة زبائنه، موضحاً أن "أسعار الإيجارات شهدت ارتفعا فاحشاً حيث استغل مالكو العقارات تردي الوضع الأمني وانعدام الرقابة الحكومية، فأصبحوا يتلاعبون بأسعار الإيجارات وضاعفوها إلى أكثر من أربعة أضعاف عما كانت عليه سابقاً".

ويوضح ضاحي لـ "العربي الجديد": "كان أمامنا خياران إما أن نترك مهنتنا التي نعيش منها أو أن نستأجر ورشاً أو محال تجارية في الأحياء السكنية، ونحولها إلى صناعية كون الورش والمحال المستأجرة داخل الأحياء السكنية أسعارها أقل بكثير، فمثلاً أنا أستأجر ورشة صغيرة في حي صناعي بمبلغ 800 ألف دينار (700 دولار)، بينما ورشتي التي استأجرتها في أحد الأحياء السكنية لا تتجاوز 400 ألف دينار (350 دولارا) أي بنصف سعر الأولى".
ويرى خبراء أنَّ أسعار الإيجارات تعتبر عاملا طاردا لأصحاب المهن الصناعية، التي تعد محركاً رئيسياً للسوق ويعيش منها عشرات آلاف العراقيين، ما يهدد الأحياء الصناعية والسكنية في الوقت ذاته بالتخلخل.
ويرى المهندس الصناعي ياسين المحمدي من بغداد، أن "غياب الرقابة الحكومية عن أصحاب العقارات جعلهم يرفعون سعر الإيجار عدة أضعاف؛ وهذا دفع أصحاب المهن إلى هجرة الأحياء الصناعية ما يهدد الصناعة العراقية والاقتصاد العراقي، وفي الوقت ذاته يهدد الطبيعة الجغرافية والسكانية للأحياء السكنية التي ستمتلئ بالورش الصناعية، ويبدأ الناس بالمعاناة من ضجيج الماكينات والمعدات الثقيلة".
ويواجه العراق مصاعب اقتصادية ومالية بسبب الاضطرابات الأمنية، فيما تم تجميد آلاف المشروعات، فيما أقرت الحكومة على الموازنة العامة بقيمة 119 تريليون دينار عراقي (105 مليارات دولار)، بينما يقدّر العجز بنحو 25 تريليون دينار (21 مليار دولار).
ويعتبر مختصون في التخطيط العمراني أن تحول أصحاب المهن الصناعية إلى الأحياء السكنية داخل المدن يشوه الخرائط الحضرية لها على المدى البعيد ويسبب تلوثاً في عدة جوانب.
ويشير عامر الراوي المتخصص في المجال العمراني، إلى أن افتتاح ورش صناعية داخل المدن والأحياء السكنية تحديداً له تأثير على المدى البعيد من جانبين، الأول إفراغ الأحياء الصناعية المخصصة، ما يؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي ويزيد من نسبة البطالة؛ كون العديد من أصحاب الورش سيضرون للتخلي عن عمالهم بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات.
ويضيف أنه من جانب فإن انتشار الورش سيشوه التخطيط العمراني للأحياء السكنية، ويتسبب في تلوث البيئة مثل ورش تصليح السيارات، وما ينتج عنها من مخلفات وزيوت ضارة بالبيئة فضلاً عن ضجيج الماكينات والمعدات الثقيلة في ورش الحدادة والنجارة".
ويدعو مراقبون الحكومة العراقية إلى إصدار قانون صارم يحدد أسعار الإيجارات لأصحاب المهن الصناعية، ويعاقب مالكي العقارات إذا تجاوزوا الحد المسموح به قانونياً.

اقرأ أيضا: العراق يوفر قروضاً للعاطلين للحد من البطالة
المساهمون