الشاعر والكلب

09 اغسطس 2016
جورج براك/ فرنسا
+ الخط -
داخل علّيّة. الشاعرُ مُستلقٍ على سريرٍ مُتواضع، يستغرق في التأمّل بعينين شبه مغمضتين. في الكرسيّ الوحيد يجلس الكلب. خلف الباب يتدلّى قفصٌ، يقبعُ في داخله الكناريّ هزيلاً. طوال الوقت الذي سيستغرقه هذا المشهد الأوّل والوحيد، والقصير جدّاً، سيكون ضروريّاً للغاية ألّا يُغرّد الطائر، ولهذا فيُوصى باستخدام كناريٍّ مُحنّطٍ أو آخرَ من قماش. 
الكلب: إيه..
الشاعر: (دون أن يُبدّل وضعيَّته) ماذا هناك؟
الكلب: إنّي جائعٌ.
الشاعر: وأنا أيضاً، لكنّي لا أفكّر بالأمر.
الكلب: ماذا عن عظام البارحة؟
الشاعر: لقد رحلتْ.
الكلب: بمفردها؟
الشاعر: بمفردها.
الكلب: وكيف حصل ذلك؟
الشاعر: حدث هذا في الصباح، بينما كنتَ في الشارع. فعندما أخذ ابنُ البوَّابة يقرعُ على طبله، المصنوع من صفيحِ الحديد المُقَصْدَر، نهضتِ العظام وراحت تسير ثلاثاً، مُصطفّةً في أرتال.
الكلب: لا بدّ أنّها كانت عظامَ جنود.
الشاعر: هذا هو بالضبط ما فكّرت فيه. يبدو لي أنّ حرباً وقعتْ، ليس منذ زمنٍ بعيد.
صمْت. الكلب يعود إلى جلسته واضعاً رأسه بين قدميه، والشاعر يتنهّد بعُمق.


* Javier Tomeo، روائي وقاصّ إسباني (1932- 2013).
** الترجمة عن الإسبانية: كاميران حاج محمود

المساهمون