السيسي و"البسكلتة"

24 يونيو 2014
+ الخط -
محاولات المشير عبد الفتاح السيسي إبداء الغرابة في الفعل عديدة، خصوصاً في ركوب الدراجة الهوائية في ماراثونه الشهير، مما يدل على أننا أمام شخصية تنشد هذه الغرابة في الفعل، الذي لا منطقية فيه. وهو، أي السيسي، صاحب الخطبة المطولة عن فوائد البسكلتة، ورجل الاستعداد والتأهب لحلول مشكلة مصر المرورية، بمنافسته أحمد عدوية، في أغنيته الشهيرة، "زحمة يا دنيا زحمة"، ويحب، أيضاً، أن ينافس اليابانيين في هدوء الأعصاب.

يتشابه هذا الرجل، في أفعاله، مع أغرب حاكم في تاريخ مصر، الحاكم بأمر الله الفاطمي، فقد كان مدار أفعاله غرائبياً. منع أكل الملوخية وبيع العنب وأكل الجرجير، ولم تقف حدوده عند هذه الموانع الغذائية، بل قام بالإفتاء الديني، فارضًا نفسه فقيهاً ومفتياً ومشرعاً.

قال السيسي، في مقابلة تلفزيونية، إنه يرى "الإخوان المسلمين" أفقدوا الإسلام إنسانيته، وإن أمامه العودة بالإسلام إلى الإسلام. ذلك يعني أن الرجل يريد أن يطبق إسلاماً خاصاً، أو لنقل، نسخته الخاصة من الدين الحنيف، والتي لا نعلم كيف سيطبقها، وما هي آلياته في تطبيقها، لا لشيء، إنما لأنه لم يوضح ذلك.

جرت العادة لدى السيسي، إن تعرض لسؤال، أي سؤال، تكون الإجابة دوماً مستهلة بالنحنحنة ثم بالحديث عن الأمن القومي، والمخاطر على الأمن القومي، والتحديات للأمن القومي.  ففي كل يوم، لنا مع السيسي حكاية ورواية، بما أن الرجل هو الرجل الوحيد في مصر، و"دكر" مصر كما تم وصفه، من دون نسيان ورده الأحمر، عندما زار ضحية التحرش في ميدان التحرير. الغريب أن يذهب الرجل بورد أحمر، لضحية عملية اغتصاب، والتي بُعثرت دماؤها على جسدها أمام عينيها، وأعين من في الميدان، ربما الأولى أن يكون الورد الأبيض العفيف، هو المحمول على يد السيسي، أم أن الدماء التي على يديه غيرت لون الورد.

أبسط الأشياء هي التي تعطى دائماً معنى أعمق للأشياء، والحدق هنا من يستطيع الفهم. وعودة إلى مسلسل غرابة أفعال السيسي، التي ستظل، على ما يبدو، علامة فارقة في حكمه، فإن المقارنة بين هذه الأفعال وما فعله الحاكم بأمر الله، يجب أن تُستكمل، إذ لا ننسى أن الحاكم بأمر الله ادّعى لنفسه الألوهية، أو إحقاقاً للحق، منحها الغير له، وادعاها عليه، وكان هذا، على ما يبدو، في نهاية حكمه.

هنا، وفي خصوص هذه المسألة، أود أن أتساءل، هل سيفعلها السيسي، كما فعلها الحاكم بأمر الله، أو سيقوم بها رجاله نيابة عنه، وصوره على قمصان النوم والوسائد تغرق مصر، على نحو لم يتوفر لفرعون نفسه أيام فرعونيته؟ أم أن السيسي سيكتفي بكونه حاكماً كما الآلهة، من دون مزيد من الطمع؟ تبقى لنا عبرة في المأثور الشعبي "يا فرعون أيش فرعنك، قال: ملقتش حد يلمني".
avata
avata
إبراهيم صالح (مصر)
إبراهيم صالح (مصر)