10 ابريل 2019
السودان.. استمرار سيولة الدولة
ليس الحديث عن مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، الجنرال صلاح قوش، أمراً عادياً. وليست مسيرته الصاخبة منذ مجيء نظام الإنقاذ، وشخصيته المركبة سياسياً وأمنياً، مجرّد صورة ذاتية لجنرالٍ في الأمن، لكنّ التفاصيل الكثيرة في حياته جعلت منه فاعلاً بارزاً في السنوات العشر الأخيرة، والمثال الأقوى لتناقضات السياسة السودانية.
يبدو أنّ قوش، متقن اللعب على المتناقضات، لا يعير أي اهتمامٍ لما يُثار حوله منذ بدء الاحتجاجات الشعبية أخيراً، على خلفية الضائقة المعيشية. ومن المفارقات أنه ناصب الحركة الاحتجاجية شكلاً من العداء في البداية، ساخراً منها، ووصف أعضاءها بالمندسين الذين لا يفقهون أبجديات السياسة، وأنّهم تحرّكهم أيادي المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، والحركات المتمردة المسلحة والحزب الشيوعي السوداني، بغرض زعزعة استقرار البلد. لكنه راجع نفسه بسرعة، واعترف بالأزمة الاقتصادية، وحق الشباب في التعبير عن رأيهم، حتى إنّه حمّل الحكومة بعض أسبابها، ووصف القوانين المقيّدة لحرية التعبير والمجتمع بالقرارات "الصنجاء".
زاد من الالتباس حول شخصية قوش تزامن الاحتجاجات مع ظهوره الإعلامي الكثيف، ولقاءاته
مع الصحافيين التي يفرج فيها عن بعض المعلومات أو القرارات، بينما تقوم جهاتٌ بقصقصة أجنحة تصريحاته. وبالقدر نفسه من الإثارة، ينصح قواته بالتعامل الليّن مع هؤلاء الشباب، لأنّهم "أبناؤنا" على حد قوله، بينما تستخدم القوات نفسها مسنودة بالأمن الشعبي (كتائب الظل) المنسوبة إلى النائب الأول السابق، علي عثمان طه، الرصاص الحي، والتعذيب في المعتقلات. ونسبة لمواقفه المتماهية مع السلطة، والمناقضة لها في آنٍ واحد، كان جديراً بحصد التعاطف من بعضهم، والشماتة من آخرين، وخصوصاً بعد محاولته الانقلابية عام 2012.
لم يكن الرجل دخيلاً على السلطة، فقد تسنم مواقع كثيرة، وكان يقفز من موقع إلى آخر بسرعة. اشتهر خلال دراسته الجامعية في كلية الهندسة بذكائه الشديد في الرياضيات، ولذلك لقبه زملاؤه في الدراسة "قوش"، نسبة إلى عالم رياضيات هندي، كان يتسم بالنبوغ. وفي الفترة الجامعية، كان مسؤولاً عن جهاز المعلومات الخاص بتنظيم الإخوان المسلمين الذي كان أقوى تنظيم في جامعة الخرطوم في ثمانينيات القرن الماضي. وعقب الانقلاب العسكري، الذي أوصل الرئيس عمر البشير إلى السلطة عام 1989، التحق قوش بالخلية الأمنية، أو مكتب الأمن للجبهة القومية الإسلامية، الذي أسسه الإسلاميون بزعامة حسن الترابي. وبعدها، عمل في جهاز المخابرات ثم ترأسه خمس سنوات، وعُيّن مستشاراً أمنياً للرئيس البشير، قبل أن يُعتقل متهماً بالانقلاب والتآمر على الدولة، ليخرج بعد ذلك بعفو رئاسي عام 2013. توارى بعدها عن الأنظار قليلاً، ثم أعيد تعيينه مجدّداً على رأس جهاز الأمن والمخابرات عام 2018. وما إن عاد حتى صعد نجمه، وبدأ يخطو خطواتٍ متسارعةً نحو مواقع صنع القرار. صوّره الصحافيون مثل "ديجانقو"، الكاوبوي العائد في فيلم أميركي، يطلق الرصاص تجاه أعدائه.
بقليل من التأمل في مركبات أحداث الاحتجاجات السودانية، وما صاحبها، يمكن الزعم إنّه بعد أشهر منها باعتبارها جزءاً ديناميكياً في الواقع السياسي السوداني، يراها كثيرون بداية النهاية لحكم البشير الممتد ثلاثة عقود. ستسجل تحولاتٌ بالغة الأهمية، مكّنت من حدوثها البيئة غير المستقرة، سواء على مستوى المجتمع، أو قيادة الدولة. بل يمكن القول إنّ أهداف العمليات الدؤوبة لهندسة نظام الحكم تمحورت خلال هذه الفترة، حول مطلبين: رتق جسد حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) بتنحي البشير عن رئاسته، وإنعاشه وإعادته بوجه جديد، "نيولوك" في وصف رئيسه الجديد أحمد هارون. أما المطلب الثاني فهو الإتيان ببديل للبشير. وكأنّ البحر المتلاطمة أمواجه بحاجةٍ إلى مزيد من الاضطراب، فقد اشتعلت الأخبار الأسبوع الماضي بنشر موقع ميدل إيست آي، البريطاني، تسريباً عن مصدر عسكري سوداني، أنّ رئيس المخابرات السوداني، صلاح قوش، أجرى محادثات سرية مع رئيس "الموساد" يوسي كوهين، في مؤتمر ميونخ الشهر الماضي (فبراير/ شباط)، عبر وساطة مصرية، ودعم حلفاء إسرائيل في الخليج، لتهيئته، لمناقشة خلافته للبشير في حال لم يصمد أمام المدّ الشعبي. وذلك في إطار ما تردّد أنّ وكالة المخابرات المركزية الأميركية اختارت قوش بديلاً محتملاً للبشير.
نفت الحكومة السودانية، مثلما نفت صحيفة معاريف الإسرائيلية، الخبر، وأصدر جهاز الأمن والمخابرات السوداني بياناً شديد اللهجة. ويمكن قراءة الخبر ونفيه بشكلٍ عام، في إطار تحسّس أعضاء في النظام هذه الأيام من مسألة استباق الأحداث، أو إيجادها وتسريبها، خصوصاً مع ظنّ الحكومة أنها تمسك بخيوط متشابكة في وقتٍ واحد، ومع كل فعل أو خطوة مطالبة بتبرير مقنع للرأي العام العالمي وللشعب الثائر.
وبالقوة نفسها لرفض هذا الاحتمال من أعضاء في الحزب الحاكم، تبرز عوامل أخرى تقوّي من حظ قوش في فرضية خلافته البشير، إذا استمر في رئاسة جهاز الأمن والمخابرات إلى أن يتم ترتيب انتقال سلس، وهي:
أولاً: طبيعة الشعب السوداني المعقدة، الذي لو تُرك له الخيار لما اختار غير ديكتاتور بديل، بشرط أن يمتاز بكاريزما القائد، أحبّه الشعب أو كرهه. من قبل اختار الشعب الصادق المهدي لحكومة الديمقراطية الثالثة، وهم يعلمون أنّه زعيم حزب طائفي، انقلب على عمّه أحمد المهدي، وأبناء عمه الهادي المهدي، وحصل منهم على لقب إمامة الأنصار، ورهن زمام الحزب لأبنائه وأقربائه من الأنصار، مع إبقاء زعامة الحزب في يده نصف قرن. ومن تجربة الممارسة السياسية، يتضح أنّه لا فرق بين ديكتاتور آتٍ من مؤسسة عسكرية أو من حزب طائفي.
ثانياً: أهل الهامش، وخصوصاً الحركات المسلحة في غرب السودان، في كامل تحفّزهم لتسلّم السلطة، ومنهم عبد الواحد نور زعيم حركة تحرير السودان. ولكن الأكثر جاهزيةً لذلك، هو جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسّسه الترابي، بينما أسس خليل إبراهيم الحركة للمواجهة المسلحة مع السلطة في الخرطوم. وقال جبريل إنّ حركته على استعدادٍ لتولي السلطة في البلاد، ولكن عبر تحالفٍ عريض، يحصل على تفويضٍ شعبي كبير، مؤكداً، في الوقت نفسه، أنّ من الصعب على حزبٍ واحد أن يتحكّم في السودان. وجبريل هو شقيق خليل إبراهيم، زعيم الحركة الذي اغتيل في غارة جوية على دارفور في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2011. وكان خليل قد نفّذ غزوة أم درمان في العاشر من مايو/ أيار 2008، بدعم تشادي ليبي. وهنا يتبدّى صراع المركز والهامش، بتوجس أهل الشمال النيلي في الحكومة من أهل غرب السودان، ويرون أنّه لا بد من قطع الطريق عليهم، واسترضائهم بمناصب وزارية رفيعة، حتى يكونوا تحت عين السلطة، فقرّبت منهم محمد حمدان حميدتي، قائد قوات الدعم السريع (الجنجويد)، وأحمد هارون، المطلوب
لمحكمة الجنايات الدولية، رئيساً لحزب المؤتمر الوطني أخيراً، وغيرهما.
ثالثاً: يرتبط هذا العامل بشخص قوش نفسه، والخلاف الكبير بشأنه في أروقة الحزب الحاكم، فالشخصيات النافذة في الحزب ترى أنّ البشير سهل القياد أكثر من قوش. بينما ترى أصواتٌ أخرى قوش مهادناً للسلطة، ولا يمكن أن يكون منقلباً عليها لمصلحة الشعب، أو لقوى خارجية. ولكن يمكنه أن يقدّم تنازلاتٍ تمسّ ثوابت حزبه، في سبيل الحفاظ على السلطة، وتحقيق مكاسب، حتى لو انتظرها طويلاً. ولكن ضيق صدر الرئيس البشير، المعروف بحسمه أي نقطة خلاف بالإزالة التامة، بدلاً من المعالجة، يمكن أن تنسف وضع قوش المتحفّز حالياً وركله بعيداً.
الوقت مبكّر للحكم على صلاح قوش باعتباره مرشّحاً رئاسياً مرتقباً، ولكن في الوسع مراقبة سعيه بين جهاز الأمن والقصر، فقد أساء له عمله في الجهاز المرتبط بالقمع والتعذيب، وستظل تلاحقه دماء شهداء التظاهرات في أثناء فترتي رئاسته الجهاز. وقد أغرق هذا العمل شخصيته السياسية تحت أغطية العسكر، فظلت طوال الوقت تذكيها نار الصراعات.
سيظل مصير الرئاسة في السودان معلّقاً بيد قوى لم تعد خفية، في ظلّ صراعاتٍ تهدّد مؤسسات الدولة السودانية في بنيتها العميقة، من دون أن تسفر عن حاكمٍ رشيد.
زاد من الالتباس حول شخصية قوش تزامن الاحتجاجات مع ظهوره الإعلامي الكثيف، ولقاءاته
لم يكن الرجل دخيلاً على السلطة، فقد تسنم مواقع كثيرة، وكان يقفز من موقع إلى آخر بسرعة. اشتهر خلال دراسته الجامعية في كلية الهندسة بذكائه الشديد في الرياضيات، ولذلك لقبه زملاؤه في الدراسة "قوش"، نسبة إلى عالم رياضيات هندي، كان يتسم بالنبوغ. وفي الفترة الجامعية، كان مسؤولاً عن جهاز المعلومات الخاص بتنظيم الإخوان المسلمين الذي كان أقوى تنظيم في جامعة الخرطوم في ثمانينيات القرن الماضي. وعقب الانقلاب العسكري، الذي أوصل الرئيس عمر البشير إلى السلطة عام 1989، التحق قوش بالخلية الأمنية، أو مكتب الأمن للجبهة القومية الإسلامية، الذي أسسه الإسلاميون بزعامة حسن الترابي. وبعدها، عمل في جهاز المخابرات ثم ترأسه خمس سنوات، وعُيّن مستشاراً أمنياً للرئيس البشير، قبل أن يُعتقل متهماً بالانقلاب والتآمر على الدولة، ليخرج بعد ذلك بعفو رئاسي عام 2013. توارى بعدها عن الأنظار قليلاً، ثم أعيد تعيينه مجدّداً على رأس جهاز الأمن والمخابرات عام 2018. وما إن عاد حتى صعد نجمه، وبدأ يخطو خطواتٍ متسارعةً نحو مواقع صنع القرار. صوّره الصحافيون مثل "ديجانقو"، الكاوبوي العائد في فيلم أميركي، يطلق الرصاص تجاه أعدائه.
بقليل من التأمل في مركبات أحداث الاحتجاجات السودانية، وما صاحبها، يمكن الزعم إنّه بعد أشهر منها باعتبارها جزءاً ديناميكياً في الواقع السياسي السوداني، يراها كثيرون بداية النهاية لحكم البشير الممتد ثلاثة عقود. ستسجل تحولاتٌ بالغة الأهمية، مكّنت من حدوثها البيئة غير المستقرة، سواء على مستوى المجتمع، أو قيادة الدولة. بل يمكن القول إنّ أهداف العمليات الدؤوبة لهندسة نظام الحكم تمحورت خلال هذه الفترة، حول مطلبين: رتق جسد حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) بتنحي البشير عن رئاسته، وإنعاشه وإعادته بوجه جديد، "نيولوك" في وصف رئيسه الجديد أحمد هارون. أما المطلب الثاني فهو الإتيان ببديل للبشير. وكأنّ البحر المتلاطمة أمواجه بحاجةٍ إلى مزيد من الاضطراب، فقد اشتعلت الأخبار الأسبوع الماضي بنشر موقع ميدل إيست آي، البريطاني، تسريباً عن مصدر عسكري سوداني، أنّ رئيس المخابرات السوداني، صلاح قوش، أجرى محادثات سرية مع رئيس "الموساد" يوسي كوهين، في مؤتمر ميونخ الشهر الماضي (فبراير/ شباط)، عبر وساطة مصرية، ودعم حلفاء إسرائيل في الخليج، لتهيئته، لمناقشة خلافته للبشير في حال لم يصمد أمام المدّ الشعبي. وذلك في إطار ما تردّد أنّ وكالة المخابرات المركزية الأميركية اختارت قوش بديلاً محتملاً للبشير.
نفت الحكومة السودانية، مثلما نفت صحيفة معاريف الإسرائيلية، الخبر، وأصدر جهاز الأمن والمخابرات السوداني بياناً شديد اللهجة. ويمكن قراءة الخبر ونفيه بشكلٍ عام، في إطار تحسّس أعضاء في النظام هذه الأيام من مسألة استباق الأحداث، أو إيجادها وتسريبها، خصوصاً مع ظنّ الحكومة أنها تمسك بخيوط متشابكة في وقتٍ واحد، ومع كل فعل أو خطوة مطالبة بتبرير مقنع للرأي العام العالمي وللشعب الثائر.
وبالقوة نفسها لرفض هذا الاحتمال من أعضاء في الحزب الحاكم، تبرز عوامل أخرى تقوّي من حظ قوش في فرضية خلافته البشير، إذا استمر في رئاسة جهاز الأمن والمخابرات إلى أن يتم ترتيب انتقال سلس، وهي:
أولاً: طبيعة الشعب السوداني المعقدة، الذي لو تُرك له الخيار لما اختار غير ديكتاتور بديل، بشرط أن يمتاز بكاريزما القائد، أحبّه الشعب أو كرهه. من قبل اختار الشعب الصادق المهدي لحكومة الديمقراطية الثالثة، وهم يعلمون أنّه زعيم حزب طائفي، انقلب على عمّه أحمد المهدي، وأبناء عمه الهادي المهدي، وحصل منهم على لقب إمامة الأنصار، ورهن زمام الحزب لأبنائه وأقربائه من الأنصار، مع إبقاء زعامة الحزب في يده نصف قرن. ومن تجربة الممارسة السياسية، يتضح أنّه لا فرق بين ديكتاتور آتٍ من مؤسسة عسكرية أو من حزب طائفي.
ثانياً: أهل الهامش، وخصوصاً الحركات المسلحة في غرب السودان، في كامل تحفّزهم لتسلّم السلطة، ومنهم عبد الواحد نور زعيم حركة تحرير السودان. ولكن الأكثر جاهزيةً لذلك، هو جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسّسه الترابي، بينما أسس خليل إبراهيم الحركة للمواجهة المسلحة مع السلطة في الخرطوم. وقال جبريل إنّ حركته على استعدادٍ لتولي السلطة في البلاد، ولكن عبر تحالفٍ عريض، يحصل على تفويضٍ شعبي كبير، مؤكداً، في الوقت نفسه، أنّ من الصعب على حزبٍ واحد أن يتحكّم في السودان. وجبريل هو شقيق خليل إبراهيم، زعيم الحركة الذي اغتيل في غارة جوية على دارفور في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2011. وكان خليل قد نفّذ غزوة أم درمان في العاشر من مايو/ أيار 2008، بدعم تشادي ليبي. وهنا يتبدّى صراع المركز والهامش، بتوجس أهل الشمال النيلي في الحكومة من أهل غرب السودان، ويرون أنّه لا بد من قطع الطريق عليهم، واسترضائهم بمناصب وزارية رفيعة، حتى يكونوا تحت عين السلطة، فقرّبت منهم محمد حمدان حميدتي، قائد قوات الدعم السريع (الجنجويد)، وأحمد هارون، المطلوب
ثالثاً: يرتبط هذا العامل بشخص قوش نفسه، والخلاف الكبير بشأنه في أروقة الحزب الحاكم، فالشخصيات النافذة في الحزب ترى أنّ البشير سهل القياد أكثر من قوش. بينما ترى أصواتٌ أخرى قوش مهادناً للسلطة، ولا يمكن أن يكون منقلباً عليها لمصلحة الشعب، أو لقوى خارجية. ولكن يمكنه أن يقدّم تنازلاتٍ تمسّ ثوابت حزبه، في سبيل الحفاظ على السلطة، وتحقيق مكاسب، حتى لو انتظرها طويلاً. ولكن ضيق صدر الرئيس البشير، المعروف بحسمه أي نقطة خلاف بالإزالة التامة، بدلاً من المعالجة، يمكن أن تنسف وضع قوش المتحفّز حالياً وركله بعيداً.
الوقت مبكّر للحكم على صلاح قوش باعتباره مرشّحاً رئاسياً مرتقباً، ولكن في الوسع مراقبة سعيه بين جهاز الأمن والقصر، فقد أساء له عمله في الجهاز المرتبط بالقمع والتعذيب، وستظل تلاحقه دماء شهداء التظاهرات في أثناء فترتي رئاسته الجهاز. وقد أغرق هذا العمل شخصيته السياسية تحت أغطية العسكر، فظلت طوال الوقت تذكيها نار الصراعات.
سيظل مصير الرئاسة في السودان معلّقاً بيد قوى لم تعد خفية، في ظلّ صراعاتٍ تهدّد مؤسسات الدولة السودانية في بنيتها العميقة، من دون أن تسفر عن حاكمٍ رشيد.