السعودية تلاحق "الاقتصاد الخفي" للحد من تهريب الأموال

29 مارس 2017
محاولات للحد من التهرب الضريبي (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت المملكة العربية السعودية حملة واسعة لمكافحة ما أسمته بالتستر التجاري، في إطار إجراءات للحد من التحويلات المالية للخارج، وزيادة معدلات تشغيل السعوديين في الأنشطة التجارية للمملكة. 

وتشير التقديرات إلى أن نحو 90% من محلات التجزئة التجارية في السعودية تدار بنظام التستر التجاري، حيث يقوم أفراد ومستثمرون صغار من الوافدين الأجانب، بتشغيل المحلات بعد الاتفاق مع مواطن سعودي على حصوله على مبلغ شهري أو نسبة من أرباح المشروع مقابل استصدار التراخيص من قبل الجهات الحكومية باسمه.

وجاء تحرك الحكومة للحد من هذه الظاهرة، متزامناً مع قرار مجلس الشورى في دورته الحالية، بإعادة فتح ملف "الاقتصاد الخفي"، بعد أن رفضه في الدورة السابقة، لتقوم اللجنة الاقتصادية بالمجلس بدراسته حالياً، بهدف إدخال تعديلات عليه، تمهيداً لرفعه للمجلس ومناقشته، فيما قدرت دراسة متخصصة في عام 2010، خسائر هذا النوع من الاقتصاد بنحو 152 مليار دولار.

وينص نظام مكافحة التستر التجاري في السعودية، على أنه لا يجوز لغير السعودي أن يمارس أو يستثمر في أي نشاط غير مرخص له ممارسته أو الاستثمار فيه.

وفي الأسبوع الماضي، أقرت وزارة التجارة والاستثمار، ستة إجراءات ضمن مبادرة لمكافحة التستر التجاري، الذي أشارت إلى أنه يساهم في رفع مستوى البطالة وانتشار الغش التجاري.

وترتكز المبادرة على مراقبة مصادر الأموال، من خلال فرض فتح حسابات بنكية للمنشأة التجارية وضرورة التعامل بالفواتير، مما يقلل من الحوالات الخارجية، وتوفير معلومات دقيقة عن الممارسات التجارية المخالفة ومعالجتها، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية في مكافحة التستر التجاري، وتوطين الوظائف.

كما تتضمن المبادرة، العمل على تطوير وتحديث البنية التحتية للقطاعات، وإنشاء آلية للتمويل والحوافز لتطوير تجارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة.

وبحسب الوزارة سيتم العمل في مكافحة التستر التجاري على عدة مراحل، تبدأ بقطاع التجزئة ثم المقاولات، كون هذين القطاعين يشكلان النسبة الأعلى من حالات التستر التجاري.

وشنت وزارة التجارة حملة شملت منشآت تجارة مواد البناء والتشييد، والذهب والمجوهرات، والاتصالات وتقنية المعلومات، وحذرت كافة الشركات والمؤسسات والأفراد من التعاون مع المخالفين للأنظمة في السعودية، وهو ما يعرضهم للمساءلة القانونية والعقوبات.

وأعلنت الوزارة مؤخراً أنها حولت 450 قضية مخالفة لنظام مكافحة التستر التجاري إلى هيئة التحقيق والادعاء العام خلال العام الماضي 2016، مشيرة إلى أن عقوبة المخالفة تصل إلى السجن لمدة سنتين وغرامة مالية تصل إلى مليون ريال للمخالف الواحد وإبعاد غير السعوديين عن المملكة، فضلاً عن التشهير بالمخالفين في الصحف المحلية.

وقال ربيع سندي، الخبير الاقتصادي، إن المملكة تخسر مليارات الدولارات جراء انتشار أنشطة التستر التجاري، حيث يجري تحويل هذه الأموال إلى الخارج.

وأضاف سندي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "لا أعتقد أن السيطرة على التستر التجاري صعبة، خاصة إذا ما تم الحد من التعامل النقدي من قبل المنشآت، لأن هذا يعني أن الأموال ستدخل في حساب مصرفي يمكن مراقبته".

وأشار إلى ضرورة سن تشريعات جديدة أكثر صرامة، تتضمن تشديد العقوبات للقضاء على الاقتصاد الخفي، مضيفاً: "بلا مبالغة 90% من محلات التجزئة تدار بنظام التستر التجاري، ويمكن للوزارة من خلال حملة شاملة أن تضبط آلاف القضايا، فالعدد الذي تم الإعلان عنه قليل جداً، ولا يمثل حجم المشكلة الحقيقية".

وبلغت تحويلات الأجانب المقيمين في السعودية 138.4 مليار ريال (36.9 مليار دولار) في الفترة بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2016، بانخفاض نسبته 4% عن الفترة المماثلة من عام 2015.

وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أعلنت في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، عن آلية جديدة تتعلق باستقدام العمالة الوافدة، بهدف توفير فرص عمل للمواطنين، وذلك بعد أيام من إعلان الوزارة أنها ستعمل على خفض سيطرة الأجانب على ما وصفته بـ"الوظائف الحرجة"، عبر رفع نسب توطين السعوديين في العمل.

وتستهدف السعودية خفض معدل البطالة إلى 9% بحلول عام 2020، بينما وصل في الربع الثالث من 2016، إلى 12.1%.

وقال فهد بن جمعة، عضو مجلس الشورى، إن المجلس أعاد ملف "الاقتصاد الخفي" إلى أعماله لمكافحة الأموال غير المشروعة وملاحقة المتهربين من دفع الزكاة، مشيراً إلى أن التقديرات فاقت متوسط التقديرات السابقة.

وأضاف بن جمعة لـ"العربي الجديد" أن دراسة متخصصة أشارت إلى أن الخسائر التي تكبدتها المملكة جراء التهرب الضريبي وصلت عام 2010 إلى 942 مليار ريال (251 مليار دولار).
المساهمون