لا تجيد البدء بحديث اجتماعي ولا استضافة الأصدقاء. أما الرد على جمل التهنئة في المناسبات، فلا يعنيها إلا مع بعض أناس ترتاح معهم، لكنه مميّز.
يفضّل نوع الموسيقى الذي تحب، ويهتم بالتفاصيل الدقيقة، كذلك خفة روحه وعشقه للقطط، كلها ساهمت في اختزال المسافة وإزالة ثقل الرسميات بينهما.
بدآ بتبادل الأحاديث الرتيبة. خوفاً من الدخول في دوامة الصمت المريب ولكي تحمي نفسها من خجل لا مبرر له، انصرفت فور انتهاء فنجان قهوتها "الحلوة"، متمنية له التوفيق في افتتاح معرض الرسم الخاص به.
تسارع لقاؤهما، خارجاً عن القانون. وبينما كانت تحدق بشاشة هاتفها، اقترب هامساً: أفضّل ابتسامتك. حسناً، أسلوب قديم. سخرت من جملته، وقالت: أنت لم ترَ ابتسامتي لتحبّها. واقتبس من ميلان كونديرا: أراقبك كلص صغير.
وتابع: أنت فتاة مرهفة المشاعر. أرى ذلك في عينيك اللامعتين، بل وأنت رومانسية أيضاً. لحظات صمت لتجيب بعدها معترضة، أن انطباعه خاطئ تماماً، وأن أكثر أنواع البشر الذين تكرههم، هم أصحاب الميول الرومانسية. "أتخيلهم كملائكة بألوان سماوية مع جناحين أبيضين صغيرين، قابلين بسرعة للكسر. يعيشون فوق غيوم بنفسجية". ابتسم باستغراب، وطلب الإذن بالمغادرة، محاولاً تقبيل يدها. سحبتها على الفور، وبسخرية تمتمت: أنت الشاعري.
تحاول كادي السير بطريقها الخاص، حتى بتفاصيل ربما تكون تافهة أحياناً. هي تحرص على اجتياز الشارع من زاوية مختلفة عن الذي يتقدمها. وتصعد الرصيف عند الكتل الملونة بالأصفر حصراً، إذا ما صعد أحدهم الرصيف عند الكتل البيضاء.
أما مراد، فمقتنع دوماً أنه يعلم أكثر من غيره. يؤمن أن الخالق بثّ في روحه المعرفة الفطرية، ويجزم أنه من العشرة في المائة الذين خصهم الله بأسراره.
في اللقاء الثالث عند الأصدقاء، قالت له: "لجلدك رائحة النفتلين والخشب. لا بدّ أن أعرف اسم عطرك، لأكتشف سر هذه الرائحة التي أدمنتها ربما، أو أقل من ذلك قليلاً. لا أدري". ابتسم وتقدّم نحوها. وضع لوناً أخضر في يدها أخرجه من جيبه. استغربت وقد اكتشفت أنه مدمن ألوان.. الأخضر تحديداً. وراح يصف لها شغفه لتذوّق أخضر عينيها.
الآخرون يحتفلون في الخارج، فيما كادي ومراد قررا الرقص وحيدين في الداخل بعيداً عن صخب العالم. راحا ينصتان للهدوء الممزوج بموسيقى غريبة يفضلانها، مع وهج لونه المفضل، ورائحة الخشب الدافئ التي تدمنها.
أمسكت بطرفَي سترتها السوداء، لتحاول خلعها بحركة واحدة منسجمة مع موسيقى الفلامنغو. شيء ما عانق خصل شعرها الطويلة... وضاع المشهد. راحا يضحكان وبنظرتين خاطبا بعضهما: "الشاعرية لا تليق بنا".
اقرأ أيضاً: بيرسنغ
يفضّل نوع الموسيقى الذي تحب، ويهتم بالتفاصيل الدقيقة، كذلك خفة روحه وعشقه للقطط، كلها ساهمت في اختزال المسافة وإزالة ثقل الرسميات بينهما.
بدآ بتبادل الأحاديث الرتيبة. خوفاً من الدخول في دوامة الصمت المريب ولكي تحمي نفسها من خجل لا مبرر له، انصرفت فور انتهاء فنجان قهوتها "الحلوة"، متمنية له التوفيق في افتتاح معرض الرسم الخاص به.
تسارع لقاؤهما، خارجاً عن القانون. وبينما كانت تحدق بشاشة هاتفها، اقترب هامساً: أفضّل ابتسامتك. حسناً، أسلوب قديم. سخرت من جملته، وقالت: أنت لم ترَ ابتسامتي لتحبّها. واقتبس من ميلان كونديرا: أراقبك كلص صغير.
وتابع: أنت فتاة مرهفة المشاعر. أرى ذلك في عينيك اللامعتين، بل وأنت رومانسية أيضاً. لحظات صمت لتجيب بعدها معترضة، أن انطباعه خاطئ تماماً، وأن أكثر أنواع البشر الذين تكرههم، هم أصحاب الميول الرومانسية. "أتخيلهم كملائكة بألوان سماوية مع جناحين أبيضين صغيرين، قابلين بسرعة للكسر. يعيشون فوق غيوم بنفسجية". ابتسم باستغراب، وطلب الإذن بالمغادرة، محاولاً تقبيل يدها. سحبتها على الفور، وبسخرية تمتمت: أنت الشاعري.
تحاول كادي السير بطريقها الخاص، حتى بتفاصيل ربما تكون تافهة أحياناً. هي تحرص على اجتياز الشارع من زاوية مختلفة عن الذي يتقدمها. وتصعد الرصيف عند الكتل الملونة بالأصفر حصراً، إذا ما صعد أحدهم الرصيف عند الكتل البيضاء.
أما مراد، فمقتنع دوماً أنه يعلم أكثر من غيره. يؤمن أن الخالق بثّ في روحه المعرفة الفطرية، ويجزم أنه من العشرة في المائة الذين خصهم الله بأسراره.
في اللقاء الثالث عند الأصدقاء، قالت له: "لجلدك رائحة النفتلين والخشب. لا بدّ أن أعرف اسم عطرك، لأكتشف سر هذه الرائحة التي أدمنتها ربما، أو أقل من ذلك قليلاً. لا أدري". ابتسم وتقدّم نحوها. وضع لوناً أخضر في يدها أخرجه من جيبه. استغربت وقد اكتشفت أنه مدمن ألوان.. الأخضر تحديداً. وراح يصف لها شغفه لتذوّق أخضر عينيها.
الآخرون يحتفلون في الخارج، فيما كادي ومراد قررا الرقص وحيدين في الداخل بعيداً عن صخب العالم. راحا ينصتان للهدوء الممزوج بموسيقى غريبة يفضلانها، مع وهج لونه المفضل، ورائحة الخشب الدافئ التي تدمنها.
أمسكت بطرفَي سترتها السوداء، لتحاول خلعها بحركة واحدة منسجمة مع موسيقى الفلامنغو. شيء ما عانق خصل شعرها الطويلة... وضاع المشهد. راحا يضحكان وبنظرتين خاطبا بعضهما: "الشاعرية لا تليق بنا".
اقرأ أيضاً: بيرسنغ