سلّط إعلان توقيف أخطر شبكة للاتجار بالبشر في لبنان، وتحرير 75 فتاة، معظمهن من الجنسية السورية، من أسر هذه الشبكة، الضوء على تلك التجارة الإجرامية التي تبدو مزدهرة في خضم الحرب. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن عدد السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية بلغ نحو 14 مليوناً، ومن الواضح أن تلك المعاناة الجمعية الرهيبة باتت توفر أفضل بيئة لتوسع وانتشار شبكات الاتجار بالسوريين.
تندرج تحت تلك التجارة أعمال إجرامية عديدة، تبدأ بالخطف من أجل الفدية أو من أجل التجنيد الإلزامي، مروراً ببيع الأعضاء، ووصولاً إلى الاستغلال الاقتصادي والجنسي. بعض تلك الشبكات كانت قائمة في سورية قبل اندلاع الثورة، وذلك بحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، الذي يوضح انتشار استغلال الفتيات في سورية لأغراض التجارة الجنسية.
يقول الباحث زين عبود لـ"العربي الجديد": "كانت شبكات الاتجار بالبشر تعمل قبل الثورة في سورية، وما زالت قائمة، ولم يتمكن الدمار الواسع والتهجير الذي مارسه النظام السوري سوى أن يجعلها تحظى بالفرصة الأمثل لتنتعش وتنمو". ويضيف "ظهرت شبكات أخرى ونمت في الفترة الماضية، إذ تحقق تلك التجارة أرباحاً طائلة. وفي ظل وجود مجموعات ومليشيات مسلحة منتشرة في كل مكان، فإن إغراء العمل بها يعتبر كبيراً".
إذ تنتعش في داخل سورية شبكات الخطف من أجل الفدية و"تتورط فيها مليشيات مسلحة من مختلف الأطراف، لأن الأرباح التي تحققها كبيرة، إذ يمكن الإفراج عن المخطوف مقابل مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و50 ألف دولار، وذلك بحسب أهمية المخطوف ووضع عائلته المادي" يقول ربيع لـ"العربي الجديد". ويضيف: "كذلك تعمل بعض شبكات الخطف في تجارة الأعضاء، وقد تم العثور على جثث لسوريين وقد فقدت بعض أعضائها، بما يشير إلى أنهم خضعوا لسرقة أعضاء".
اقــرأ أيضاً
إن أشكال الاتجار بالبشر في سورية واسعة جداً، ولا تتوقف على ما ذكرنا، بل تشمل أيضاً استغلال حاجات البشر الذين يريدون السفر عبر البحر طالبين اللجوء إلى دولة أخرى. يمكن أن يؤدي التهريب إلى الاتجار بالبشر بشكل مباشر، ففي بعض الحالات كانت بعض العائلات مستعدة لتزويج بناتها لأحد أفراد شبكة التهريب، أو كانت عرضة للابتزاز بصورة أو بأخرى لتأمين المبلغ المالي المطلوب. وأخيراً، يشمل الاتجار بالبشر، بحسب ما يقول محمد الجسيم "عمليات التجنيد الإجباري للشباب". ويضيف: "هذا يخالف القانون الدولي، ويعتبر اتجاراً بالبشر؛ إذ لا يحق لأي مليشيا أن تقوم بالتجنيد القسري".
لكن الاستغلال الجنسي للفتيات يعتبر منتشراً في بلدان اللجوء أكثر منه في داخل سورية، بحسب عبود. ويشير في هذا الصدد إلى تقرير منظمة "كاريتاس" بعد إجراء مقابلات مع فتيات سوريات في تركيا، إلى أنهن اضطررن إلى ممارسة الدعارة بسبب الحاجة الاقتصادية، وقد كانت أعمارهن تتراوح بين 17 و24 عاماً. وفي بعض الحالات "يكون الدافع الاقتصادي لدى العصابات التي تقوم بخطف النساء وبيعهن عبر الحدود لجني الأرباح" بحسب الناشط سعد ربيع المقيم في تركيا.
يقول ربيع لـ"العربي الجديد": "هناك حالات متزايدة للزواج الإجباري لفتيات صغار من كبار بالسن، سواء سوريين أو عرب أو أتراك، بدافع مادي". ويضيف: "في معظم الحالات، تكون العائلة مقيمة في مخيمات اللجوء، حيث تتقاضى مبالغ تتراوح بين 500 و1000 دولار مقابل ذلك"، فيما يؤكد تقرير "كاريتاس" وجود مكاتب في لبنان والأردن يقصدها الرجال ليختاروا زوجة لهم، وكثير من الفتيات المعروضات للزواج هن من اللاجئات السوريات.
كما يعتبر استغلال الأطفال السوريين من أبشع الظواهر التي فاقمتها الحرب، ويحدث ذلك في سورية، ولكنه "يظهر بصورة ملموسة جداً خارج البلاد، حيث يتواجد اللاجئون السوريون" بحسب الباحث محمد الجسيم لـ"العربي الجديد".
ويقول: "هناك أكثر من نصف الأطفال في مدينة غازي عينتاب في تركيا، أي ما يقارب 55 ألف طفل، خارج النظام التعليمي يتجولون في الشوارع، يبيعون بضائع مختلفة، أو يمارسون التسول وهم عرضة للاستغلال وللتوظيف في شبكات الاتجار بالبشر". لا بل إن "جميع الذين لم يحصلوا على ترخيص للعمل، كانوا عرضة للاستغلال قبل أن تمنح السلطات التركية أذونات قبل نحو الشهرين".
أما في لبنان فلا يحصل اللاجئون السوريون على إذن بالعمل إلا في حالات نادرة جداً. ويشير مسح أجرته منظمة العمل الدولية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف عن الأطفال العاملين والمتسولين في شوارع لبنان، إلى أن أعدادهم صعبة التقدير بدقة، ولكنها أكدت أنها لا تقل عن 1500 طفل، وقدرت أن ثلاثة أرباعهم من السوريين. معظم هؤلاء الأطفال هم صبية وأعمارهم اقل من 12 سنة، بعضهم في عمر سنتين فقط. يتركز تواجد الأطفال في مدينة بيروت. وقد تم إجراء مقابلات مع 77 طفلاً، ليتبين أن 28 في المائة منهم يعملون أكثر من 11 ساعة في اليوم، و14 في المائة يعملون في كل يوم من دون الحصول على استراحة، يبيعون العلكة والمحارم والأزهار والأحذية، ويتسولون. أما دخلهم فيعتمد على ما يبيعون، إذ إن بيع الأحذية يولد دخلاً يقارب 23 دولاراً يومياً، أما التسول فيوفر 8-25 دولاراً يومياً، فيما بيع العلكة يؤمن دخلاً يتراوح بين 10 و20 دولاراً يومياً. ويختم التقرير بأن هؤلاء الأطفال عرضة أكثر من غيرهم للعنف في الشارع وللاستغلال الجنسي من قبل المارة ومن قبل البالغين الذين يعملون في مهن مشابهة ويتنافسون معهم.
اقــرأ أيضاً
تندرج تحت تلك التجارة أعمال إجرامية عديدة، تبدأ بالخطف من أجل الفدية أو من أجل التجنيد الإلزامي، مروراً ببيع الأعضاء، ووصولاً إلى الاستغلال الاقتصادي والجنسي. بعض تلك الشبكات كانت قائمة في سورية قبل اندلاع الثورة، وذلك بحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، الذي يوضح انتشار استغلال الفتيات في سورية لأغراض التجارة الجنسية.
يقول الباحث زين عبود لـ"العربي الجديد": "كانت شبكات الاتجار بالبشر تعمل قبل الثورة في سورية، وما زالت قائمة، ولم يتمكن الدمار الواسع والتهجير الذي مارسه النظام السوري سوى أن يجعلها تحظى بالفرصة الأمثل لتنتعش وتنمو". ويضيف "ظهرت شبكات أخرى ونمت في الفترة الماضية، إذ تحقق تلك التجارة أرباحاً طائلة. وفي ظل وجود مجموعات ومليشيات مسلحة منتشرة في كل مكان، فإن إغراء العمل بها يعتبر كبيراً".
إذ تنتعش في داخل سورية شبكات الخطف من أجل الفدية و"تتورط فيها مليشيات مسلحة من مختلف الأطراف، لأن الأرباح التي تحققها كبيرة، إذ يمكن الإفراج عن المخطوف مقابل مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و50 ألف دولار، وذلك بحسب أهمية المخطوف ووضع عائلته المادي" يقول ربيع لـ"العربي الجديد". ويضيف: "كذلك تعمل بعض شبكات الخطف في تجارة الأعضاء، وقد تم العثور على جثث لسوريين وقد فقدت بعض أعضائها، بما يشير إلى أنهم خضعوا لسرقة أعضاء".
إن أشكال الاتجار بالبشر في سورية واسعة جداً، ولا تتوقف على ما ذكرنا، بل تشمل أيضاً استغلال حاجات البشر الذين يريدون السفر عبر البحر طالبين اللجوء إلى دولة أخرى. يمكن أن يؤدي التهريب إلى الاتجار بالبشر بشكل مباشر، ففي بعض الحالات كانت بعض العائلات مستعدة لتزويج بناتها لأحد أفراد شبكة التهريب، أو كانت عرضة للابتزاز بصورة أو بأخرى لتأمين المبلغ المالي المطلوب. وأخيراً، يشمل الاتجار بالبشر، بحسب ما يقول محمد الجسيم "عمليات التجنيد الإجباري للشباب". ويضيف: "هذا يخالف القانون الدولي، ويعتبر اتجاراً بالبشر؛ إذ لا يحق لأي مليشيا أن تقوم بالتجنيد القسري".
لكن الاستغلال الجنسي للفتيات يعتبر منتشراً في بلدان اللجوء أكثر منه في داخل سورية، بحسب عبود. ويشير في هذا الصدد إلى تقرير منظمة "كاريتاس" بعد إجراء مقابلات مع فتيات سوريات في تركيا، إلى أنهن اضطررن إلى ممارسة الدعارة بسبب الحاجة الاقتصادية، وقد كانت أعمارهن تتراوح بين 17 و24 عاماً. وفي بعض الحالات "يكون الدافع الاقتصادي لدى العصابات التي تقوم بخطف النساء وبيعهن عبر الحدود لجني الأرباح" بحسب الناشط سعد ربيع المقيم في تركيا.
يقول ربيع لـ"العربي الجديد": "هناك حالات متزايدة للزواج الإجباري لفتيات صغار من كبار بالسن، سواء سوريين أو عرب أو أتراك، بدافع مادي". ويضيف: "في معظم الحالات، تكون العائلة مقيمة في مخيمات اللجوء، حيث تتقاضى مبالغ تتراوح بين 500 و1000 دولار مقابل ذلك"، فيما يؤكد تقرير "كاريتاس" وجود مكاتب في لبنان والأردن يقصدها الرجال ليختاروا زوجة لهم، وكثير من الفتيات المعروضات للزواج هن من اللاجئات السوريات.
كما يعتبر استغلال الأطفال السوريين من أبشع الظواهر التي فاقمتها الحرب، ويحدث ذلك في سورية، ولكنه "يظهر بصورة ملموسة جداً خارج البلاد، حيث يتواجد اللاجئون السوريون" بحسب الباحث محمد الجسيم لـ"العربي الجديد".
ويقول: "هناك أكثر من نصف الأطفال في مدينة غازي عينتاب في تركيا، أي ما يقارب 55 ألف طفل، خارج النظام التعليمي يتجولون في الشوارع، يبيعون بضائع مختلفة، أو يمارسون التسول وهم عرضة للاستغلال وللتوظيف في شبكات الاتجار بالبشر". لا بل إن "جميع الذين لم يحصلوا على ترخيص للعمل، كانوا عرضة للاستغلال قبل أن تمنح السلطات التركية أذونات قبل نحو الشهرين".
أما في لبنان فلا يحصل اللاجئون السوريون على إذن بالعمل إلا في حالات نادرة جداً. ويشير مسح أجرته منظمة العمل الدولية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف عن الأطفال العاملين والمتسولين في شوارع لبنان، إلى أن أعدادهم صعبة التقدير بدقة، ولكنها أكدت أنها لا تقل عن 1500 طفل، وقدرت أن ثلاثة أرباعهم من السوريين. معظم هؤلاء الأطفال هم صبية وأعمارهم اقل من 12 سنة، بعضهم في عمر سنتين فقط. يتركز تواجد الأطفال في مدينة بيروت. وقد تم إجراء مقابلات مع 77 طفلاً، ليتبين أن 28 في المائة منهم يعملون أكثر من 11 ساعة في اليوم، و14 في المائة يعملون في كل يوم من دون الحصول على استراحة، يبيعون العلكة والمحارم والأزهار والأحذية، ويتسولون. أما دخلهم فيعتمد على ما يبيعون، إذ إن بيع الأحذية يولد دخلاً يقارب 23 دولاراً يومياً، أما التسول فيوفر 8-25 دولاراً يومياً، فيما بيع العلكة يؤمن دخلاً يتراوح بين 10 و20 دولاراً يومياً. ويختم التقرير بأن هؤلاء الأطفال عرضة أكثر من غيرهم للعنف في الشارع وللاستغلال الجنسي من قبل المارة ومن قبل البالغين الذين يعملون في مهن مشابهة ويتنافسون معهم.