يحاول الكثير من الناس تقليد الخيال سواء كان إيجابياً أو سلبياً، فقد لا يسع الكثير من الناس أن يسيطروا على هذا المدى، الذي لطالما انتشر في عالمنا المليء بالجرائم ضد الإنسانية، فلم يكن هناك فرق بين أسود أو أبيض في العصور الذهبية التي مر بها العرب، بينما كانت أوروبا تغرق في الظلام فاستطاع الأخير أن يتقمص شكل الأول والعمل عليه بثورة صناعية اجتاز بها عصوره المظلمة.
إلا أن الظلام الدامس الذي كانت تعيشه أوروبا في العصور الوسطى، أيقظها من سبات استطاعت فيه التغلب على ألم الماضي، لكن مشاهد الجرائم ضد الإنسانية ظلت مستمرة، والأبرياء ما زالوا يعانون من سخط الحكام والحكومات التي توالت منذ تلك العصور.
هنا تحاول أوروبا أن تطوي صفحة الماضي، وأن تجعل للإنسان قيمة يعتز ويتفاخر بها أمام الامم الأخرى، والعجيب في ذلك أن أصحاب الاختراعات وعلوم الفلك والطب والرياضيات، لم يتمكنوا من الحفاظ على هذه القيم الحضارية، التي كانوا ينعمون بها في الماضي، حتى تمكن الغرب من احتلالهم ونهب ثرواتهم وقتل ابنائهم والاحتلال الفرنسي للجزائر شاهد على ذلك.
عدم السيطرة على تراث الماضي، جعل أصواتاً من الغرب، وبقوة العقل، تحاول إقناع الشعوب ان العرب ارهابيون وأن سبب دمار العالم هو العرب ودينهم الذي يحرض على العنف في إشارة للإسلام فيقول قائل يا ترى ماذا عن هتلر ومحرقته فيأتي التأييد العالمي لأن ثمة مصلحة تصب لمنافس اخر وهو إسرائيل فعندما نتعمق اكثر بالموضوع نرى حقيقة الأمر أن الكيان الصهيوني ارتكب مجازر أيضا منها مجزرة دير ياسين، لكن ليس من مصلحة الغرب أن يروج لها فماتت القضية، وأصبحت فقط للذكرى.
الحكومات الغربية تمكنت من زرع أفكار في عقول مواطنيها، بشأن الأخر، فعند كل حادث إرهابي، ترى من السهولة ان تقوم الحكومات بنشر أفكار تمكنها من السيطرة على مجتمعاتها بذريعة الأمن. والتأييد الشعبي لهذه الحكومات الغربية التي لدى أجهزتها العسكرية والأمنية يد في زرع الإرهاب في البلدان الأخرى، لم يأتِ من فراغ.
فخطابات الحكومات الغربية لشعوبها بشأن مقايضة الأمن بالحرية هنا لا تختلف عن خطابات الحكومات المستبدة في العالم العربي، رغم أن شعوبنا العربية وهي تصغي لخطابات الرؤساء تكون أكثر استهزاء أقله لأنها تعي تماماً أن أي حديث عن مستوى العيش وحقوق الإنسان مجرد هراء.
إن استراتيجية حقوق الإنسان في الغرب، لعبت دوراً مهماً في كسب عطف شعوبها وتأييدها لحكوماتها، ليس هذا فقط، بل تمكنت حتى من كسب تأييد العرب بتياراتهم السياسية المختلفة، فنرى أن العرب يهربون من بطش حكوماتهم عن طريق البحار الهائجة لكي يعيشوا تحت ظل حكومات تمتلك قانون حقوق الإنسان، لكن هذه الحكومات التي تحتوي شعوبها بالشكل الإنساني لا تأبه لما يحصل في البلدان العربية من حروب طاحنة كان لديها يد في إشعالها، فربما نطرح سؤالاً هنا لماذا لا تقوم الشعوب الغربية على حكوماتها لإخماد نيران الحروب في البلاد العربية؟ الجواب بسيط جدا.. رغم الديمقراطية التي يتمتع بها المواطن الغربي فإنه لا يهتم نوعا ما بما تفعله هذه الحكومات، فنعمة الأمان تغطي مساحات كبيرة في بلده، وحكومته تعده بمستقبل زاهر، مع كل هذا فإن هذه الحكومات توفر له حق التظاهر والإدلاء برأيه بكل حرية.
(العراق)
اقرأ أيضاً: الفن الساخر... بينَ السلطتين الدينية والسياسية