البلاد الغريبة، الجديدة على المُسافِر، البعيدة، نسبياً، عن المكان الذي ولدنا فيه، والشاردة في دورة حياة مختلفة عن دورتنا الحياتية. البلاد المختلفة، في المأكل، والمشرب، في الصباحات، والمساءات، في الأرصفة والطرق، في السماء والطقس. البلاد وناسها، بوجوههم غير المألوفة، وعاداتهم المحدّدة، وعلاقاتهم المغايرة.
البلاد الغريبة، بأسعار وجباتها، وملابس سكّانها، بوجباتها، ومطبخها، وخضارها، وفواكهها. ببهاراتها وحلوياتها، بنظرات نسائها وتصرّفات رجالها، بسياراتها، بحمّاماتها، وغرابة غرفها. البلاد تلك، البعيدة، بتوقيتها، وساعاتها، بتقسيم نهاراتها، بعمّالها وموظّفيها، ومشرّديها والعاطلين عن العمل فيها.
اقرأ أيضاً: مأكولات السفر.. حيَلٌ بسيطة للتوفير
البلاد الغريبة، بنشرات أخبارها، بصور أطفالها، بجرائمها، بهمومها وأزماتها. بمدارسها وجامعاتها، بعلومها وكتّابها، وفنانيها ومواهبها، بجمال حدائقها وفوضى الخطر في زواريبها. البلاد الغريبة، بمتاحفها وتاريخها، بفخرها وبما يخجلها، بمسارحها وصالات السينما فيها، بحاناتها وسهراتها، بسياسييها وهفواتهم، وإعلامييها وعاداتهم...
البلاد تلك، في كلّ لحظة، وكلّ تفصيل، وكلّ شاردة وواردة، لا تنفكّ تذكّرك بأصلكَ، وبكلّ تلك التفاصيل في بلادك. هي لعنة المقارنة، تلاحق المُسافِر، وتجعله أسير الصورة المقسومة إلى نصفين، والحدود الوهمية، والـ"بينَ بينْ". كما لو أنّ السفر هو إقامة في المقارنة.
اقرأ أيضاً: سبع حِيَل لتحجزوا الرحلات الجويّة "الأرخص" في العالم