الشباب التونسي يواجه الأبواب المغلقة

25 يونيو 2015
يناضل الشباب التونسي من أجل خلق مساحة له(فرانس برس)
+ الخط -
فعلتها "أمل" أخيراً وأصدرت كتابها الأول وهي في العشرينات من العمر. فعلتها على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي وجدتها في طريقها، خاصة وهي بصدد توزيع كتابها ليصل إلى القارئ وتصل معه قصتها في الصين بلد السور العظيم.

تتذكر أمل المكي، كاتبة صحافية تونسية، قصتها مع دار توزيع مشهورة في العاصمة التونسية، قصدتها إثر الانتهاء من طباعة كتابها قصد توزيعه على أهم المكتبات في مختلف المحافظات التونسية. في هذا السياق تقول لـ"جيل العربي الجديد" إنه "بمجرد دخولي واجتيازي عتبة الباب رمقني المسؤول بنظرة استصغار، ولسان حاله يقول ماذا تريد هذه الفتاة الصغيرة؟" وتضيف "قال إن توزيع كتابي شبه مستحيل نظراً لصغر تجربتي وعدم شهرتي، وإنه لن يباع وإن الموضوع سيكون مغامرة حقيقية".


مثل رد فعل شركة التوزيع "خيبة أمل" لأمل، هكذا تقول. لكنها لم تيأس. تنقلت الكاتبة الشابة حاملة كتابها بنفسها إلى أهم المكتبات في محافظات مختلفة، ولكنها هذه المرة وجدت التشجيع والدعم. استقبلها القائمون على المكتبات بتشجيع، وأخذ كتابها "من وراء حجاب: 180 يوماً في الصين" مكانته في لافتات المكتبات، أملاً في أن يصل بسرعة إلى أيدي القراء ومكتباتهم الخاصة.

وتجربة أمل المكي ليست فريدة من نوعها. يشتكي الشباب التونسي عادة من صعوبات تعترضه لإيصال آرائه أو مشاريعه أو أنشطته مهما اختلفت المجالات. وكثيرة هي حالات الإحباط التي انتابت الشباب في تونس بعد محاولات عديدة بائسة.

يقول صحبي مزيد، ناشط سياسي شاب، خلال حديثه لـ"جيل العربي الجديد" إن "المنابر الإعلامية التقليدية غير متاحة للشباب التونسي، ويعود ذلك أساساً لسيطرة "لوبيات" على القطاع الإعلامي في تونس. ليقدم الشباب آراءه في قناة معينة لا بد أن يرتبط بأجندتها وبمحرماتها، أما من يرفض ذلك فهو مغيّب عن المشهد الإعلامي".

ويستطرد موضحا: "حتى المؤسسات الإعلامية التي أُنشئت بعد الثورة وتقدم نفسها كإعلام بديل لم تستطع أن تحقق انتظارات الشباب، كما أنها محدودة الإمكانات والمساحات المتاحة".

ويتكون المشهد الإعلامي التلفزي في تونس، بعد ثورة قادها الشباب، من 12 قناة تلفزية منها قناتان عموميتان، إلا أنهما تفتقران إلى برنامج مختص في شؤون الشباب أو يخصص لهم مساحة لتقديم أفكارهم وقضاياهم. أما على المستوى الإذاعي فالبرامج المخصصة للشباب قليلة جداً.

وفوجئ الشباب التونسي بداية شهر يونيو/حزيران الحالي بتصريحات عبد الرزاق الطبيب، المدير العام للإذاعة الوطنية (إذاعة عمومية تضم تسع إذاعات)، والتي أعلن من خلالها عن نيته التخلي عن "إذاعة الشباب"، إحدى الإذاعات العمومية، وتحويلها إلى إذاعة إخبارية. وفُسر القرار كإقرار بأن سياسة الدولة لا تدعم منابر التعبير للشباب بل وتحاول التقليل منها.

واستنكر أيمن الحرباوي، وهو إعلامي تونسي شاب في إذاعة "صراحة فم" الخاصة، في حديثه لـ"جيل العربي الجديد" القرار، قائلاً "نحن في أمسّ الحاجة لمنابر جديدة اليوم، خاصة منابر موجهة للشباب".

وعن سبب عدم استضافة الشباب في منابرهم الإعلامية يعتبر الحرباوي أن الشباب يتحمل جزءا من المسؤولية، إذ يقول "حاولت استضافة الكثير من الشباب الذين أبدوا في مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلا بخصوص مواضيع مختلفة، لكن طلبي يقابل أحيانا بالرفض ويتهرب بعض الشباب بعد أن أبدوا موافقة أولية في مرات كثيرة".

يؤكد الحرباوي تردد الإعلاميين في استضافة الشباب أحيانا إلى منابرهم الإعلامية؛ خوفا من أن لا يكونوا ملمين بكل تفاصيل موضوع ما أو من سلوك غير مرتقب، لكن لا ينفي الحرباوي أيضاً "أن بعض المؤسسات الإعلامية تعتمد توجيهات مؤسسيها ومسؤوليها لاستضافة أسماء دون غيرها أو التطرق لمواضيع بعينها".

وفي هذا الإطار، ينتقد بعضهم عدم نضج جزء من الشباب التونسي ليجذب الإعلام نحوه ويقنعهم بإمكاناته، خاصة وقد عانى الإقصاء من وسائل الإعلام التقليدية خلال حكم المخلوع بن علي.

في الأثناء، التجأ معظم الشباب التونسي إلى مواقع التواصل الاجتماعي كمتنفس يعبرون من خلاله عن مواقفهم، وينشرون فيه حملاتهم ويعتمدونه للتعريف ببرامجهم.

في حديثها لـ"جيل العربي الجديد" تقول أمل المكي "إنها قامت بالتسويق والترويج لكتابها في وسائل التواصل الاجتماعي، ثم استدعتها بعض القنوات التلفزية والإذاعيىة وبعض الصحف إثر انتشار الكتاب على الفيسبوك"، وتوضح "خدمت مواقع التواصل الاجتماعي كتابي كثيراً، وقد اتصل بي كثير من الصحافيين إثر التفاعل الذي وجده الكتاب على الفيسبوك".

وقد يكون ما ميّز أمل مقارنة بشباب آخرين أنها لم تيأس ولم تستسلم رغم الصعوبات التي تعرضت لها، كما أنها لم تكتف بشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي وكان طموحها أكبر بكثير.

ويذهب بعضهم إلى أهمية أن يطور الشباب التونسي من نفسه وإمكاناته قبل المطالبة بمكان في منابر التعبير المختلفة، وبناء على ذلك ينخرط الشباب في جمعيات المجتمع المدني أو في أحزاب سياسية ويرون أن ذلك يساهم في تطوير قدراتهم وعلاقاتهم وتسليط الأضواء عليهم، وتسهل بذلك إمكانية إيصال أصواتهم في وسائل الإعلام التقليدية، وهو ما يذهب إليه الناشط السياسي الشاب صحبي مزيد.

(تونس)
دلالات
المساهمون