يبدو الأمر أشبه بمفارقة سورية بامتياز، أن تجد السوق الشعبية الأكبر في العاصمة دمشق والتي يرتادها "الدراويش" والفئة الأكثر فقراً في المجتمع، ممتدة بمحاذاة شارع "الثورة".
المقصود هنا هو "الثورة" التي قام بها حزب البعث، باسم الشعب ومن أجل الشعب، فما كان من نتائجها إلا ارتفاع عدد الفقراء في صفوف الشعب. هكذا، ازدهرت أسواق "الحرامية" التي كانت تطلق عليها هذه الصفة قبل انطلاقة الثورة السورية كنوع من التكهن بأن البضائع فيها مسروقة، أما بعد الثورة فأصبحت السوق اسماً على مسمّى، وتوسعت التسمية لتأخذ صفة جديدة: التعفيش. وعلى مدار الأعوام الأربعة الماضية، نُهبت مئات آلاف المنازل وبيعت محتوياتها، وصار شائعاً أن تسمع قصصاً عن أشخاص مهجّرين بسبب الحرب يعثرون على قطع من أثاث منازلهم في الأسواق.
أصل التسمية
أصل التسمية
إذ يعود نشوء "سوق الحرامية" في العاصمة دمشق إلى نحو ثلاثة عقود. أما التسمية، فيرجح أن سببها هو البضائع التي تباع في هذه السوق، ويعتقد أن مصدرها عمليات السرقة... في هذه السوق، يمكن للمرء أن يجد كل أنواع البضائع، من الخردة إلى الملابس والأثاث والتجهيزات المنزلية، وصولاً إلى الأجهزة الالكترونية والكهربائية وسلع أخرى عديدة.
يقصد "سوق الحرامية" أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، حيث يمكن أن يعثروا على سلع بأسعار تقل كثيراً عن السلع الجديدة.
لكن الباحث الاقتصادي زاهر جميل، يرجح في حديث لـ"العربي الجديد" أن تكون "نسبة قليلة من البضائع في سوق الحرامية مسروقة بالفعل، وذلك لأن حجم البضائع المعروضة كبير وينمو باستمرار، كما أنه نتاج عمليات تجارية، ونتاج تدوير السلع المستعملة أكثر من كونه تدويراً للسلع المسروقة التي تبقى محدودة الكمية".
ويضيف جميل: "قبل اندلاع الثورة السورية، بدا سوق الحرامية عبارة عن سوق شعبية كبيرة لبيع البضائع المستعملة التي يتخلص منها أصحاب الدخل المرتفع والمتوسط والتي تجد طريقها لتعرض في هذا السوق فتساعد بالتالي أصحاب الدخل المحدود على تدبر أمورهم المعيشية، أما بعد اندلاع الثورة السورية، فقد باتت السوق اسماً على مسمّى".
شبيحة النظام أسياد الأسواق
بعد اندلاع الثورة السورية شكل جيش النظام ومليشيات الشبيحة أحد أهم عوامل نمو ظاهرة "سوق الحرامية" في العاصمة دمشق، ونشوء أسواق جديدة في كل أنحاء سورية. فقد بات شائعاً أن تنتهي العمليات العسكرية لقوات النظام السوري في الأحياء الثائرة بنهب منازل سكان تلك الأحياء، وإخراج المسروقات عبر شاحنات في ما بات يعرف لاحقاً بظاهرة "التعفيش".
يقول الباحث الاقتصادي كمال يوسف إن "عمليات التعفيش تجري كجزء من اقتصاد حرب متنامٍ في سورية". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "كان النظام يعتبر أنشطة السلب والنهب بمثابة تمويل ذاتي لمقاتليه، ومكافأة لهم خصوصاً مع تدني الرواتب التي كان النظام يقدمها لهم".
ويشير تقرير لمجموعة الأزمات الدولية إلى تلك الظاهرة حيث يؤكد أن جنود النظام في مدينة حمص كانوا "يُشجَّعون على الانخراط في السلب والنھب...حيث يمكن الحصول على المال من خلال السرقة، وبيع غنائم الحرب".
بمرور الوقت، باتت مليشيات الشبيحة التابعة للنظام السوري أحد أهم وأكبر الموردين لأسواق "الحرامية" في المدن السورية المختلفة. ففي مدينة حمص، التي شهدت أحياؤها الثائرة دخول مليشيات الشبيحة ونهب منازلها، تأسس في مناطق النظام السوري ما بات يعرف لاحقاً بـ"سوق السنّة" لبيع كل ما يجري نهبه من تلك الأحياء.
تعرض منزل أبو نديم في أحد أحياء حمص بعد دخول الجيش السوري إليه للنهب، يقول أبو نديم لـ"العربي الجديد": "زرت منزلنا بعد خروج الجيش منه، وكانوا قد سرقوا كل ما في المنزل من أثاث وأدوات كهربائية. حتى الأبواب وصنابير المياه تمت سرقتها لتباع لاحقاً في حي عكرمة الموالي للنظام". فيما يؤكد الناشط أبو نضال أن مدينته حلب تشهد "تواجد عدة أسواق تباع فيها المسروقات من أحياء كثيرة هجرها سكانها بسبب البراميل المتفجرة أو الاشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي، ومنها سوق الأتارب على سبيل المثال".
إقرأ أيضا: داعش يحرق المزروعات.. استعدّوا لأزمة غذائيّة
يقصد "سوق الحرامية" أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، حيث يمكن أن يعثروا على سلع بأسعار تقل كثيراً عن السلع الجديدة.
لكن الباحث الاقتصادي زاهر جميل، يرجح في حديث لـ"العربي الجديد" أن تكون "نسبة قليلة من البضائع في سوق الحرامية مسروقة بالفعل، وذلك لأن حجم البضائع المعروضة كبير وينمو باستمرار، كما أنه نتاج عمليات تجارية، ونتاج تدوير السلع المستعملة أكثر من كونه تدويراً للسلع المسروقة التي تبقى محدودة الكمية".
ويضيف جميل: "قبل اندلاع الثورة السورية، بدا سوق الحرامية عبارة عن سوق شعبية كبيرة لبيع البضائع المستعملة التي يتخلص منها أصحاب الدخل المرتفع والمتوسط والتي تجد طريقها لتعرض في هذا السوق فتساعد بالتالي أصحاب الدخل المحدود على تدبر أمورهم المعيشية، أما بعد اندلاع الثورة السورية، فقد باتت السوق اسماً على مسمّى".
شبيحة النظام أسياد الأسواق
بعد اندلاع الثورة السورية شكل جيش النظام ومليشيات الشبيحة أحد أهم عوامل نمو ظاهرة "سوق الحرامية" في العاصمة دمشق، ونشوء أسواق جديدة في كل أنحاء سورية. فقد بات شائعاً أن تنتهي العمليات العسكرية لقوات النظام السوري في الأحياء الثائرة بنهب منازل سكان تلك الأحياء، وإخراج المسروقات عبر شاحنات في ما بات يعرف لاحقاً بظاهرة "التعفيش".
يقول الباحث الاقتصادي كمال يوسف إن "عمليات التعفيش تجري كجزء من اقتصاد حرب متنامٍ في سورية". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "كان النظام يعتبر أنشطة السلب والنهب بمثابة تمويل ذاتي لمقاتليه، ومكافأة لهم خصوصاً مع تدني الرواتب التي كان النظام يقدمها لهم".
ويشير تقرير لمجموعة الأزمات الدولية إلى تلك الظاهرة حيث يؤكد أن جنود النظام في مدينة حمص كانوا "يُشجَّعون على الانخراط في السلب والنھب...حيث يمكن الحصول على المال من خلال السرقة، وبيع غنائم الحرب".
بمرور الوقت، باتت مليشيات الشبيحة التابعة للنظام السوري أحد أهم وأكبر الموردين لأسواق "الحرامية" في المدن السورية المختلفة. ففي مدينة حمص، التي شهدت أحياؤها الثائرة دخول مليشيات الشبيحة ونهب منازلها، تأسس في مناطق النظام السوري ما بات يعرف لاحقاً بـ"سوق السنّة" لبيع كل ما يجري نهبه من تلك الأحياء.
تعرض منزل أبو نديم في أحد أحياء حمص بعد دخول الجيش السوري إليه للنهب، يقول أبو نديم لـ"العربي الجديد": "زرت منزلنا بعد خروج الجيش منه، وكانوا قد سرقوا كل ما في المنزل من أثاث وأدوات كهربائية. حتى الأبواب وصنابير المياه تمت سرقتها لتباع لاحقاً في حي عكرمة الموالي للنظام". فيما يؤكد الناشط أبو نضال أن مدينته حلب تشهد "تواجد عدة أسواق تباع فيها المسروقات من أحياء كثيرة هجرها سكانها بسبب البراميل المتفجرة أو الاشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي، ومنها سوق الأتارب على سبيل المثال".
إقرأ أيضا: داعش يحرق المزروعات.. استعدّوا لأزمة غذائيّة