السعودية.. 1.2 مليون باحث عن السكن

23 أكتوبر 2016
مشروع سكني في الرياض (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

 

 

تعهدت وزارة الإسكان السعودية بإنهاء قوائم انتظار تضم 1.2 مليون مواطن يرغبون في الحصول على مسكن، مشيرة إلى أن ذلك سيتم في غضون سبع سنوات بدلا من 15 سنة، فيما شكك خبراء عقاريون في قدرة برامج الوزارة على إنهاء الأزمة المستمرة.

وبحسب تصريحات صحافية الأسبوع الماضي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان، محمد الغنيم، فإن الوزارة ستنهي قوائم الانتظار من خلال حلول تمويلية مبتكرة، لرفع نسبة تملك السكن في المملكة إلى 52%.

ويبدو الطرح الحكومي لإنهاء أزمة السكن من خلال برامج تمويلية، محفوفا بالمخاطر، وفق خبراء عقاريين، في ظل تذبذب أسعار العقارات والانخفاض المتوقع أن تشهده خلال الفترة المقبلة، ما يجعل المشترين من خلال قروض عقارية يتوقفون عن سداد القروض وينذر بأزمة رهن عقاري في المملكة.

وبعد مرور أكثر من ست سنوات على إنشاء وزارة الإسكان في السعودية، وتعاقب ثلاثة وزراء عليها، وتقديمها لخمسة برامج سكنية، إلا أن أياً من هذه الخطط لم تفلح في إنهاء أزمة السكن، رغم وجود نحو 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) في أرصدة الوزارة، وفق البيانات الرسمية.

وتتوقع وزارة الإسكان تسلم عدة مشاريع سكنية في جدة (على ساحل البحر الأحمر غرب المملكة) والقطيف (شرق) والعاصمة الرياض والأحساء (شرق) خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

غير أن خبراء عقاريين أبدو شكوكا حول قدرة الوزارة في الإيفاء بتعهداتها، خاصة بعد إعلان الوزارة تغيير بعض شروط برنامج "أرض وقرض"، المخصص لمستحقي الدعم السكني، ولجوئها للمصارف التجارية لتمويل القروض، على الرغم من معاناة القطاع المصرفي من نقص في السيولة، ما دفع مؤسسة النقد العربي السعودية (المصرف المركزي) نهاية سبتمبر/أيلول الماضي إلى ضخ نحو 20 مليار ريال ( 5.3 مليارات دولار) في المصارف بشكل عاجل لتوفير السيولة اللازمة.

يقول علي الكاشف، المثمن العقاري، إن "وزارة الإسكان فشلت في تسويق مشروع (أرض وقرض) لأكثر من 2242 مستحقاً للسكن في الرياض، وتأخر صرف القروض لهم، على الرغم من مرور أكثر من ثمانية أشهر على الإعلان عن الأسماء، ما يجعل هناك شكوكا حول قدرتها على إنهاء قوائم الانتظار الكبيرة للراغبين في السكن".

ويضيف الكاشف، في تصريح إلى "العربي الجديد"، "لم يتجاوز عدد المنازل المبنية أكثر من عشرة آلاف منزل في ست سنوات، فكيف نتوقع أن تنهي الوزارة قوائم الانتظار التي تضم 1.2 مليون اسم في سبع سنوات فقط؟ نتمنى ذلك ولكنه غير واقعي، فمعظم قرارات الوزارة لم يكن لها تأثير حقيقي، بل بعضها ذهب لطمأنة العقاريين".

ويشير إلى أن وزارة الإسكان هي المسؤولة عن أزمة السكن في البلاد البالغ مساحتها 2.25 مليون كيلومتر مربع، بسبب عدم وضوح رؤيتها، وإطلاقها لبرامج لا تحقق الهدف منها.

ويتابع: "ما تزال خطط وزارة الإسكان غير واضحة، وتنتقل من منتج لآخر دون دراسة كافية ما أدى إلى وجود خلل".

ويقول " عندما أعلنت عن القرض المعجل كان هناك تفاؤل كبير بشأنه، ولكن ما حدث هو أن الوزارة صدمت المنتظرين بتأكيدها على أن القرض موجه فقط لشراء منزل جاهز وليس للبناء، كما أن المصرف الذي تعاقدت معه لتقديم التمويل اشترط تأمين 30% من قيمة المسكن، لحماية نفسه من خطر هبوط قيمة المنزل لاحقا، أي أن على مستحق السكن توفير حوالي 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) نقداً، وهذا أضاع أي فرصة للاستفادة من البرنامج".

ويعاني السعوديون من أزمة سكن منذ عقود، وتؤكد إحصاءات محلية أن نسبة كبيرة من السعوديين لا يملكون مسكناً، وأن نحو 30 % من الذين يملكون منازل يقطنون مساكن غير لائقة.

ويقول فهد الزيد، الخبير العقاري، إن وزارة الإسكان تفتقد للرؤية الواضحة، فهي على الرغم من امتلاكها للمال وللأراضي إلا أنها لا تفعل شيء.

ويوضح، في تصريح إلى "العربي الجديد"، "استرجعت الوزارة أراضي تقدر بحوالى 3750 كيلومتراً مربعاً، ولديها نحو 250 مليار ريال، ولكنها لا تبني المنازل كما هو دورها الحقيقي، وحتى قروض صندوق التنمية العقاري تم إيقافها منذ 16 شهراً ولا أحد يعرف متى ستعود مجدداً".

وتسبب توقف الصندوق عن الإقراض، في نشوب أزمة كبيرة في السوق، خاصة لمن حصل على دفعات أولى وبدأ في البناء، ثم توقف لعدم حصوله على بقية القرض.

لكن مسؤولاً كبيراً في الصندوق برر في تصريحات سابقة إلى "العربي الجديد"، التوقف عن الإقراض طيلة 16 شهراً بتأخر المواطنين في سداد مبالغ أقساط مستحقة، ما انعكس بشكل سلبي على من هم على قوائم الانتظار.

ويقول الخبير العقاري الزيد "تركز الوزارة على برامج غير فعالة، فلا يوجد مبرر لحرصها على إشراك المصارف في عملها عن طريق تسهيل الحصول على قروض، وسط تضخم السوق العقارية بشكل غير طبيعي، بينما تُهمل المستحقين الحقيقيين للدعم الذين لا يجدون منزلا يؤويهم".

ويضيف "الاستمرار في النهج الحالي سيخلق أزمة رهن عقاري حادة في البلاد، في حال انخفضت العقارات عن قيمتها الحالية".

ويتابع "الوزارة تروج لبرامج إقراض عن طريق المصارف، غير أن تراجع أسعار العقارات بات متسارعا، الأمر الذي يجعل من يشتري منزلا اليوم سيجد أن قيمته انخفضت بحوالي 50% بعد نحو عامين فقط، مما يعني أنه سيرفض الاستمرار في الدفع، وسيكون من مصلحته ترك المنزل وشراء آخر بسعر أقل، وهذا سيخلق أزمة رهن كبيرة".

ويتخوف الخبراء من أن تمضي وزارة الإسكان قدماً في شروطها الجديدة التي ستؤدي لاستبعاد ذوي الدخل المنخفض من قوائمها، بعد أن كشفت مصادر داخل الوزارة لـ"العربي الجديد"، أن التعديلات الجديدة ستؤدي إلى استبعاد حوالى 450 ألف مواطن من الدعم السكني لعدم انطباق الشروط عليهم.

وتضيف المصادر: "بحسب بيانات صندوق التنمية العقاري، فإن 240 ألف متقدم تقل رواتبهم عن ستة آلاف ريال، ومثلهم تجاوز الأربعين من العمر، هذا يعني أن برامج الوزارة ستكون موجهة للأغنياء فقط".

ووفق الشروط الجديدة سيكون على المقترض سداد كامل قيمة القرض قبل وصوله إلى سن 65 عاماً، على أن يكون أقصى مدة سداد 25 عاماً، بشرط ألا يتجاوز القرض طوال مدة الاستحقاق 33% من إجمالي الراتب الشهري للمفترض، وهي شروط يراها الزيد غير منطقية، ولا تنطبق على ذوي الدخول المنخفضة الذين هم أكثر استحقاقا للدعم.

كان وزير الإسكان، ماجد الحقيل، أعلن في مايو/أيار الماضي، أن وزارته تسعى إلى إنشاء ما يصل إلى مليون ونصف المليون وحدة سكنية خلال السنوات الأربع المقبلة، مشيرا إلى أن ذلك سيلبي احتياجات الكثير من الشباب الباحثين عن السكن.