الشّباب المغربي بين الإقصاء ومُقاطعة الانتخابات

10 سبتمبر 2016
المبادرات لم تقنع الشباب بالمشاركة السياسية(Getty)
+ الخط -

يبدو الشّباب المغربي بعيدًا عن أولويات الأحزاب المغربية التي تستعد للنّزول إلى غمار الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل، بتكوين لوائح التّرشيح المحليّة، التي تميل مرة أخرى إلى تقديم الأعيان وكبار السّن على حساب الشّباب، الذين ظلّوا رهائن اللاّئحة الوطنية للشّباب - كوتا الشباب- التي تحمل ثلاثين شابًا إلى مقاعد البرلمان.

على الرّغم من تأكيد هذه الأحزاب على خيار منح الأولوية للشّباب، كفئة حيوية وغالبة على التّركيبة الديموغرافية في البلاد، مع القيام ببعض المبادرات التي تستهدف جذبهم إلى صناديق الاقتراع، لكنها تسقط في اختزالهم في دور النّاخب أكثر من دور الفاعل السياسي.

هذا الإقصاء، سيكرّس خيار الامتناع عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، احتجاجًا عليه، ولغياب آفاق تغيير حقيقي عبر انتخابات السابع أكتوبر/تشرين الأول، في ظلّ وضعية سياسية لا تستجيب لتوقّعات الشباب، مع استمرار انغلاق النّسق السياسي أمامهم، وغياب معارضة حقيقية تُحرك المياه الرّاكدة، وترفع سقف التّحدي أمام الحكومات المتعاقبة التي لا تملك الكثير من السّلطات، في ظل استمرار امتلاك المؤسسة الملكية لزمام الحكم.

يعني هذا الأمر استمرار نسب المشاركة الضّعيفة في الانتخابات، التي بلغت أدنى نسبة لها في انتخابات 2002 بـ37%، وهي نسب تشير إلى عدم ثقة المواطن المغربي في قدرة الأحزاب على إحداث تغيير حقيقي في نمط حياته، خصوصًا على الصّعيد الاقتصادي، مع احتمال تحسّن طفيف وبطيء في نسب المُنتخبين الشباب، بالنّظر إلى وجود الكوتا، وانخفاض المعدّل العام للعمر لدى المرشّحين.

وفي ظلّ غياب إحصاءات لنسب تصويت الشباب، التي تدل مؤشّرات عدة على كونها كارثية، وذلك ترسيخًا لأزمة الثقة العميقة بين الشباب المغربي والمؤسّسات السياسية، وتكريسًا لخيار المقاطعة الصّامتة، يصعب تحديد نسب مشاركة الشّباب في الانتخابات السّابقة.

ورغم التّحسن النسبي لمشاركة الشباب في الانتخابات الجماعية لسبتمبر/أيلول 2015، حيث بلغ عدد المرشّحين الشباب 30%، إلا أن الأمر يختلف في الانتخابات التشريعية التي تؤدي بالحزب الفائز إلى تشكيل الحكومة، حيث يغلب هاجس الفوز السّهل بترشيح أسماء لها قاعدة شعبية، على العمل على إنشاء قاعدة بديلة تقوم على أصوات شابة. لم تثق الأحزاب بدورها في الشّباب ولم تمنحه فرصة التّرشح باسمها، خشية عدم نجاحه في استقطاب الأصوات في ظلّ امتناع أقرانه عن التّصويت.

فنسبة الشباب المنخرط في حزب سياسي لا تتجاوز 1%، كما أن نسبة الشباب البالغ من العمر بين 18 و25 سنة المسجلين في اللوائح الانتخابية، لا تمثل سوى 7%، فيما لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يتراوح سنهم بين 25 و35 سقف 22%، في وقت يتزايد فيه ميل الشباب إلى البحث عن متنفسّات أخرى للتّأثير السياسي، كالاحتجاجات والمظاهرات، والضّغط على صانع القرار السياسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت وسيلة ضغط كبيرة على الحكومة المغربية، من أجل التّراجع عن قرارات ومشاريع قوانين.

هكذا، لم تنجح المؤسّسة البرلمانية، التي لا تحدث تأثيرًا سياسيًا ذا وزن، في ظل تقاعس البرلمانيين عن أداء أدوارهم، وحضورهم الضّعيف في مناقشة والمصادقة على مشاريع قوانين.

رغم المبادرات التي تقوم بها بعض فعاليات المجتمع المدني لتغيير السّلوك السياسي للشباب المغربي، ومن أبرزها قافلة "اسمع صوتك"، التي تشمل جولات في مدن البلاد، لعقد لقاءات بين ممثّلين من الأحزاب والشباب المحلي لإقناعهم بإسماع أصواتهم في الانتخابات التشريعية. إلاّ أن إقناعهم بالتّوجه إلى صناديق الاقتراع في 7 أكتوبر/تشرين الأول يتطلب أكثر من مجرد قافلة دعائية لا تغيّر أسباب الامتناع، ولا تشركه في صنع القرار كما يطمح.


(المغرب)

المساهمون