السلام اليمني المجزأ

03 ديسمبر 2019
جزّأ اتفاق استوكهولم القضية وركّز على الحديدة (فرانس برس)
+ الخط -
في مثل هذه الأيام، قبل عام، كانت الأنظار اليمنية متوجهة إلى السويد، حيث عُقدت أولى جولات المشاورات التي رعاها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وحظيت بدعم لا محدود من المجتمع الدولي، كأول جولةٍ جمعت ممثلي الحكومة والحوثيين منذ انهيار محادثات الكويت في أغسطس/آب 2016. انتهت محادثات استوكهولم في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي بثلاثة اتفاقات للمرة الأولى، وهي الاتفاق الخاص بالحديدة، واتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، وصولاً إلى الوضع في مدينة تعز، التي يقطع الحوثيون طرقاتها الرئيسية منذ سنوات. كانت الحديدة تمثل جوهر المفاوضات، إذ أفضت إلى وقف العمليات العسكرية للقوات الحكومية والتحالف بالتقدم تجاه المدينة، وظلّ التركيز الدولي الخاص بالتنفيذ، محصوراً في هذا الجزء الخاص بالحديدة، بوصفه محطة استراتيجية، كان يمكن أن تؤدي إلى تغييرات محورية في معادلات الحرب والسلام.

وبعد عام من استوكهولم، بدا واضحاً أن الاتفاق صمد حتى اليوم من الانهيار بشكل كلّي، إذ لا تزال العمليات العسكرية متوقفة. في المقابل، فإن التنفيذ اقتصر تقريباً على هذا الجانب، وفشل في إجراء أيّ خطوات عملية تنزع فتيل الحرب عن المدينة، مع تواصل الخروقات اليومية لوقف إطلاق النار في مناطق التماس. وبالعودة إلى العام 2017، كانت الحديدة آخر المقترحات والمبادرات التي قدمها المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لكنها بالنسبة لخلفه الحالي، البريطاني غريفيث، كانت ولا تزال محور مهمته، منذ ما يقرب من عامين على تعيينه. وإذا كان غريفيث قد نجح بوقف العمليات العسكرية باتجاه الحديدة، لكن يبدو أنه لا ينتبه إلى أنه قد حصر من خلال ذلك، مهمته، إذ لم يعد الحديث كما كان في محادثات 2016، وما سبقها، مشمولاً بحلٍّ سياسي شامل في البلاد. 

يعمل غريفيث على حراسة منجزه المهدد بأي لحظة تصعيد في الحديدة، التي تمثل المحور الأهم في أجندته خلال الجولات المكوكية بين صنعاء والرياض وغيرهما، إلى جانب ملف الأسرى. لكن في المقابل، يتساءل اليمنيون عما إذا كان انحصار جهود الحل في هذه الأطر، يخدم خطة سلام شاملة، أم أنه فقط يمنح فرصة لترتيب الصفوف ورفض التنازلات السياسية التي تفضي إلى عودة التصعيد. إن اليمن يحتاج إلى اتفاق سياسي شامل، وليس إلى تجزئة القضية، على النحو الذي يطيل أمد معاناة اليمنيين، أو يرسخ حالة التقسيم في الأمر الواقع، وكلها تضع مزيداً من العقبات أمام السلام.

المساهمون