عادت وسائل الإعلام المقربة من النظام في مصر إلى شن هجوم على الشخصيتين العسكريتين الوحيدتين اللتين تمثلان خطراً على طموحات الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي في الاحتفاظ بالرئاسة، وهما رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، ورئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان، خصوصاً بعدما أصدر الاثنان تعليقين لاذعين على طريقة إدارة النظام الحاكم وأجهزته الأمنية للحرب على الإرهاب، والقصور المعلوماتي والميداني الذي عكسته العملية الإرهابية الأخيرة بالقرب من منطقة الواحات البحرية.
ويبدو أن قلق النظام من عنان هذه المرة يفوق قلقه من شفيق، نظراً لاستمرار بقاء الأخير في منفاه بدولة الإمارات بالتزامن مع انتعاش علاقة السيسي بقيادات أبوظبي ودبي. وبدأت الحملة ضد عنان تارة بترويج أخبار غير صحيحة عن فتح بعض المقار الانتخابية له في منطقة المقطم، وتارة أخرى بترويج معلومات عن اتصالات بينه وبين جماعة "الإخوان المسلمين".
وقالت مصادر سياسية على اتصال دائم بعنان، إنه ما زال يفكر في منافسة السيسي في الانتخابات المقبلة، ويشعر أن السيسي يخشاه شخصياً، على خلفية حركة التصفية الأخيرة في صفوف سلاح الدفاع الجوي، التي كشفت تفاصيلها "العربي الجديد" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بإحالة عدد كبير من ضباط السلاح الجوي إلى التقاعد بسبب صلاتهم المحتملة بعنان الذي يتمتع بشعبية كبيرة في هذا الجهاز، ثم تكللت الحركة بإحالة قائد السلاح الفريق عبدالمنعم التراس إلى التقاعد، ليُكمل السيسي بذلك استبعاد جميع القادة الأقدم منه في الجيش.
لكن المصادر أكدت في الوقت نفسه أن "عنان ما زال حذراً قبل اتخاذ هذه الخطوة، لتخوّفه من وجود قضايا أو بلاغات مقدّمة ضده قد تظهر للواجهة في أي لحظة إذا قرر خوض الانتخابات الرئاسية، فهو من الناحية النظرية خالٍ من أي موانع للترشح، لكنه يخشى الملفات المخبأة ضده".
واعتبرت المصادر أن البيانات والتصريحات الصحافية التي يصدرها عنان تأتي في إطار "محاولة فهم موقف النظام منه، وما إذا كانت هناك أجهزة أو دوائر حكومية وأمنية قوية ستدعمه لخوض الانتخابات"، نافية في الوقت نفسه أن يكون عنان قد أقدم على "أي خطوة تنفيذية للترشح"، مضيفة: "كل ما حدث هو تبادل الآراء والاتصالات مع بعض السياسيين والإعلاميين والنواب وقيادات الأحزاب المهمشة، كالنور السلفي، لكنه استنتج أن القرار ما زال في حاجة إلى مزيد من الوقت والدعم من داخل النظام وليس من خارجه".
وأشارت المصادر إلى أن عنان سبق أن تعرض للتخويف والضغوط من قبل العديد من الإعلاميين والسياسيين الذين كانوا يتظاهرون بتخوّفهم على مصلحته، ومن ضمن الأوراق التي تم الضغط عليه بها بصورة غير مباشرة، وجود بلاغات قديمة ضده منذ كان عضواً في المجلس العسكري بشأن وقائع فساد مالي واتجار في أراضي الدولة وتربّح من عمليات بيع أراضٍ مميزة كانت قد خصصت له بصفته الوظيفية.
اقــرأ أيضاً
أما شفيق فالأمر بالنسبة إليه مختلف، فوفقاً لمصدر سياسي في حزبه، "الحركة الوطنية"، لا تبدو الأجواء السياسية والقانونية مناسبة لعودته حالياً، خصوصاً بعد الزيارة التي أجراها السيسي إلى الإمارات الشهر الماضي، وهو ما يثير استغراب المصدر، قائلاً: نظام السيسي يخشى شفيق حتى وهو متأكد بنسبة 95 في المائة من أنه لن يُقدم على المخاطرة بالعودة، وحتى بعد التواصل بشأنه مع المسؤولين الإماراتيين، وهذا أمر يعكس ضعف ثقة الأجهزة في أداء النظام، خصوصاً بعد قضية تيران وصنافير وعملية الواحات الإرهابية.
وشدد المصدر على "عدم صحة المعلومات التي يبثها النظام عبر وسائل الإعلام عن تردي صحة شفيق"، مؤكداً أنه "أجرى أخيراً عملية جراحية بسيطة، وهو الآن في أتم الصحة والعافية، ويمارس نشاطه بصورة طبيعية، ويتواصل مع قيادات الحزب ومسؤولين حكوميين سابقين وحاليين، فضلاً عن أصدقائه القدامى من الجيش". وذكر المصدر أن التعليمات الحكومية للصحف ووسائل الإعلام بعدم التعاطي مع أنباء ترشح شفيق وعدم نقل تصريحات عنه بهدف إجهاض تلك المعلومات وعدم انتشارها "ما زالت قائمة، وامتدت في الآونة الأخيرة لتشمل منع التواصل مع قيادات الحزب المقربين من شفيق والتضييق عليهم دعائياً، أو إثارة قضية الطعون التي تقدّم بها على نتيجة انتخابات الرئاسة 2012".
وكانت "العربي الجديد" قد ذكرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عقب إعلان النائب العام المصري رفع اسم شفيق من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر، معلومات عن استمرار وضعه على تلك القوائم بأمر من النيابة العسكرية على ذمة التحقيق في قضيتي تحقيقه كسباً غير مشروع وإهدار المال العام في وزارة الطيران بين عامي 2002 و2011، على الرغم من صدور حكم من محكمة الجنايات بإلغاء قرار النيابة العامة بإدراجه على هذه القوائم على ذمة اتهامه في قضية "أرض الطيارين" التي كان متهماً فيها مع علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس المخلوع حسني مبارك وعدد من رجال الأعمال الآخرين، ارتباطاً بواقعة الحصول على قطعة أرض وتجميدها وبيعها بالمخالفة للقانون وتقسيمها بما يخالف الغرض المعتمد لها.
وكان رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق في وزارة العدل (والذي عين وزيراً في ما بعد) إبراهيم الهنيدي، قد أحال عام 2013 إلى النيابة العسكرية بلاغات الكسب غير المشروع المقدّمة ضد شفيق، تنفيذاً لقانون صدر في عهد المجلس العسكري يجعل القضاء العسكري مختصاً بقضايا الفساد المالي للضباط السابقين في القوات المسلحة. ولم يتصرف القضاء العسكري حتى الآن في هذه القضية، ولم يحفظها أيضاً، لأن التحقيق يتطلب حضور شفيق بنفسه وسؤاله، وهو ما لم يحدث حتى الآن، علماً أنه منذ إحالة القضية إلى النيابة العسكرية لم يُصدر القضاء العسكري أي بيان حولها، ويحيطها بتعتيم شديد، بينما يمتنع محامو شفيق عن الإدلاء بأي تصريحات حول هذه القضية، تخوفاً من إثارتها أو تسريب معلومات بشأنها للصحف المصرية.
ويرى مراقبون أن السيسي لا يرغب في منافسة شفيق أو عنان لأسباب تتعلق بعلاقاتهما الشخصية به والخالية من الود والتي تتسم بالمنافسة، لا سيما أن الأول سبق له أن أثار غضب السيسي ورئيس المجلس العسكري الأسبق محمد حسين طنطاوي، بسبب اتهاماته للمجلس بإهداء منصب رئيس الجمهورية عام 2012 لمرشح جماعة "الإخوان" محمد مرسي والتواطؤ في تزوير تلك الانتخابات والتي حاول مراراً إثارة الشكوك حول نزاهتها، إلى أن أصدر السيسي تعليماته بإغلاق هذا الملف قضائياً بعدما كاد الأمر يصل إلى احتمال إصدار قرارات من قاضٍ للتحقيق بحبس بعض أعضاء اللجنة العليا المشرفة على تلك الانتخابات.
أما عنان فتسيطر خلافات الماضي على علاقته بالسيسي، إذ يرى عنان أنه كان الأجدر والأحق بمنصب وزير الدفاع بعد الإطاحة بطنطاوي، ويرى أن الأخير لعب دوراً سلبياً لتمكين السيسي من السيطرة على الجيش بعدما كان هو صاحب الكلمة الأولى عملياً فيه. كما أن السيسي لا يطمئن كثيراً لتحركات عنان واستعداده للتواصل مع تيارات ترى أنها تعرضت للظلم والاستبعاد بعد الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان"، لا سيما السلفيين.
ويبدو أن قلق النظام من عنان هذه المرة يفوق قلقه من شفيق، نظراً لاستمرار بقاء الأخير في منفاه بدولة الإمارات بالتزامن مع انتعاش علاقة السيسي بقيادات أبوظبي ودبي. وبدأت الحملة ضد عنان تارة بترويج أخبار غير صحيحة عن فتح بعض المقار الانتخابية له في منطقة المقطم، وتارة أخرى بترويج معلومات عن اتصالات بينه وبين جماعة "الإخوان المسلمين".
لكن المصادر أكدت في الوقت نفسه أن "عنان ما زال حذراً قبل اتخاذ هذه الخطوة، لتخوّفه من وجود قضايا أو بلاغات مقدّمة ضده قد تظهر للواجهة في أي لحظة إذا قرر خوض الانتخابات الرئاسية، فهو من الناحية النظرية خالٍ من أي موانع للترشح، لكنه يخشى الملفات المخبأة ضده".
واعتبرت المصادر أن البيانات والتصريحات الصحافية التي يصدرها عنان تأتي في إطار "محاولة فهم موقف النظام منه، وما إذا كانت هناك أجهزة أو دوائر حكومية وأمنية قوية ستدعمه لخوض الانتخابات"، نافية في الوقت نفسه أن يكون عنان قد أقدم على "أي خطوة تنفيذية للترشح"، مضيفة: "كل ما حدث هو تبادل الآراء والاتصالات مع بعض السياسيين والإعلاميين والنواب وقيادات الأحزاب المهمشة، كالنور السلفي، لكنه استنتج أن القرار ما زال في حاجة إلى مزيد من الوقت والدعم من داخل النظام وليس من خارجه".
وأشارت المصادر إلى أن عنان سبق أن تعرض للتخويف والضغوط من قبل العديد من الإعلاميين والسياسيين الذين كانوا يتظاهرون بتخوّفهم على مصلحته، ومن ضمن الأوراق التي تم الضغط عليه بها بصورة غير مباشرة، وجود بلاغات قديمة ضده منذ كان عضواً في المجلس العسكري بشأن وقائع فساد مالي واتجار في أراضي الدولة وتربّح من عمليات بيع أراضٍ مميزة كانت قد خصصت له بصفته الوظيفية.
أما شفيق فالأمر بالنسبة إليه مختلف، فوفقاً لمصدر سياسي في حزبه، "الحركة الوطنية"، لا تبدو الأجواء السياسية والقانونية مناسبة لعودته حالياً، خصوصاً بعد الزيارة التي أجراها السيسي إلى الإمارات الشهر الماضي، وهو ما يثير استغراب المصدر، قائلاً: نظام السيسي يخشى شفيق حتى وهو متأكد بنسبة 95 في المائة من أنه لن يُقدم على المخاطرة بالعودة، وحتى بعد التواصل بشأنه مع المسؤولين الإماراتيين، وهذا أمر يعكس ضعف ثقة الأجهزة في أداء النظام، خصوصاً بعد قضية تيران وصنافير وعملية الواحات الإرهابية.
وشدد المصدر على "عدم صحة المعلومات التي يبثها النظام عبر وسائل الإعلام عن تردي صحة شفيق"، مؤكداً أنه "أجرى أخيراً عملية جراحية بسيطة، وهو الآن في أتم الصحة والعافية، ويمارس نشاطه بصورة طبيعية، ويتواصل مع قيادات الحزب ومسؤولين حكوميين سابقين وحاليين، فضلاً عن أصدقائه القدامى من الجيش". وذكر المصدر أن التعليمات الحكومية للصحف ووسائل الإعلام بعدم التعاطي مع أنباء ترشح شفيق وعدم نقل تصريحات عنه بهدف إجهاض تلك المعلومات وعدم انتشارها "ما زالت قائمة، وامتدت في الآونة الأخيرة لتشمل منع التواصل مع قيادات الحزب المقربين من شفيق والتضييق عليهم دعائياً، أو إثارة قضية الطعون التي تقدّم بها على نتيجة انتخابات الرئاسة 2012".
وكانت "العربي الجديد" قد ذكرت، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عقب إعلان النائب العام المصري رفع اسم شفيق من قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر، معلومات عن استمرار وضعه على تلك القوائم بأمر من النيابة العسكرية على ذمة التحقيق في قضيتي تحقيقه كسباً غير مشروع وإهدار المال العام في وزارة الطيران بين عامي 2002 و2011، على الرغم من صدور حكم من محكمة الجنايات بإلغاء قرار النيابة العامة بإدراجه على هذه القوائم على ذمة اتهامه في قضية "أرض الطيارين" التي كان متهماً فيها مع علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس المخلوع حسني مبارك وعدد من رجال الأعمال الآخرين، ارتباطاً بواقعة الحصول على قطعة أرض وتجميدها وبيعها بالمخالفة للقانون وتقسيمها بما يخالف الغرض المعتمد لها.
وكان رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق في وزارة العدل (والذي عين وزيراً في ما بعد) إبراهيم الهنيدي، قد أحال عام 2013 إلى النيابة العسكرية بلاغات الكسب غير المشروع المقدّمة ضد شفيق، تنفيذاً لقانون صدر في عهد المجلس العسكري يجعل القضاء العسكري مختصاً بقضايا الفساد المالي للضباط السابقين في القوات المسلحة. ولم يتصرف القضاء العسكري حتى الآن في هذه القضية، ولم يحفظها أيضاً، لأن التحقيق يتطلب حضور شفيق بنفسه وسؤاله، وهو ما لم يحدث حتى الآن، علماً أنه منذ إحالة القضية إلى النيابة العسكرية لم يُصدر القضاء العسكري أي بيان حولها، ويحيطها بتعتيم شديد، بينما يمتنع محامو شفيق عن الإدلاء بأي تصريحات حول هذه القضية، تخوفاً من إثارتها أو تسريب معلومات بشأنها للصحف المصرية.
أما عنان فتسيطر خلافات الماضي على علاقته بالسيسي، إذ يرى عنان أنه كان الأجدر والأحق بمنصب وزير الدفاع بعد الإطاحة بطنطاوي، ويرى أن الأخير لعب دوراً سلبياً لتمكين السيسي من السيطرة على الجيش بعدما كان هو صاحب الكلمة الأولى عملياً فيه. كما أن السيسي لا يطمئن كثيراً لتحركات عنان واستعداده للتواصل مع تيارات ترى أنها تعرضت للظلم والاستبعاد بعد الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان"، لا سيما السلفيين.