منذ أكثر من ثلاثة عقود تقريباً، وغزة تعاني من غياب كامل لدور السينما، وتقتصر العروض السينمائية على الأعمال التسجيلية التي ينتجها أفراد، ويعرضونها على البروجيكتور في أماكن عامة، لا تلبي شروط السينما، ولا تحقق أجواءها.
التجمعات الشبابية المهتمة بالعمل الثقافي تحاول جاهدة متابعة المشهد السينمائي، عربياً ودولياً، فكان الفضاء الافتراضي المنجى الذي وفّر لهم المادة الفيلمية، وإن كانت بجودة رديئة، أو لا تحتوي على ترجمة.
ويقع على عاتق الشبان إشاعة الثقافة السينمائية بين زملائهم، فيحدثهم أحدهم خلال تجمعاتهم العفوية عن الأفلام المنتجة حديثاً والتي تستحق المشاهدة، ويعرض المفهوم الذي تناقشه، فضلاً عن التعريف بالممثلين أصحاب البصمة الواضحة في هذا المشهد.
الشاب حسام معروف بيّن أنه لم يكن مهتما بالسينما، وكانت تجربته تقتصر على الأفلام التي تعرضها قنوات تلفزيونية فقط، حتى استمع لأصدقائه المتابعين، وحديثهم عن قضايا لافتة، ومفاهيم إنسانية عميقة، فبدأ يهتم ويتابع الإنتاج السينمائي الحديث، ويشارك أصدقاءه نقاشهم.
أفراد المجموعة الذين كانوا في أحد المقاهي يناقشون فيلما أميركياً حديثاً، عبروا عن سخطهم لعدم وجود دور سينما تقدم لهم الأفلام الصادرة حديثا، من دون الخوض في متاهة الإنترنت ومشاكل المواقع الإلكترونية من حيث الجودة والترجمة، وتحميل الأفلام.
يوضح معروف أنهم كشبان محدودي الدخل، تكلفهم متابعة الأفلام الكثير من المال، ما بين توفير إنترنت بمواصفات عالية، لتسهل عملية التحميل، وشراء قرص صلب ووسائل تخزين أخرى، تمكن من تبادل الأفلام بين الأصدقاء، فضلا عن شراء الأسطوانات التي تتوفر بين وقت وآخر.
عاد الشبان للحديث عن عدم وجود ثقافة سينمائية في المجتمع الغزي، وعن تقصير المؤسسات المشتغلة بالثقافة، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، إذ لا تندرج السينما في برامجها، ولا تسعى لإيجاد بنية سينمائية تحتية، ويقتصر جهدها على عرض لأحد الأفلام، غالبا ما يكون قديما، وعلى فترات متباعدة.
الشاب محمود الشاعر الذي يقود مجموعة شبابية ويصدر مجلة 28، قال إنهم حاولوا إثارة موضوع السينما والتركيز على قضاياها من خلال مقالات تتناول الأفلام الصادرة حديثاً، ولقاءات تناقش المفاهيم السينمائية، وتعرّف بالجهد الفلسطيني في هذا المجال، علاوة على عروض محدودة لأفراد المجموعة، يجري بعدها نقاش الفيلم.
رجع أفراد المجموعة لنقاشهم حول الفيلم الذي شاهدوه مؤخراً، يتناولون المؤثرات السينمائية، وكيفية تنفيذها، والقصة وطريقة بنائها، والممثلين وكيف يعملون على النصوص، مستعينين بذلك بالبرامج التلفزيونية التي تتابع الأعمال السينمائية، وتحللها، وتقدم لقاءات مع الممثلين العالميين.