السودان: تحركات لإنهاء الخلافات في الحركة الشعبية

17 يوليو 2017
تقاتل الحركة الشعبية الحكومة السودانية بالنيل الأزرق وجنوب كردفان(Getty)
+ الخط -


بدأت تحركات دولية وإقليمية ومحلية في اتجاه إنهاء الخلافات التي دبت في جسم الحركة الشعبية قطاع الشمال، وإعادة توحيدها، بعد أن انقسمت إلى فريقين أحدهما يقوده رئيس الحركة مالك عقار، والآخر يقوده نائب رئيس الحركة عبد العزيز الحلو، بالنظر لأهمية الخطوة للمضي قدما في التسوية السياسية السودانية وضمان استقرار البلاد.

وظهرت الخلافات داخل الحركة الشعبية قبل أكثر من شهرين، على خلفية استقالة نائب رئيس الحركة عبد العزيز الحلو من منصبه، بعد أن حمل رئيس الحركة مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان مسؤولية الخطوة، بالنظر إلى تهميشه، وتقديم تنازلات في ملف التفاوض مع حكومة الخرطوم، ما قاد قطاع جبال النوبة الذي ينحدر منه الحلو للانحياز إليه، وإصدار حزمة قرارات بإقالة عقار وعرمان من قيادة الحركة، وتعيين الحلو رئيسا لها، بتأييد ومباركة جيش الحركة.

وتقاتل الحركة الشعبية قطاع الشمال الحكومة السودانية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ ما يزيد على ستة أعوام، حيث فشلت جهود الوساطة الإفريقية برئاسة ثامبو إمبيكي في إقناع الطرفين "الحكومة والحركة" بتوقيع اتفاق سلام ينهي الحرب في المنطقتين.

ووفق مصادر متطابقة، فإن تحركات إقليمية ودولية بدأت تنشط لطي خلافات الحركة الشعبية ولمّ شملها، وأشارت المصادر إلى مقترحات ببحث كل من عقار وعرمان إعادة النظر في قيادة الحركة، والموافقة على تثبيت رئيس الحركة الجديد عبد العزيز الحلو في منصبه، ومساعدته في مهامه الجديدة والعمل معا لحلحلة جميع الخلافات.

وسبق أن اقترح رئيس الحركة مالك عقار عند اشتداد الأزمة التنحي عن رئاسة الحركة إلى جانب نائبه الحلو، فضلا عن الأمين العام عرمان، وإفساح المجال أمام وجوه جديدة لقيادة الحركة، مع التزام الثلاثة بعدم الترشح لأية مواقع قيادية في المؤتمر العام المنتظر للحركة، إلا أن الحلو تجاهل المقترح تماما ولم يتجاوب معه، ومضى قدما في خطوات تنصيب نفسه رئيسا واستقطاب غالبية الحركة لصفه.

وأعلن تحالف أحزاب المعارضة السلمية المنضوية في تحالف "نداء السودان" يوم الأحد عن مبادرة لرأب الصدع بين الأطراف المتنازعة في الحركة الشعبية، وأشار لتفويض لجنة ثلاثية للتوسط بين طرفي النزاع.

وقال التحالف في بيان له، إنه عقد اجتماعاً، يوم السبت، استعرض خلاله مستجدات الأحداث داخل الحركة الشعبية، مؤكداً حرصه على الوفاق والتهدئة بين مجموعتي عقار والحلو.

وأشار التحالف إلى تفويض اللجنة الثلاثية للتواصل مع كل من عقار والحلو، مؤكداً أن الأخير أبدى تجاوباً مع المبادرة.

ويرى مراقبون أن انحدار الوضع في جنوب السودان نحو الحرب، كان له الأثر المباشر في الانقسامات التي ضربت الحركة الشعبية قطاع الشمال، والتي كانت جزءا من الحركة الجنوبية قبل انفصال الجنوب وتكوين دولته المستقلة في 2011، باعتبار أن الأحداث في الجنوب بددت أحلام الحركة الشمالية في السودان الجديد، الذي كانت تنتظر تنفيذه في الدولة الوليدة باعتباره البرنامج الأساسي للحركتين.

ولفت المراقبون إلى التأثيرات العكسية لانشقاق الحركة الشمالية، في إطالة أمد الحرب، وعرقلة التسوية السياسية وجولات التفاوض مع الحكومة.

ويرى المحلل السياسي، أحمد ساتي، أن استمرار الأزمة داخل الحركة من دون مبادرات لإنهاء الخلاف، من شأنه أن يعمق الفجوة والانقسامات داخلها، الأمر الذي سيدخل البلاد في أزمة حقيقية، إذ ستمضي في حروب طويلة، فضلا عن تأثيرات الخطوة على الحركة نفسها وإضعافها، بجانب تأثيراتها على الجو السياسي.

وأكد ساتي لـ"العربي الجديد"، أنه بنهاية المطاف "سيخسر طرفا الصراع" موضحاً أن" انقسام الحركة سيخفض الثقل السياسي لعقار، وستتجه الأنظار والتحالفات تجاه الحلو، باعتباره المسيطر على القوة العسكرية".

وبيّن أن الحلو سيتخذ مواقف صارمة وغير مرنة أو واقعية لدى التفاوض مع الحكومة، لإقرار حق تقرير المصير لجبال النوبة أسوة بجنوب السودان، مشيراً إلى أنه "سيصطدم بالرفض الدولي والإقليمي والمحلي لتجزئة ما تبقى من السودان، بالنظر إلى تجربة الجنوب، الأمر الذي سيحدث إرباكاً ويصيب أهل الجبال بالإحباط، ولا سيما في ظل رفع الحلو لسقف توقعاتهم بشأن تقرير المصير".

وأضاف أنه "حتى الحلو نفسه سيحمل المسؤولية وسيفقد ثقله وتأثيره وقتها"، مشدداً على أن الطرفين في حاجة لحل الخلافات والحفاظ على وحدة الحركة لتحقيق مكاسب حقيقة.

المساهمون