22 نوفمبر 2016
السياسة السعودية الجديدة
أيهم أبا زيد (سورية)
عندما وصل الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في السعودية في يناير/ كانون ثاني 2013، كانت الأوضاع تعاني حالة صعبة، بسبب الظروف السياسية المضطربة في المجال الداخلي والإقليمي والدولي.
بدأ العمل في الداخل السعودي، بإصداره 34 أمراً ملكياً كانت كافية لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية في البلاد، حيث شملت هذه التغييرات المناصب العليا في الدولة، وأعادت تشكيل مؤسسات الداخل، ومنها ما تعلّق بالوضع المعيشي في البلاد. وكان من أبرز التغييرات في المجال الداخلي، إدخال الخبرات الشابة في ميادين السياسة، وإحداث انفراج نسبي في قضية الحريات، حيث تمثّلت صور هذا الإنفراج في إعادة جوازات بعض الدعاة الذين كانت جوازاتهم قد صودرت، وإلغاء تنفيذ بعض الأحكام التي صدرت على إعلاميين ومدونيين سياسيين.
بهذه الإجراءات، كانت الجبهة الداخلية للسعودية قد أعيد بناؤها بشكل متين، على الرغم من الغرابة في هذا البناء الجديد، لتنتقل سياسة الملك سلمان، المتمرّس في السياسة إلى الجانب الإقليمي، وكما قال الكاتب السعودي جمال خاشقجي "لكل زمان دولة ورجال، وسياسة خارجية"، فكان التقارب الذي حصل بين السعودية وكلّ من قطر وتركيا التطور اللافت في السياسة، إضافة إلى إعادة بناء العلاقات الخليجية وتجميعها تحت إطار أكثر متانة وثباتاً.
تعتبر أحداث اليمن بمثابة تحدٍ كبير أمام سياسة الملك سلمان الخارجية، حيث كان لا بد من اتخاذ القرار الصائب والسريع لمواجهة هذه المشكلة القريبة، فالحوثيون المدعومون إيرانياً أصبحوا على مشارف الحدود، بعد أن اغتصبوا السلطة الشرعية التي عملت السعودية على تثبيتها، وتنظيما القاعدة وداعش أصبحت تتوفر لهما الأرضية المناسبة ليتحركا بشكل أسهل في شمال اليمن وجنوبه، فكان إعلان عملية عاصفة الحزم التي لاقت ترحيباً من السعوديين أنفسهم، والدول العربية والإسلامية التي لم تتردّد في مساعدة السعودية في هذه الحملة العسكرية.
وفي سياقٍ آخر، ارتفعت وتيرة الدعم السعودي للمعارضة السورية، حيث كان واضحاً أنّ الممكلة تسعى إلى لعب دور أكثر حزماً في هذه المنطقة، ترافق ذلك مع تقوية العلاقات السعودية التركية في جميع مجالاتها، لتكون هذه العلاقة لاعباً أساسياً في المنطقة ضد أي تحالف موجود.
"هذه لحظة سعودية في المنطقة" يقول نواف العبيدي، المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي لـ "واشنطن بوست "، حيث يرى الحلفاء كلّهم أنّ السعودية من منطلق دينيّ، تمثّل القائد الأكثر استمراراً ومقدرة، بعد غياب ملفت لمصر الكنانة التي أثقلتها التقلبّات السياسية والأمنية.
وفي العلاقات الدولية، كان الإقتصاد هو المفتاح لأبواب الدول الكبرى، حيث تحاول السعودية تعزيز علاقاتها العميقة مع واشنطن وفرنسا، وانفتاحها على دول أميركا اللاتينية، حيث تم إبرام اتفاقيات عديدة مع جميع هذه الدول، وبهذا حصلت السعودية على مكانةٍ قوية في العالم، مكّنها من كسب حلفاء دوليين جدد.
في المحصّلة، نجد أنَّ الملك سلمان استطاع، في فترة قياسية، إعادة بناء البيت السعودي بناءً كانت ثماره واضحة على جميع الصعد، فالحملة على اليمن لم تكن، لولا المكانة التي اكتبستها السعودية في ميادين السياسة العالمية.
وفي إطار العمل الدولي، لوّحت السعودية لدخولها في العمل العسكري لهذا التحالف، بإرسالها طائرات إلى قاعدة "انجرليك" التركية. لذا، التزمت السعودية في محاربتها داعش التي تنتشر في سورية والعراق، لكن هذه المشاركة في هذا الوقت تحمل تساؤلات عديدة، في ظلّ التقدّم البسيط الذي يحققه النظام السوري، بدعم كبير من روسيا في بعض مناطق الشمال والجنوب السوري. وتدل هذه التغيّرات الدراماتيكية في الأزمة السورية على خطر كبير يهدد المعارضة السورية في تلك المناطق. ومن جانب آخر، استغلت الميليشيات الكردية المدعومة من روسيا، والتي تعمل بتوافقٍ ضمنيّ مع النظام السوري، وهذا يثير قلق تركيا أيضاً وخشيتها من ازدياد قوة هذه الميلشيات الكردية المناوئة لها، وما يرافقه من زعزعةٍ للإستقرار التي تسعى تركيا إلى إقامته على حدودها.
مصلحة مشتركة إذاً تجمع بين السعودية وتركيا، تجعلهما مضطرتين لبناء حلف ثنائي، يحفظ للدولتين أسباب استقرارهما المشترك. وهذا ما توّج ببناء التحالف الإسلامي الذي أعلن عن تأسيسه في ديسمبر/ كانون أول 2015، والذي يضم 34 دولة لمحاربة الإرهاب في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي.
بدأ العمل في الداخل السعودي، بإصداره 34 أمراً ملكياً كانت كافية لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية في البلاد، حيث شملت هذه التغييرات المناصب العليا في الدولة، وأعادت تشكيل مؤسسات الداخل، ومنها ما تعلّق بالوضع المعيشي في البلاد. وكان من أبرز التغييرات في المجال الداخلي، إدخال الخبرات الشابة في ميادين السياسة، وإحداث انفراج نسبي في قضية الحريات، حيث تمثّلت صور هذا الإنفراج في إعادة جوازات بعض الدعاة الذين كانت جوازاتهم قد صودرت، وإلغاء تنفيذ بعض الأحكام التي صدرت على إعلاميين ومدونيين سياسيين.
بهذه الإجراءات، كانت الجبهة الداخلية للسعودية قد أعيد بناؤها بشكل متين، على الرغم من الغرابة في هذا البناء الجديد، لتنتقل سياسة الملك سلمان، المتمرّس في السياسة إلى الجانب الإقليمي، وكما قال الكاتب السعودي جمال خاشقجي "لكل زمان دولة ورجال، وسياسة خارجية"، فكان التقارب الذي حصل بين السعودية وكلّ من قطر وتركيا التطور اللافت في السياسة، إضافة إلى إعادة بناء العلاقات الخليجية وتجميعها تحت إطار أكثر متانة وثباتاً.
تعتبر أحداث اليمن بمثابة تحدٍ كبير أمام سياسة الملك سلمان الخارجية، حيث كان لا بد من اتخاذ القرار الصائب والسريع لمواجهة هذه المشكلة القريبة، فالحوثيون المدعومون إيرانياً أصبحوا على مشارف الحدود، بعد أن اغتصبوا السلطة الشرعية التي عملت السعودية على تثبيتها، وتنظيما القاعدة وداعش أصبحت تتوفر لهما الأرضية المناسبة ليتحركا بشكل أسهل في شمال اليمن وجنوبه، فكان إعلان عملية عاصفة الحزم التي لاقت ترحيباً من السعوديين أنفسهم، والدول العربية والإسلامية التي لم تتردّد في مساعدة السعودية في هذه الحملة العسكرية.
وفي سياقٍ آخر، ارتفعت وتيرة الدعم السعودي للمعارضة السورية، حيث كان واضحاً أنّ الممكلة تسعى إلى لعب دور أكثر حزماً في هذه المنطقة، ترافق ذلك مع تقوية العلاقات السعودية التركية في جميع مجالاتها، لتكون هذه العلاقة لاعباً أساسياً في المنطقة ضد أي تحالف موجود.
"هذه لحظة سعودية في المنطقة" يقول نواف العبيدي، المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي لـ "واشنطن بوست "، حيث يرى الحلفاء كلّهم أنّ السعودية من منطلق دينيّ، تمثّل القائد الأكثر استمراراً ومقدرة، بعد غياب ملفت لمصر الكنانة التي أثقلتها التقلبّات السياسية والأمنية.
وفي العلاقات الدولية، كان الإقتصاد هو المفتاح لأبواب الدول الكبرى، حيث تحاول السعودية تعزيز علاقاتها العميقة مع واشنطن وفرنسا، وانفتاحها على دول أميركا اللاتينية، حيث تم إبرام اتفاقيات عديدة مع جميع هذه الدول، وبهذا حصلت السعودية على مكانةٍ قوية في العالم، مكّنها من كسب حلفاء دوليين جدد.
في المحصّلة، نجد أنَّ الملك سلمان استطاع، في فترة قياسية، إعادة بناء البيت السعودي بناءً كانت ثماره واضحة على جميع الصعد، فالحملة على اليمن لم تكن، لولا المكانة التي اكتبستها السعودية في ميادين السياسة العالمية.
وفي إطار العمل الدولي، لوّحت السعودية لدخولها في العمل العسكري لهذا التحالف، بإرسالها طائرات إلى قاعدة "انجرليك" التركية. لذا، التزمت السعودية في محاربتها داعش التي تنتشر في سورية والعراق، لكن هذه المشاركة في هذا الوقت تحمل تساؤلات عديدة، في ظلّ التقدّم البسيط الذي يحققه النظام السوري، بدعم كبير من روسيا في بعض مناطق الشمال والجنوب السوري. وتدل هذه التغيّرات الدراماتيكية في الأزمة السورية على خطر كبير يهدد المعارضة السورية في تلك المناطق. ومن جانب آخر، استغلت الميليشيات الكردية المدعومة من روسيا، والتي تعمل بتوافقٍ ضمنيّ مع النظام السوري، وهذا يثير قلق تركيا أيضاً وخشيتها من ازدياد قوة هذه الميلشيات الكردية المناوئة لها، وما يرافقه من زعزعةٍ للإستقرار التي تسعى تركيا إلى إقامته على حدودها.
مصلحة مشتركة إذاً تجمع بين السعودية وتركيا، تجعلهما مضطرتين لبناء حلف ثنائي، يحفظ للدولتين أسباب استقرارهما المشترك. وهذا ما توّج ببناء التحالف الإسلامي الذي أعلن عن تأسيسه في ديسمبر/ كانون أول 2015، والذي يضم 34 دولة لمحاربة الإرهاب في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي.
مقالات أخرى
13 نوفمبر 2016
16 ابريل 2016
11 ابريل 2016