الشعب الفلسطيني يتوحّد ويقاوم

28 يوليو 2014
+ الخط -

تشكل التحركات الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية إرهاصات ممكنة لانتفاضة جديدة ضد الاحتلال، وذلك بعد ارتكاب المجازر تلو الأخرى بحق المدنيين في قطاع غزة، إضافة إلى ما يعانيه سكان الضفة الغربية من بطش الاحتلال. ففي ظل كل ما يحدث كان من غير المعقول الصمت.

ما يحدث في الضفة الغربية تعبير عن الغضب الذي يشعر به الفلسطينيون، والذي ترجم إلى أفعال على الأرض، واستنهض مقاومة المحتل في الضفة، بكل الوسائل المتاحة، بهدف تخفيف الضغط عن قطاع غزة، وإثبات أن الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وفي الشتات وأراضي 48، شعب واحد، وله هدف واحد، هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ردأ على جرائم الاحتلال، انصهرت جميع الفئات والقوى الفلسطينية في بوتقة واحدة لمقاومة المحتل، والوحدة التي أعلن عنها سياسياً منذ مدة، تتجسّد، الآن، في الميدان.

دولة الاحتلال دائماً ما كانت تكرر أن الفلسطينيين غير موحّدين، ومن غير الممكن التفاهم معهم، لأنهم مختلفون سياسياً في ما يخص عملية السلام، ولا يمكن التوصل إلى حل معهم، فهناك سلطة تؤمن بالحل السلمي والمفاوضات، سبيلاً للوصول إلى الحل مع دولة الاحتلال، ومقاومة ممثلة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتنظيمات أخرى، تؤمن بالكفاح المسلح للوصول إلى تحرير الأرض المحتلة. لكن هذه الحجج التي يسوقها الاحتلال، كانت من أجل التهرّب من الاستحقاقات، وإفشال أي مسار قد يفيد الفلسطينيين.

منذ إعلان حكومة الوفاق الفلسطينية، والتقارب بعد سنوات الانقسام، حاولت دولة الاحتلال تخريب هذه المصالحة. وذهبت، في وقاحتها، إلى حد تخيير السلطة الفلسطينية بين علاقتها بها والعلاقة مع حركة حماس. لكن، على الرغم من كل هذه المحاولات، أصرّت السلطة على خيار الوحدة مع حماس، وعدم الاصغاء لدولة الاحتلال التي لا يهمها سوى بقاء الانقسام، وخصوصاً أن المفاوضات التي استمرت أكثر من عشرين عاماً، فشلت، ومن غير المعقول الاستمرار في هذه المفاوضات مدة أطول. وتبيّن أن إسرائيل لا تريد إعطاء الفلسطينيين حقوقهم.

من أخطاء السلطة الفلسطينية، التي انتهجت المفاوضات حلاً وحيداً للقضية الفلسطينية، أنها لم تستعمل ورقة المقاومة، وهي الوحيدة القادرة على تشكيل ضغط على الاحتلال وإرغامه على تقديم التنازلات، ونسيت أن هناك شعباً فلسطينياً مستعدّاً لتقديم التضحيات حتى الوصول إلى أهدافه الوطنية.

لا يجب التوهّم أن إسرائيل ستقدم الحقوق الفلسطينية على طبق من ذهب، من دون وجود أوراق ضغط قوية بيد الفلسطينيين، كالوحدة الفلسطينية، وامتلاك استراتيجية ناجعة لمقاومة المحتل، لا استجدائه كما فعلت السلطة الفلسطينية منذ أوسلو.

وحدة الفلسطينيين هي التي تزعج المحتل، وما هذه الحرب التي تُشنّ على قطاع غزة، إلا واحدة من محاولات ضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية. فهذا الاحتلال يريد شعباً خانعاً مقسّماً، من دون مقاومة، ليسهل التفرّد به. إن الوضع الذي كان قائماً قبل العدوان على غزة يجب أن يتغيّر، وأن تغيّر السلطة من منهجها، وتنتهج سياسةً جديدة تكون أكثر حزماً وجذرية تجاه دولة الاحتلال، وأول هذه الخطوات وقف التنسيق الأمني المشين مع الاحتلال، والذي تعارضه أكثرية الشعب الفلسطيني، ويتوجب الانضمام إلى المعاهدات الدولية اللازمة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، الذين اقترفوا ويقترفون الجرائم اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

أما العالم العربي، والعالم الذي يدّعي أنه حر، فقد تركا غزة وحدها أمام آلة الحرب الإسرائيلية التي تنفّذ الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. وها هي الضفة تقول لهم إن غزة ليست وحدها، نحن شعب واحد، وجرحنا واحد، ونضالنا واحد ضد عدو واحد.

avata
avata
إبراهيم الشيخ (فلسطين)
إبراهيم الشيخ (فلسطين)