فتح تعيين شخصية عسكرية في منصب وزارة التموين وهو اللواء محمد علي الشيخ، رئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية السابق، خلفاً لخالد حنفي، باباً واسعاً أمام التكهّنات بإمكانية الاستعانة بقيادات سابقة من المؤسسة العسكرية في مناصب قيادية، تحديداً في التعديل الوزاري المقرر في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
في هذ السياق، مهّدت شخصيات مقرّبة من النظام الحالي على مدار الأيام القليلة الماضية لتولّي شخصية بخلفية عسكرية وزارة التموين، وهو ما تجدد عقب تعيين الشيخ، بعد مطالبات بضرورة تولي عسكريين مختلف الوزارات في التعديل الجديد.
وينفذ النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي سيناريو لـ"عسكرة" الدولة ومؤسساتها، ليس فقط من خلال السيطرة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة أو الاستعانة بقيادات سابقة من الجيش في منصب الوزراء والمحافظين، ولكن أيضاً في التوسع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية في تعيين قيادات وسطى بمختلف المؤسسات.
وأضافت أن "هناك أزمة مكتومة داخل المؤسسات المختلفة عقب عملية تعيين موسعة بلا داعٍ أو سببٍ واضح، حتى أن الوزراء لا يمكنهم الاعتراض، بدعوى أنها قرارات وتوجهات سيادية". وأشارت إلى أن "قيادات وسطى في بعض مؤسسات الدولة، تحدثت عن وجود أزمة داخل القطاعات المختلفة داخل أغلب المؤسسات، نظراً ﻷن الشخصيات العسكرية لا تمتلك خبرات في مواقع تعيينها".
ولفتت المصادر إلى "وجود اعتراضات كبيرة، لأن جزءاً غير قليل من الشخصيات العسكرية السابقة كان يعمل في الاستخبارات الحربية وقطاعات أخرى داخل المؤسسة العسكرية، وخرجوا إلى التقاعد في أوقات سابقة، وليس لديهم خبرات في مجال عملهم". وشدّدت على أن "عسكرة مؤسسات الدولة توسَّعت في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، من خلال إعادة توزيع العمداء المحالين للتقاعد على مؤسسات الدولة، ولكن في وظائف تناسبهم. أما اﻵن فقد توسّع الأمر بشكل كبير للغاية، وفي مواقع مهمة وقيادية في مؤسسات الدولة".
كما أكدت المصادر أن "إحدى اﻷزمات داخل بعض مؤسسات الدولة، تكمن في تفضيل تلك القيادات وتعيينهم في مواقع قيادية، وبالتالي حرمان العاملين منذ سنوات من الترقيات لوجود شخص جديد لمجرد أنه من الجيش". وأوضحت أن "هناك سعياً لتجميع ملف بالمعلومات عن عسكرة الدولة لإمكانية استخدامه في أي وقت حال اتساع هذه الظاهرة، خصوصاً أن هذه الشخصيات تأتي من خلفية عسكرية، وكلمتها مسموعة وبإمكانها التنكيل بأي شخص، استناداً لعلاقاتها مع المؤسسة العسكرية".
كما أبدت تخوّفها من أن "تكون هذه المحاولات مجرد رغبة من السيسي في السيطرة على كل مفاصل الدولة والمؤسسات بشكل مباشر، تمهيداً لتولي العسكريين الوزارات والهيئات الرسمية لضمان السيطرة عليها، وهو أمر في غاية الخطورة".
واعترفت المصادر بصعوبة إثارة هذا الملف داخل مجلس النواب أو حتى في الإعلام، نظراً لحساسية الموضوع بشكل كبير، وارتباطه بالمؤسسة العسكرية وجهات سيادية، كما يصل الأمر إلى خطط رئاسة الجمهورية.
وشدّدت على أن "المعلومات التي وصلت إليها من قبل قيادات وسطى في مؤسسات الدولة، تمّت من خلال الاحتكاك في اللجان النوعية بمجلس النواب أو أثناء التحرك لإنجاز بعض الخدمات في الدوائر الانتخابية". وبحسب المصادر، فإن "هذه الشخصيات العسكرية لديها شخصية أقوى من الوزير ذاته أو رئيس المؤسسة، وبالتالي فإن التحركات تكون محسوبة في كل شيء، وكأن هناك مراقبة على اﻷداء".
وأضاف أن "تعيين القيادات السابقة في الجيش بوظائف مدنية كانت عليه اعتراضات ولكن ليست كبيرة، خصوصاً أن تلك الشخصيات تحصل على أجور ليست بالقليلة بالتأكيد". وأكد أن "ما يحدث الآن في عهد السيسي يختلف كلياً عن مبارك، فالرئيس يحاول عسكرة المؤسسات، ولا يثق إلا بالجيش ويتحرك من خلاله باعتباره المخلص الوحيد له".
وأوضح الخبير أن "السيسي يتوسع في سيطرة المؤسسة العسكرية على الحياة العامة، تحديداً الوضع الاقتصادي، لضمان السيطرة تماماً، ولكن هذا لن يخلق إلا مزيداً من الاحتقان والغضب الشعبي في ظلّ الامتيازات التي يحظى بها الجيش". وكانت مصادر داخل المؤسسة العسكرية، قد أبدت ضيقها من تصدير السيسي للجيش في كل أزمات الدولة، خصوصاً اﻷوضاع الاقتصادية والمعيشية، ففي حال استمرار الفشل ستقع الملامة على القوات المسلحة.