الصفحات الساخرة: بين السرية والنقد... والقرصنة

08 ابريل 2017
جمهور إليسا يهاجم صفحة "عديلة"(العربي الجديد)
+ الخط -
مع اتساع دائرة مواقع التواصل الاجتماعي، أنشأ البعض صفحات بديلة، مموهة للنقد الفني والسياسي اللاذع في الوطن العربي. عناوين كثيرة لأفراد عملوا على إبراز موهبتهم في النقد المضحك على صفحة واحدة.

عديلة
قبل ثلاث سنوات، أنشئت على مواقع إنستاغرام وتويتر وفيسبوك صفحة خاصة تحمل رسم واسم المغنية البريطانية أديل، صاحب الصفحة وهو شاب، يرفض أن يكشف عن هويته، صرح قبل وقت بأنه أحد المعجبين بصوت الفنانية أديل، لا بل من أشد معجبيها. وبعد إصدار ألبومها الحدث hello عام 2015 عمل المعجب على إنشاء الصفحة التي تحولت في ما بعد لصفحة نقد مستفزة لبعض الفنانين بعنوان "عديلة"، على الرغم من التزامها بمعايير الأدب، والاتجاه نحو النقذ اللاذع، الذي لا يختلف عليه المعلقون في ردود فعلهم حول أسلوب عديلة.

قبل أيام، نشر عدد من متابعي صفحة عديلة، بياناً أكدوا فيه أن صفحة الفنانة "عديلة" قد تعرضت للقرصنة، من قبل من يسمون انفسهم "معجبو اليسا" ونشروا على الفور "ستاتوس" هو "اليسا تاج راسك" في رد حول بعض الانتقادات التي نشرتها صفحة "عديلة " في الأيام القليلة الماضية حول الفنانة إليسا. واتهم هؤلاء عديلة بأنها منحازة إلى بعض الفنانات على حساب أخريات، لكن أنصار إليسا فاض بهم النقد، فأعلنوا الهجوم على حساب عديلة ومصادرته، وهي الصفحة التي يتابعها أكثر من 266 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم العربي، والتي استطاع صاحب الحساب اعادتها بعد ساعات.

موتورة
الصفحة اللبنانية الثانية التي تتبع نفس أسلوب النقد الساخر، ونشر فيديوهات مضحكة، حول بعض الأحداث الفنية والاجتماعية وحتى السياسية في لبنان والعالم العربي تحمل اسم "موتورة". هذه الصفحة أيضاً يديرها شاب لبناني وفق ما جاء على الصفحة نفسها، لكن تفاعلها بدا أقل منذ بداية السنة الحالية 2017، من دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء تراجع شعبية موتورة. لكن من يتابع الصفحة يدرك أن صاحب الحساب دخل في خلافات شخصية مع متابعين له تحديداً في الشأنين الفني والسياسي، ووصل به الحال إلى تهديد بعض المتابعين ما أدّى إلى دفع إدارة فيسبوك إلى تعليق أعمال ونشاط الصفحة لمدة 3 أيام.

يؤكد المشرف على صفحة "موتورة" في تصريحات متقاطعة، أنّ صفحته تحمل رسالة وهي التغيير في ذهنية الأشخاص حيال قضايا معينة مطروحة ودفع الناس للتفكير بطريقة مختلفة عن الأفكار السائدة. وهي صفحة للهجاء المستحب مع السخرية. ويؤكد أن عدداً من متابعيه هم أنفسهم الناس الذين ينتقدهم ودائماً ما يستعمل العبارات ويكون المقصود منها العكس تماماً، والهدف من وراء ذلك بث روح النكتة بطريقة مبتكرة جداً بعيداً عن العقد النفسية. فهو يقول "لست نجماً لا في الغناء ولا في التمثل، لكنني متذوق كثيراً لفن التمثيل والمسرح".
وحول مستقبل هذه الصناعة، وإلى أي مدى سيحاول متابعة الصفحة، يقول "أتمنى أن أتابع تفعيل هذه الصفحة حتى يخرج البديل الذي يضحك كما يبكي الناس أو يجعلهم سعيدين بما يُكتب".





للسياسة أيضاً صفحات
مع بداية الثورات العربية، بدأ هروب المواطنين العرب إلى الصفحات البديلة، المموهة والساخرة. تحت هويات مزيفة وبأسماء مستعارة شارك وغرّد كثيرون أفكارهم الساخرة من الواقع. إلا أن بعضهم قرّر المجاهرة برأيه بهويته الحقيقية، فكان مصره المحاكمة أو السجن، كما كانت الحال في لبنان، حيث شهدت الفترة الأخيرة تضييقاً على حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي. حال مشابهة شهدتها مصر وتونس وسورية وبعض دول الخليج والأردن... وهو ما أدى إلى انتشار الصفحات الساخرة المجهولة الهوية، أو بروز صفحات باسم رؤساء وزعماء عرب، لكنها صفحات "بارودي" تسخر من الواقع.

في مصر مثلاً استعانت مجموعة من الشباب المصري بالصفحات المزورة بحثاً عن متنفس للحقيقة كاملة، وذلك بعد فرض محاذير على الممارسة السياسية للأفراد، والتضييق على المظاهرات ولعبت هذه الصفحات دورًا بارزاً مع انطلاق ثورة 25 يناير، فكسرت حصار الواقع بالسخرية منه، وساعدت الداعمين للثورة على الكلام بحرية وضمانة أمنهم واستقرارهم.

كانت الكلمة في بداية الأمر لصفحات الكوميديا الساخرة على "فيسبوك" و"تويتر"، واعتبر البعض أن فيسبوك هو من حرك أو دفع باتجاه الثورة في مصر وحتى في العالم العربي. ومع اشتداد الحصار، على المتظاهرين أو المطالبين بإسقاط الأنظمة، ظهرت الصفحات الوهمية التي تحمل أسماء شخصيات سياسية رسمية أو غير رسمية، مثل صفحة وهمية تحمل اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأخرى انتشرت باسم زوجة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، سوزان مبارك، وتروي عن تفاصيل دقيقة من باب السخرية على الرئيس الأسبق لمصر.

وتتفاعل هذه الصفحات الوهمية مع الأحداث بطريقة ساخرة، وتجذب كل يوم مزيداً من المتابعين، وفي بعض الأحيان تفوق أرقام التفاعل التي تحققها أرقام الصفحات الحقيقية والرسمية لنفس الأشخاص.
دلالات
المساهمون