مسيرة نسائية في مكة بمناسبة اليوم العالمي للتطوع.. والسلطات تحاول التحكم بالحراك

05 ديسمبر 2019
تشجيع المرأة على الظهور في المجال العام (Getty)
+ الخط -
تُشرف إمارة منطقة مكة المكرمة، وأمانة العاصمة المقدسة، وهي جهات حكومية رسمية سعودية، على مسيرة نسائية تطوعية اليوم الخميس، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، في تطور مهم ولافت للسماح للمرأة بالظهور في المجال العام. 

وتشقّ المسيرة النسائية شارع نائب الحرم بحي الحمراء بمكة المكرمة، وهو أحد أهم الشوارع في المدينة المقدسة، بحسب صحيفة "سبق" التابعة للحكومة.

ويرى نشطاء سعوديون، أنّ السلطات تحاول من خلال هذه المسيرات، السيطرة على المجال العام الخاص بالمرأة وتوجيهه كيفما أرادت، وتشجيع المرأة على النزول للشارع أكثر فأكثر استجابة لسياسات ولي العهد محمد بن سلمان والتي تصنف بأنها أكثر تسامحًا وتقبلًا للمرأة.

وسبق للسلطات السعودية أن قامت في إبريل/ نيسان عام 2018 بتنظيم عدة ماراثونات رياضية خاصة بالنساء شرق وغرب البلاد، كما سمحت لهن بحضور مباريات كرة القدم لأول مرة في تاريخ البلاد.

كما بدأ قرار السماح للمرأة بقيادة السيارات، بعد منع استمر لعقود في يونيو/ حزيران عام 2018، ثم قررت السلطات السماح للمرأة السعودية بالسفر بدون إذن ولي الأمر، لكن ناشطة نسوية سعودية تعيش في العاصمة البريطانية لندن قالت لـ "العربي الجديد": "إن المرأة حققت تقدماً جيداً في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، لكن ما فائدة ذلك وهناك العشرات من الناشطات محتجزات ويتعرضن للتعذيب والتهديد بالاغتصاب في ظل مملكة الخوف التي حرص ولي العهد على بنائها".

وتضيف الناشطة التي فضلت عدم الكشف عن اسمها خوفاً على عائلتها: "ستواصل السلطات تنظيم المسيرات والماراثونات، وسيتم الزجّ بالنساء أكثر فأكثر في الساحات والميادين، وستقوم السلطات بوقف شروط اللباس (لبس العباءة والحجاب)، لكن كل هذا سيكون وفق ما تشتهيه السلطة، لا وفق ما تريده النساء".

وبسؤالها عما تريده النساء قالت: "نريد حرية التعبير، والإفراج عن المعتقلات اللاتي قاتلن لسنوات من أجل الحقوق التي سمحت السلطات ببعضها، إنه أمر متناقض أن تسجن فتاة مثل لجين الهذلول لأنها طالبت بقيادة المرأة ثم تسمح بقيادة المرأة في الوقت نفسه!".

وبات من الملاحظ وجود نساء في الساحات العامة والميادين في جميع المدن السعودية تقريباً، وهو أمر لم يكن ممكناً قبل عدة أعوام فقط، حينما كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجوب شوارع البلاد للتأكد من عدم وجود امرأة تخالف النظرة السعودية المتشددة للدين في لباسها، وهو ما سبب توترات كبيرة وإحجاماً من النساء عن الظهور في الشوارع والأسواق آنذاك.

لكن الأمر بات مختلفاً اليوم، إذ تقول ناشطة من الداخل السعودي، سبق لها أن عملت في تدشين حملات نسوية متعددة على شبكة الإنترنت وأشهرها (حملة إسقاط الولاية عن المرأة السعودية) لـ "العربي الجديد": السلطات السعودية تقوم بحثّ عدد من النسويات المحسوبات عليها، واللاتي يأخذن التوجيهات منها، بالنزول إلى الشوارع بدون حجاب أو عباءة وذلك في محاولة لترسيخ هذا السلوك في المجتمع السعودي".

وتضيف الناشطة التي رفضت الكشف عن اسمها: "حرية اللباس أمر ضروري بالتأكيد وأنا أسانده 100 في المائة، لكن السلطات تريد كل شيء وفق ضوابطها ومزاجها وقراراتها".

ودعت السلطات السعودية، والجهات السياحية، العشرات من المدونين والمدونات الأجانب، والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي ودفعت لهم مبالغ مالية مقابل المشي في شوارع العاصمة الرياض، وزيارة الأماكن السياحية، في محاولة لجذب السياح.

واشتملت الدعوات على تأكيدات بالسماح للنساء بعدم لبس العباءة والحجاب، شريطة ألا يكون اللباس فاضحاً، وهو ما يعد أمراً جديداً على البلاد التي اشتهرت بمحافظتها.

 

 


ورغم الانفتاح الكبير الذي عاشته المرأة السعودية خلال عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن الناشطات النسويات تعرضن لحملات ملاحقة شديدة، إذ اعتقلت السلطات الناشطة لجين الهذلول ونوف عبد العزيز، إضافة إلى الأكاديميتين إيمان النفجان وعزيزة اليوسف اللتين أفرج عنهما في ما بعد ومنعتا من شغل أي وظائف عامة مستقبلاً.

وتعرضت لجين الهذلول لعمليات تعذيب ممنهجة تحت إشراف المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني، وفق ما أكدت عائلتها في جلسة استماع في الكونغرس الأميركي، إذ تتهم السلطات السعودية الهذلول بالخروج عن "الثوابت العامة" والتخابر مع جهات خارجية وذلك بسبب إنشائها مؤسسة لحماية وإيواء المعنفات، في الوقت الذي ترفض السلطات إنشاء أي مؤسسة لا تتبع الحكومة السعودية وتأتمر بقراراتها.

 

المساهمون