الصادق الحمامي: "فيسبوك" تونس تهكّمي

04 نوفمبر 2014
الحمامي: يتمتع الإعلام التونسي بالحرية
+ الخط -

هو واحد من الأساتذة الجامعيين المؤمنين بأن البحث العلمي هو ملاذنا الأساسي، لذلك نشر كتباً في مجال اختصاصه، وهو علوم الإعلام والاتصال، حاول من خلالها البحث في قضايا الميديا العربية وخصوصاً منها الميديا الجديدة.

"العربي الجديد" التقته لتحاوره عن واقع ومستقبل الميديا في تونس...


كيف تقيّمون بداية المشهد الإعلامي في تونس؟
هناك مستويان من التقييم، الظاهر من جبل الجليد، ويبدو فيه المشهد، وهو يتسم بالحيوية والنشاط والتنافس، ففي تونس اليوم 10 قنوات تلفزيونية مرخص لها، و35 إذاعة وعشرات الصحف والمواقع الإخبارية.

كما تتمتع الميديا التونسية بقدر كبير من الحرية، جعلها المصدر الأول للإخبار بالنسبة للتونسيين فى مقابل تراجع الميديا العربية والغربية عن لعب هذا الدور، مثلما كان الحال قبل إطاحة نظام بن علي. كما أن التونسيين باتوا يثقون فى إعلامهم أكثر من القضاء نفسه، وفقاً لدراسة قامت بها "بي بي سي" أكشين.

أما المستوى الثاني فيتعلق بتحليل الإعلام بما أنّه منظومة أو صناعة أو قطاع وهنا الأمر يختلف.

كيف ذلك؟

الصحافة المكتوبة تعيش أزمة خانقة تتعلق بتهديدات في مستوى وجودها نتيجة لقدم شبكات التوزيع ومحدودية سوق الإعلانات، وتراجع عدد القرّاء، ولا تمتلك شروط الحياة، وهو ما يجعل مستقبلها في خطر. أما الصحافة الإلكترونية فلم تنجح في استغلال مناخ الحريات الجديد ولم تفرز صحافة إلكترونية مقنعة، ما عدا بعض المواقع.

في مستوى القطاع السمعي البصري، القطاع العام لم يخضع إلى الإصلاح الهيكلي، وبقيت المؤسسات كما هي. إضافة إلى غياب الآلية الأساسية التى يمكن من خلالها أن يتحول هذا القطاع إلى قطاع منظم وتنافسي.

عموماً المشهد الإعلامي في تونس، يمكن تلخيصه بإعلام في المستوى السياسي، يقوم بأدواره وهي الإخبار والتحول إلى فضاء للنقاش العام، لكنّه لم يتوافر إلى حدّ الآن على شروط الانتقال إلى صناعة مبتكرة.


ألا يعود ذلك إلى تأثير مواقع التواصل، وخصوصاً أن "فيسبوك" تحول إلى مصدر أساسي للأخبار؟

"فيسبوك" ظاهرة متحركة وغير مستقرة وعرفت عديد التحولات في تونس. وأثناء إطاحة نظام بن علي، كان هو الفضاء السياسي البديل، وهو فضاء النخب والمواطنين لإدارة النقاش السياسي.

لكن خلال السنتين الأخيرتين، تشكّلت في تونس حالة من الملل السياسي، والملل من النخب الجديدة، لأن التونسي كان يعتقد أن السياسة الديمقراطية ذات الشرعية قادرة على تغيير حياته وهو ما لم يحصل... فالنخب السياسية الجديدة غذّت الملل السياسي، وحوّلت السياسة من إدارة شؤون الناس إلى إدارة الخطاب. لذا تحوّل "فيسبوك" إلى وسيلة للتهكّم السياسي.
المساهمون