السياحة الداعشية في لبنان ... رب ضارة نافعة

07 يوليو 2014
اللبناني يدفع ثمن الويلات المحيطة به (الصورة لحسين بيضون)
+ الخط -
قد يجول في خاطر اللبناني أنّ الموسم السياحي اللبناني مشلولٌ ويحتضر. إلا أنّ تلك الفكرة تقابلها وقائع مغايرة تدحضها. إنّ الموسم السياحي اللبناني "المضروب والمهترئ" قد يكون من أفضل ما حصل في لبنان منذ سنوات عديدة. صحيحٌ أن نتائج اقتصادية سلبية ترتّبت على ركود الموسم السياحي في لبنان، لكننا نهمل "إيجابيات" عدة لمسها اللبناني لا شعورياً في خضمّ الركود هذا.

"لا بد للبنانيّ أن يدفع ثمن الويلات المحيطة به"، جملةٌ ردّدها أبو علاء خلال جولته البيروتية اليومية. سائق سيارة الأجرة في العقد الخامس من عمره. تجاعيدُ نقّحت يديه وابتسامةٌ لا تُفارق شفتيه زيّنت وجهه. أبو علاء كان شاهداً صامتاً خلال تفجيرين في لبنان. الأول حصل أخيراً والثاني منذ سنوات عدة. يروي أبو علاء كيف أنّ مروره من تلك الشوارع كان محتماً لولا زبونٌ أو زبونان لبنانيان، "نمرودان" كما يصفهما، تململا من خدمة السرفيس في بيروت... ما أحرج أبو علاء مرات عديدة، وما أنقذه من ويلات انفجارين.

لا بد أنّ الدردشة مع أبو علاء تُغني اللبناني عن متابعة نشرات الاخبار المُعادة تلقائياً ليلةً بعد ليلة. هو الذي يتابع أيضاً ويستنتج. هو الذي لا يرى في "غزوة" داعش فنادق بيروت إلاّ إيجابية تامة من تداعياتها:

-انخفاض أسعار السلع: فالتخفيضات لم تعد مناطةً بشهر التسوق او بنهاية موسمٍ وبداية آخر... التخفيضات مستمرة. ولدى التجول في بيروت والتمعن في واجهات المتاجر قد يتهيأ لك أنّه موسم "تصفية شاملة".

-لا حجوزات في المطاعم بعد اليوم: وداعاً يا نوبات الهلع المتتالية. لا داعي للتخطيط والاتصال بمطاعم عديدة من أجل تنسيق عشاء أو مناسبة عائلية، فالمطاعم شبه فارغة.

-زحمة السير لم تعد خانقة: وهل ينسى اللبناني زحمة السير؟ صباح الاثنين، ليل الخميس، فجر الأحد... زحمة السير موجودةٌ وحاضرةٌ دائماً في لبنان. قبل صيف عام 2014 كانت زحمة السير مشكلة أساسية يُعاني منها الشعب اللبناني.. إلا أن زحمة السير لم تعد خانقة في لبنان، فالوضع غير "مستقرّ" ويفضل اللبناني التقوقع في منزله بعد ساعات العمل الطويلة.

-الهجرة الى الريف لم تعد "موسمية":  تحولت هجرة اللبناني الموسمية الى الأرياف صيفاً هرباً من زحمة ولهيب حرارة بيروت إلى هجرةٍ أمنية الطابع هرباً من تفاقم الوضع في العاصمة. وقد أكّدت تقاريرعديدة لجوء أعداد كبيرة من العائلات إلى منازلها الريفية التي كانت تُعدّ مقرات عطل واصطياف. فقد فضّلوا الاستقرار هناك عسى أن تكون أكثر أماناً من عاصمتهم.

-انتشار القوى الأمنية: ما يوحي بالامان واستتباب الوضع: هو واقعٌ مضحكٌ مبكٍ. فيظنّ المواطن أنّ انتشار القوى الأمنية يبعث على الطمأنينة وراحة البال، إلا أنّ الوضع مختلف في لبنان. بين الدراجة النارية وعنصر قوى الأمن الداخلي، يدور حوار في أزقة بيروت المحيطة بإحدى الوزارات، الأوّل يؤكد أنه "خالٍ من المتفجرات" والثاني يتراجع متردداً طالباً من الشاب العشريني عبور طريق أخرى.

إضافة إلى ما سبق، هواية المشي باتت متفشية في لبنان بسبب الشائعات المتواترة دائماً عن احتمال تفخيخ سيارة أو استهداف حاجز... بتنا سياحاً في بلدنا، تنتظرنا مفاجآت تتراوح بين تنزيلات متعدّدة وإجراءات أمنية مُحكمة. وأضحى اللبناني سائحاً يتجوّل في شوارع بيروت بدهشة، يفاجأ بحكايات أبو علاء عن موسمٍ سياحي مُزدهر يوماً بعد يوم.
المساهمون